سوريا: خسائر كبيرة لـ«فيلق القدس» في خان طومان وسط تستر طهران

الحرس الثوري يطالب الإيرانيين بالهدوء بعد سقوط عدد كبير من قواته في جبهة حلب

صورة جوية لحظة انفجار طال غرفة عمليات الحرس الثوري في خان طومان (يوتيوب، الشرق الأوسط)
صورة جوية لحظة انفجار طال غرفة عمليات الحرس الثوري في خان طومان (يوتيوب، الشرق الأوسط)
TT
20

سوريا: خسائر كبيرة لـ«فيلق القدس» في خان طومان وسط تستر طهران

صورة جوية لحظة انفجار طال غرفة عمليات الحرس الثوري في خان طومان (يوتيوب، الشرق الأوسط)
صورة جوية لحظة انفجار طال غرفة عمليات الحرس الثوري في خان طومان (يوتيوب، الشرق الأوسط)

كشفت مصادر إيرانية مطلعة عن مقتل 50 من عناصر «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني على الأقل، خلال معارك خان طومان، جنوب مدينة حلب في شمال سوريا، بين يومي الخميس والجمعة. وأصدر مركز قيادة الحرس الثوري في محافظة مازندران، بشمال إيران، بيانا دعا فيه الإيرانيين إلى الهدوء، وتحدث فيه عن مقتل عناصر من عناصره في معارك عنيفة ببلدة خان طومان دون أن يذكر العدد الحقيقي للخسائر. وأوضح البيان أن عناصر «فيلق القدس» قضوا خلال «حرب بالوكالة تشن ضد إيران».
من جانب آخر، ذكرت صحيفة «جام جم» التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، نقلاً عن مصادر في الحرس الثوري، مقتل عدد كبير من القوات الإيرانية في جبهة حلب. وحسب المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام إيرانية، فإن عدد القتلى «يقدر بالعشرات». وبدوره، أفاد موقع «فردا نيوز»، المقرّب من جماعات الحرس الثوري المتشددة، أن عدد قتلى القوات الإيرانية والأفغانية تجاوز 80 عنصرًا. إلا أنه في الوقت نفسه، ذكر أن هناك عناصر من حزب الله اللبناني بين القتلى. ونقلا عن مصادر إيرانية وجّه الموقع اتهامات إلى تركيا بتقديمها دعمًا لوجيستيًا واستخباراتيًا في الهجوم على القوات الإيرانية.
حتى الآن لم يصدر أي تصريح من الجيش الإيراني بشأن قواته بعد أيام من تأكيد وكالة «مهر» الحكومية وجود «القوات الخاصة» من «اللواء 65» في مهمة قالت إنها «استشارية» في خان طومان. وفي السياق نفسه، نشرت وكالات ومواقع إيرانية صورة ضوئية من محادثة عنصر إيراني عبر «واتساب» يفيد بمحاصرة 83 من المقاتلين الإيرانيين «لا يستطيعون التحرك من مكانهم». وحسب الصورة يطالب مقاتلاً إيرانيًا بتكثيف القصف المدفعي لمساعدتهم على الانسحاب، مضيفًا بأنه يفضل الموت على وقوعه أسيرًا بيد الخصوم.
في هذه الأثناء، نقلت وكالة أنباء «فارس» التابعة للحرس الثوري عن مسؤول إدارة العلاقات العامة في مركز «كربلاء» بالحرس في محافظة مازندران على الساحل الجنوبي ببحر قزوين، إن 34 من ضباط الحرس الثوري سقطوا بين قتيل وجريح في «معارك شرسة» بخان طومان. وأضاف المسؤول وفق الوكالة أن الحرس سيعلن لاحقًا موعد وصول الجثث إلى مازندران، وتأتي الإحصائية بينما طالب بيان الحرس الثوري الإيرانيين إلى تجاهل الإحصائيات التي تشير إلى عدد القتلى. ومن جهة أخرى، نفت وكالة «فارس» أسر عناصر إيرانيين في خان طومان، وادعت أن العدد الحقيقي ثلاثة أشخاص من القوات السورية بينهم أفغاني من فيلق «فاطميون».
يذكر، أنه للمرة الأولى يذكر بيان رسمي للحرس الثوري أنه يخوض «حربًا بالوكالة» في سوريا، مطالبًا الإيرانيين بألا يكترثوا بما ينشر حول الحرب ما لم تؤكد صحتها القوات المسلحة الإيرانية. ولقد وصف بيان الحرس الثوري قتلى تلك المعارك بـ«مقاتلي الخطوط المتقدمة لكربلاء»، كما اتهم قوات المعارضة السورية بـ«خرق الهدنة» في حلب، مما أدى إلى مقتل عدد كبير من «المستشارين» الإيرانيين.



«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تأكيد جديد من «حماس» على تمسكها بإبرام «صفقة شاملة»، استبق محادثاتها بالقاهرة، التي تشهد حضور وفد كبير للحركة بخلاف مرات سابقة، مع تشديد مستمر على رفض «نزع سلاحها»، في حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع.

ذلك الموقف من «حماس» يُصادف تواصل العد التنازلي لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة الشهر المقبل، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ورقة ضغط جديدة من الحركة قبل الزيارة، بهدف تحقيق أكبر المكاسب لها.

ورجحوا ألا تحدث صفقة شاملة وإنما هدنة إنسانية في أقرب وقت لدخول المساعدات بجانب أخرى مؤقتة محل نقاش، تشمل تبادل الرهائن والأسرى وتموضعاً جديداً للقوات الإسرائيلية، وليس انسحاباً، على أن يحمل الرئيس الأميركي في جعبته للعرب حلاً نهائياً للأزمة.

وأفادت حركة «حماس»، في بيان صحافي، السبت، بأن «وفد قيادة (حماس)، برئاسة محمد درويش، رئيس المجلس القيادي للحركة وباقي أعضاء المجلس خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ونزار عوض الله، بدأ لقاءات بالعاصمة المصرية القاهرة».

واللقاء الذي يحشد قيادة الحركة يبحث مع المسؤولين المصريين «رؤية حركة (حماس) لوقف وإنهاء الحرب وتبادل الأسرى على قاعدة الصفقة الشاملة، بما يتضمن الانسحاب الكامل والإعمار، وضرورة التحرك العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية وجهود تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة».

ولم تكشف الحركة عن رؤيتها بشأن الصفقة الشاملة، غير أن «الشرق الأوسط» نقلت في 22 أبريل (نيسان) الحالي عن مصدر مطلع بالحركة «تقديمها رؤية في لقاء سابق بالقاهرة الأسبوع الماضي، تتضمن 5 بنود، من ضمنها صفقة شاملة، وإتمام هدنة طويلة تصل إلى 5 سنوات، مع اشتراط ضمانات إقليمية ودولية».

وتأتي رؤية «حماس» قبل زيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض، وبعد زيارة لتركيا الأسبوع الماضي، عقب لقاء وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة»، في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)
رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)

رئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، سمير غطاس، يرى أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن هناك هدنة جديدة ستعرض على «حماس» بضمانات؛ ولكنها جزئية وليست شاملة، مع الذهاب لتنفيذ هدنة إنسانية لساعات محدودة يومياً لإدخال المساعدات للقطاع، سواء جرى التفاهم على تلك التهدئة أو لا، وسيكون ذلك بضغط أميركي على إسرائيل.

ويستغرب غطاس من إصرار «حماس» على تأخير إتمام الصفقة، موضحاً أن الحركة تعتقد أنها ستأخذ شروطاً أفضل مع العد التنازلي لزيارة ترمب، مع إدراكها أنه يريد أن تكون في ظل تهدئة بالمنطقة، محذراً من أنها ستفاجأ بأن الشروط ستكون أسوأ، وأن التأخير ليس في صالحها، في ظل تشدد أميركي إسرائيلي باستبعادها من غزة ونزع سلاحها.

ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن المطروح حالياً هدنة مؤقتة تناقش خلالها هدنة طويلة وتفكيك الحركة وسلاحها، مضيفاً: «لكن الأقرب الآن مع اقتراب وصول ترمب للمنطقة هدنة مؤقتة قبل بدء جولته، على أن يأتي بجعبته اتفاق واضح لوقف الحرب».

فيما تواصل «حماس» تمسكها بصفقة شاملة، وأكد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، طاهر النونو، السبت، أن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد في غزة، لكنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها.

وبثّت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، مشاهد فيديو لعملية قنص 3 جنود إسرائيليين في شمال قطاع غزة، غداة تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس عبر «إكس»، أن القوات الإسرائيلية تدفع «ثمناً باهظاً لنجاحاتها العسكرية» ضد الحركة في غزة.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يزال 58 محتجزين في غزة، 34 منهم قتلى، وفق الجيش الإسرائيلي، وسمحت هدنة تمَّ التوصُّل إليها واستمرَّت من 19 يناير (كانون الثاني) إلى 17 مارس (آذار) الماضيين، بعودة 33 رهينة إلى إسرائيل، من بينهم 8 قتلى، في مقابل إطلاق سراح نحو 1800 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ووفق غطاس، فإن المأمول من «حماس» يخالف الواقع، وسترفضه إسرائيل، وفي الأغلب سنذهب لهدنة محدودة مع تعهدات بمناقشات بهدنة أطول، ولكن دون انسحاب إسرائيلي كلي بل إعادة تموضع للقوات بالقطاع، مشيراً إلى أن تمسك الحركة بتلك الصفقة الشاملة محاولة للبقاء في اليوم التالي تحت أي شكل ليس إلا، دون مراعاة للظرف الحالي ولا للتغيرات بالمنطقة.

وكذلك يستبعد الرقب هدنة طويلة حالياً أو تسوية شاملة، مشيراً إلى أن الأقرب أن الصفقة نضجت وتذهب لهدنة مؤقتة سترى النور خلال أيام، بحد أقصى مطلع الشهر المقبل قبل زيارة ترمب، كما رأينا قبل تنصيبه في 20 يناير الماضي، مشيراً إلى أن الجولة ستشمل حديثاً عن وقف نهائي للحرب، وستكون الكرة في ملعب اليمين الإسرائيلي للذهاب لذلك أو العودة لنقطة الصفر مجدداً.