«الثنائي المسيحي» يختبر تحالفه في انتخابات جبل لبنان البلدية

توافق «عوني ـ قواتي» في معظم المناطق والمواجهة الأبرز بينهما في جونية

أحد المشرفين على مركز انتخابي في بيروت يحصي الأصوات في أعقاب إقفال الصناديق (رويترز)
أحد المشرفين على مركز انتخابي في بيروت يحصي الأصوات في أعقاب إقفال الصناديق (رويترز)
TT

«الثنائي المسيحي» يختبر تحالفه في انتخابات جبل لبنان البلدية

أحد المشرفين على مركز انتخابي في بيروت يحصي الأصوات في أعقاب إقفال الصناديق (رويترز)
أحد المشرفين على مركز انتخابي في بيروت يحصي الأصوات في أعقاب إقفال الصناديق (رويترز)

تشكل الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان، في وسط لبنان، والتي تنطلق اليوم الأحد محطة ثانية وأساسية لاختبار مدى نجاح تحالف الثنائي المسيحي «حزب القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الجديد، على صعيد هذا الاستحقاق وما سيليه من استحقاقات، أولها الانتخابات النيابية التي من المفترض أن تنجز في العام المقبل. وفي وقت بدا واضحا حجم الجهود التي بذلت من قبل الطرفين لتكريس هذا التوافق بلديًا في الأقضية الستة وبلداتها، لا ينفي مصدر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» صعوبة المهمة بعد سنوات «العداء» الطويلة بين الطرفين، ولا سيما على مستوى القاعدة الشعبية، مؤكدا في الوقت عينه أن ما أنجز من تشكيل لوائح توافقية بين الطرفين في معظم المناطق «يثبت حتى الآن نجاح التجربة التي سترسخها أيضا صناديق الاقتراع يوم الانتخابات، على أن يكون التحدي الأكبر فيما بعد على صعيد العمل الإنمائي المشترك».
وفي هذا الإطار، شدد القيادي في «التيار الوطني الحر»، الوزير السابق ماريو عون، على نجاح «تحالف الثنائي» مع احترام بعض الخصوصيات في بعض القرى. وأضاف عون لـ«الشرق الأوسط» مفصلاً: «في معظم البلديات نقود المعركة بالتكامل والتضامن، وهذا ما سينعكس إيجابا على صعيد ارتفاع نسبة المشاركة من المسيحيين في جبل لبنان، على عكس بيروت والبقاع، وتحرير الانتخابات البلدية التي كان يفرض لوائحها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط»، بحسب قوله. في المقابل، لا يستبعد عون أن يحصل «خلط أوراق» في اللوائح، في المناطق التي لم تشهد تحالفا بين الثنائي «نتيجة عدم وجود قرار حزبي صارم في هذا الإطار، وترك الحرية للناخبين، لا سيما في جونية وسن الفيل والحدث والدامور، حيث تتدخل العائلات والانتماءات الحزبية للمرشحين، حتى في اللوائح المتنافسة».
ويختصر جان خشان، رئيس جهاز الانتخابات في «القوات» «تحالف الثنائي» في معظم مناطق أقضية جبل لبنان باستثناء تلك التي تأخذ طابعا عائليا، على النحو التالي، نحو 70 في المائة في كسروان، و50 في المائة في المتن، و80 في المائة في جبيل، و50 في المائة في الشوف.
ويوضح خريطة الانتخابات، وخصوصا تلك التي اجتمع وافترق فيها «التيار والقوات»، رافضا القول إن هناك معارك انتخابية بين الطرفين، واعتبر خشان أن «تعثّر التوافق في بعض المناطق لا يعني المواجهة أو المعركة، إنما منافسة ديمقراطية، تُترك خلالها الحرية للناخب (القواتي) و(العوني) ليختار من يراه مناسبا، على غرار ما يحصل في منطقة جونية، عاصمة كسروان».
وفي حين يعتبر خشان أن معركة جونية «منافسة ديمقراطية» بعد تعذّر التوافق، إلا أنها حقيقة توصف بـأنها «أم المعارك» في جبل لبنان، حيث اجتمع «التيار» و«حزب الكتائب» و«حزب الوطنيين الأحرار» لدعم لائحة «كرامة جونية» التي يرأسها جوان حبيش، بينما تقف «القوات» إلى جانب لائحة «جونية التجدد ومسيرة عطاء» المنافسة المدعومة من آل أفرام، والنائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن، وهو ما أشار إليه خشان بالقول: «تعليمات القوات لجمهورها حرية الاختيار، مع العلم أن من بين المرشحين المحسوبين عليها هم على لائحة (التجدد والعطاء)، ما يعكس محاولة القوات عدم إعطاء طابع المعركة في وجه (حليفه الجديد) وبالتالي عدم التأثير سلبا على تحالفه في المناطق الأخرى»، وفي قضاء كسروان أيضا، حيث يشير خشان إلى أن تحالف الثنائي المسيحي يخوض معظم المعارك في خندق واحد، باستثناء تلك التي تتخذ طابعا عائليا. تشهد بلدة غوسطا مواجهة حادة أيضا، إنما هذه المرة بين لائحة «كلنا غوسطا» برئاسة الدكتور أندريه قزيلي المدعومة «القوات – عون» من جهة، ولائحة «غوسطا العلية» برئاسة رئيس البلدية الحالي زياد الشلفون المدعومة من «حزب الكتائب» والنائب والوزير السابق فريد هيكل الخازن من جهة أخرى.
وفي قضاء جبيل نجح التحالف المسيحي في التوصل إلى توافق في كثير من المناطق باستثناء مدينة جبيل، عاصمة القضاء، حيث أخذت «القوات» موقفًا داعمًا لرئيس البلدية الحالي زياد حواط، فيما قرر «التيار» الوقوف على الحياد، وهو الأمر الذي جعل المعركة شبه محسومة لصالح هذه اللائحة في غياب أي منافسة قوية لها.
أما في ضاحية سن الفيل، في قضاء المتن، وعلى رغم التفاهم العوني – القواتي الرسمي على دعم لائحة «سن الفيل تجمعنا» التي يرأسها رئيس ديوان نقابة المحامين جوزيف شاوول في مواجهة مرشح حزب الكتائب، تشير المعلومات إلى انقسام في صفوف التيار في هذا الإطار، وهو ما لا ينفيه مسؤولون في «التيار» بحيث من المتوقع أن يصب عدد من أصوات المناصرين لصالح اللائحة التي يترأسها رئيس البلدية الحالي نبيل كحالة. والأمر نفسه ينسحب على بلدة جل الديب، حيث ينقسم موقف «التيار» بين الداعم لقرار التوافق مع «القوات» وبين الرافض له، انطلاقا من موقف النائب نبيل نقولا الداعم للائحة المنافسة، بحسب ما يقول خشان.
وفي ضاحية الحدث، إحدى أبرز بلدات قضاء بعبدا، حيث يتداخل «الحزبي» بـ«العائلي»، يتوقع أن تشهد الضاحية الواقعة جنوب شرقي بيروت معركة انتخابية، بعد فشل التوافق بين الثنائي المسيحي. وهنا يقول خشان: «معايير عدة دخلت على خط المفاوضات وحالت دون إمكانية التوافق، وبالتالي نترك اليوم الحرية للناخبين لاختيار من يرونه مناسبا». وتتنافس في الحدث لائحة رئيس البلدية السابق أنطوان كرم مدعومة من «القوات» و«الكتائب» واللائحة التي يرأسها رئيس البلدية الحالي جورج عون، مدعوما من «التيار»، علما بأن بين المرشحين في اللائحة الأولى شخصيات محسوبة على «التيار».
وبالانتقال إلى قضاء عالية وقضاء الشوف، أخذ التحالف المسيحي بين الثنائي طريقه في معظم المناطق، ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات في بلدة دير القمر، مواجهة حادة، بين اللائحة التي يدعمها «الثنائي» في مواجهة لائحة مدعومة من رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون - وهو من دير القمر - إلى جانب «الحزب التقدمي الاشتراكي» والوزير السابق ناجي البستاني، وهو ما رد عليه شمعون بالقول: «أرادوا في دير القمر قطع رأس دوري شمعون؛ لأنه يملك شعبية تقف عثرة بوجه مشروعهم للسيطرة».
ويوم أمس، تابع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الاستعدادات الإدارية والأمنية واللوجستية «لضمان توفير أفضل الشروط لإتمام المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية».
وأوضحت الوزارة في بيان أن 834768 ناخبا وناخبة، قد يشاركون في الانتخابات في محافظة جبل لبنان، ودعت المرشحين إلى التزام القوانين التي ترعى الانتخابات، كما طلبت من قوى الأمن الداخلي التشدد في مكافحة أي رشوة انتخابية، ومن المحافظ والقائمقامين تسهيل مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في عملية الاقتراع.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.