مخرجون يتحدثون عن أول وظائف عملوا بها قبل الشهرة

منظف مراحيض وحارس ليلي.. وعارضة أزياء

فرانك ميلر و آما أسانتي
فرانك ميلر و آما أسانتي
TT

مخرجون يتحدثون عن أول وظائف عملوا بها قبل الشهرة

فرانك ميلر و آما أسانتي
فرانك ميلر و آما أسانتي

عندما تسأل أي شخص عن أول وظيفة عمل بها في حياته تسمع كثيرًا من الإجابات المتشابهة، لكن عندما سألت «رويترز» مجموعة من أهم المخرجين في العالم عن أول وظائف، كانت بعض الإجابات فريدة من نوعها.

آما أسانتي: ممثلة
«ذهبت إلى مدرسة للمسرح في لندن وكانت أول وظيفة لي هي مقطع فيديو لأغنية فريق كالتشر كلاب (آي ويل تامبل فور يو). كان عمري 12 عامًا آنذاك، وقام بعض منا في المدرسة ومن بينهم ناعومي كامبل بتجربة أداء واختاروا أفضل 12 راقصًا».
«كان فريق كالتشر كلاب ظاهرة فنية آنذاك. أتذكر أنهم كانوا يرتدون سراويل زرقاء لامعة ويرقصون على خلفية غير حقيقية لنيويورك. ينشر هذا الفيديو على فيسبوك بين الحين والآخر، وأستعيد تلك الذكريات من جديد».
«الحقيقة أن هذا كان رائعًا ما الذي يمكن أن يكون أفضل - كوظيفة أولى - من الرقص مع فريقك المفضل.. أتذكر أنهم كانوا يدفعون لنا نحو 30 جنيهًا في اليوم، وهو ما يعادل 45 دولارًا بسعر الدولار اليوم. كان الأمر منهكًا. يوم طويل وصعب للغاية».

فرانك ميلر: حارس مبنى

«كنت في السادسة عشرة من عمري آنذاك وعملت حارسًا ليليًا في مكتب والدي بمدينة مونبلييه في فيرمونت (كندا). لسوء حظهم كان أدائي لعملي مروعًا».
«كنت أستخدم مستلزماتهم المكتبية وأقلامهم الخشبية لرسم القصص المصورة وماكينة التصوير لطبع نسخ من القصص المصورة التي كنت أرسمها كهاوٍ. كنت أضعها في ملفات وأحولها إلى كتب مصورة وكنت أبيعها في مدرستي بسعر خمسة سنتات للكتاب».
«فصلني والدي من العمل لأنني كنت مشتتًا باستمرار وأستخدم أدوات المكتب لنشر أعمالي. أعتقد أنني الموظف الوحيد الذي فصله والدي على الإطلاق».

بول فيج : عامل بمتجر لفوائض الجيش

«في صغري كان والدي يمتلك متجرًا يدعى أرك سربلاس في منطقة ماونت كليمنز بولاية ميتشيغان. لذا فمنذ سن صغيرة منذ كنت في الخامسة من عمري تقريبًا وحتى انتقلت من ديترويت، وأنا في الثامنة عشرة أجبرني والدي على العمل معه».
«كرهت كل دقيقة من هذا العمل. كنت دومًا أحصل على أسوأ المهام مثل جرد صناديق بها عشرة آلاف من البراغي. كنت أقوم أيضًا بترتيب الأشياء بشكل مستمر، لأنه كان هناك دائمًا ذلك الأحمق الذي يدخل إلى المتجر ويبعثر كل شيء ويفسد كل ما بذلته من جهد. كنت أنظف المراحيض لثلاثة عشر عامًا».
«كنت أعرف دومًا أنني أريد أن أصبح فنانًا، وفي النهاية حصلت على فرصتي الكبرى من خلال إعلان تلفزيوني عن المتجر. أرسلت محطة التلفزيون المحلي طاقمًا كان مؤلفًا ببساطة من شخص واحد يحمل كاميرا. كتبت النص له وقمت بإخراجه ولعبت دور البطولة فيه. أعتقد أنه (الإعلان) قد يكون موجودًا على الإنترنت حتى الآن. بعد ذلك اعتقدت أنني واحد من كبار المشاهير على المستوى المحلي».

ميرا ناير: عارضة

«أول ما جنيت المال كان الوقوف أمام مصممة تدعى ريتو كومار في كالكوتا. كان مقاس جسدي فيما يبدو هو ما تحتاجه بالضبط، لذا كانت وظيفتي هي الوقوف بينما تقوم شابتان إيطاليتان بالدوران حولي وتثبيت الأقمشة على جسدي».
«مقابل ذلك كنت أحصل على أجر محترم.. نحو ألف دولار في الشهر. كان هذا في عام 1974 وكنت أبلغ من العمر 17 عامًا، لذا كان هذا مبلغًا مهولاً من المال. كنت أقوم بهذا العمل لمدة خمس ساعات خلال اليوم، ثم أشارك في المسرح السياسي في الليل. كنت أعيش في عالمين مختلفين تمامًا».
«كيف أنفقت المال؟ أعتقد أنني اشتريت الكتب. في الهند خلال السبعينات ولسبب ما كانت لدينا كتب مدعمة من روسيا. كانت الأعمال الكلاسيكية الروسية لمؤلفين مثل دوستويفسكي وتشيكوف وتولستوي تباع بخمسة سنتات. كان الأمر مذهلاً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».