خطر جديد يداهم الصحة العامة في العراق

مع تراجع إجراءات الوقاية والعثور على عنكبوت الأرملة السوداء

عنكبوت الأرملة السوداء  الذي تم العثور عليه في بغداد («الشرق الأوسط»)
عنكبوت الأرملة السوداء الذي تم العثور عليه في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

خطر جديد يداهم الصحة العامة في العراق

عنكبوت الأرملة السوداء  الذي تم العثور عليه في بغداد («الشرق الأوسط»)
عنكبوت الأرملة السوداء الذي تم العثور عليه في بغداد («الشرق الأوسط»)

خطر جديد يداهم الصحة العامة في العراق مع تراجع إجراءات الرش والوقاية من الحشرات المعروفة والمجهولة المصدر، بعد أن حذر باحثون عراقيون من انتشار عنكبوت الأرملة السوداء القاتلة في بعض المدن العراقية وبينها العاصمة بغداد وتسجيل عدد من الإصابات بين المواطنين في تلك المناطق. وأشار الباحثون إلى أن لدغة تلك العناكب قاتلة إذا ما تأخر العلاج، حيث يعادل سم عنكبوت الأرملة السوداء 15 ضعفًا من خطورة سم الأفعى، فيما تقول لجان وزارة البيئة العراقية إن تلك العناكب انتشرت عبر استيراد الخضراوات من مناطق شرق آسيا وأستراليا موطن تلك العناكب.
الباحث المهندس عبد الحق إدريس أحد مكتشفي عنكبوت الأرملة السوداء في العاصمة بغداد قال في لقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «عنكبوت الأرملة السوداء شاهدته للمرة الأولى في قضاء الطارمية التابع للعاصمة بغداد عام 2011 في حديقة منزل والدي في الطارمية وفي حينها لم أقم باتخاذ أي إجراء فكنت أظن أنه شبيه للأرملة السوداء ولم أتوقع دخوله للعراق، ولكن في يوم 17 - 12 - 2012 شاهدت عنكبوتا آخر في منزلي وقمت برشه بالمبيد وأجريت البحوث اللازمة فتأكدت من كونه الأرملة السوداء. وبعدها أرسلت رسائل عبر البريد الإلكتروني لوزارة الزراعة التي أحالتني إلى عضو في لجنة متخصصة بهذا العنكبوت في كلية الزراعة. واتصلت بمركز البحوث ومتحف التاريخ الطبيعي وسلمتهم النموذج فتم تأكيد أن العنكبوت هو عنكبوت الأرملة السوداء وبتاريخ 15 - 1 - 2013 تم تزويدي بكتاب رسمي يؤيد ذلك وكتاب شكر. وبعدها بدأتُ رحلة التحذير من هذا العنكبوت فخاطبت المستشفى العام في الطارمية وقائمقامية القضاء. وطالبت باستيراد المصول المخصصة لعلاج لدغته وطلبت من البعض تفعيل التوعية والتحذير منه والمكافحة. وحاولت تفعيل دور لوزارتي الزراعة والصحة ولكن بقي الحال على ما هو عليه (لم يعرف الناس شيئا عن وجوده). ولكن للأسف لم أستشعر أي اهتمام حقيقي في جانب التحذير من العنكبوت إلا من جانب مدير مركز البحوث ومتحف التاريخ الطبيعي الذي حاول بدوره تفعيل الأمر في حينه. ولكن للأمانة العلمية تم نشر تقرير سنة 2013 حول نية وزارة الصحة استيراد المصل المعالج لهذا العنكبوت من هولندا. وبعدها قمت بإخبار المعارف والأصدقاء بالموضوع».
وأضاف إدريس «استمرت جهودي بعدها لقرابة ثلاثة أسابيع لإيصال المسألة للإعلام مع محافظتي على العنكبوت حيًا وتفاجأنا بدخول عنكبوت ذكر مع الأرملة السوداء ولاحظنا أنها التهمته لاحقًا، ثم سُجلت عدة حالات من العثور على عنكبوت الأرملة السوداء وحاليًا يوجد لدي في المنزل عنكبوت أرملة سوداء أحتفظ به حيًا لغرض التوعية والتحذير منه وعنكبوت آخر ربما من فصيلة أخرى من الأرملة السوداء أو أحمر الظهر».
أما الأستاذ عبد الجبار زيد البياتي باحث وأكاديمي من أهالي منطقة المنصور وسط العاصمة بغداد قال في لقاء لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عثرت على عنكبوت سام مع البيوض في حديقة أحد المساجد وسط منطقة سكنية وتم الإمساك به وما زال حيًا وأريد تسليمه إلى الجهات المختصة من أجل إصدار تعريف وتحذير عن مخاطره من قبل وسائل الإعلام والمفاجأة أنه لم يكن عنكبوت الأرملة السوداء بل عنكبوت الظهر الأحمر وهو من أقارب الأرملة السوداء وهو سام وخطر وسمه من سموم الأعصاب وقد يؤدي للوفاة إذا لم يعالج خصوصًا الأطفال وكبار السن وضعاف البنية إلا أن سميته أقل من الأرملة السوداء فصار لدينا صنفان من العناكب السامة».
وأضاف البياتي «هناك بعض المصادر لا تفرق بين العنكبوتين وتعتبرهم نوعًا واحدًا إلا أن الراجح أنهما نوعان مختلفان. وهما يتشابهان في الشكل مع وجود خط أحمر على ظهر كل واحد منهما إلا أن الأرملة السوداء وهي الأشد خطرًا تحتوي على علامة على البطن بلون أحمر أو أصفر أو برتقالي تشبه الساعة الرملية. هناك ضعف في الأداء الحكومي في مكافحة هذه العناكب السامة والتحذير منها، علمًا أني تواصلت مع جهات رسمية في السابق وطالبت عبرها وزارة الصحة باستيراد مصول علاجية واتصلت بجهات تابعة لوزارة الزراعة ولكن دون جدوى، ربما هناك أياد خبيثة وراء ظهور هذا العنكبوت، وجلبته للعراق».
الوكيل الفني لوزارة البيئة العراقية الدكتور جاسم الفلاحي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الفترة التي أعقبت العام 2003 انتشرت خلالها الكثير من الآفات الزراعية والحشرات في الحقول والمزارع بعد انعدام مكافحة الأمراض والآفات الزراعية وعدم اهتمام وزارة الزراعة بشأن المكافحة الموسمية للمزارع والبساتين وانعدام فعالية الطيران الزراعي في المكافحة، مما تسبب بغزو تلك الحشرات إلى المدن، وتسببت في لدغ المواطنين وانتشار الأمراض بينهم ومن بين تلك الحشرات عنكبوت الأرملة السوداء الذي تم تسجيل إصابات في الكثير من المناطق والمدن العراقية بينها محافظات ديالى وصلاح الدين والعاصمة بغداد».
وأضاف الفلاحي «عنكبوت الأرملة السوداء يحمل سما نادرا ما يقتل البشر الأصحاء ولكن هناك من يقلل من هذا الخطر القاتل، العنكبوت معروف جيدا بلونه المميز أسود وأحمر، وأطلق عليه تسمية الأرملة السوداء كون الإناث من العناكب تأكل الذكور بعد عملية التزاوج. ومواطن هذا النوع من العناكب السامة هو أميركا الشمالية وشرق آسيا، وتتميز أنثى عنكبوت الأرملة السوداء الناضجة، باللون الأسود اللامع، مع وسم أحمر في شكل الساعة الرملية على البطن، وهناك الكثير من الاختلاف في حجم الإناث، ولا سيما في الإناث الحاملة للبيض، حيث يكون بطن الأنثى الحاملة صغار عنكبوت الأرملة».
وطالب الفلاحي من فرق رش المبيدات في وزارة الزراعة العراقية بالعمل فورًا من أجل مكافحة هذه الحشرات القاتلة والتعاون مع وزارة الصحة والبيئة من أجل القضاء على مثل هذه المخاطر التي تستهدف أرواح المواطنين».
أحد المصابين بلدغة عنكبوت الأرملة السوداء قال لـ«الشرق الأوسط» لقد تعرضت للدغة عنكبوت في قدمي اليسرى ولم أهتم حينها بعدما تسببت فقط بحكة خفيفة ثم بدأت قدمي تتورم وارتفعت حرارة جسمي ثم ذهبت في اليوم الثاني إلى الطبيب الذي أكد لي بأني تعرضت إلى لدغة العنكبوت السام وأن هذا السم قاتل، وتم علاجي بعدد كبير من الإبر والمضادات الحيوية لمدة 10 أيام كنت خلالها عاجزا كليًا عن السير على قدمي المصابة مع ألم في كل جسدي، حتى أخذت المنطقة التي تعرضت للدغ بالتورم وخرجت منها تقرحات ثم تعافيت بعد أن انتهت مدة العلاج والحمد لله».
من جانبها نفت وزارة الصحة والبيئة وجود إصابات بلدغة عنكبوت الأرملة السوداء، داعية المواطنين إلى إبلاغ الجهات المختصة في حالة ملاحظة انتشار تلك العناكب. وقال معاون مدير دائرة الصحة العامة في الوزارة محمد جبر لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا النوع من العناكب الذي يطلق عليه الأرملة السوداء يعد من أخطرها ويصنف ضمن الأفاعي والعقارب السامة».
وأضاف جبر أن «الوزارة لم تسجل حتى الآن أي إصابة بلدغة الأرملة السوداء السامة»، مؤكدا أن «الوزارة توفر المصل المعالج ضد لدغة هذه الأنواع من الحشرات والزواحف السامة».
وأشار جبر إلى أن «على الفلاحين متابعة أراضيهم الزراعية في حال انتشار مثل هذا النوع من العناكب الخطرة والسامة وإبلاغ الجهات المختصة إضافة إلى استخدام المبيدات الزراعية بين مدة وأخرى للقضاء على تلك الحشرات التي تضر بالإنسان والمحاصيل الزراعية». ودعا المواطنين إلى مراجعة المؤسسات الصحية بشكل فوري عند تعرضهم إلى لدغة تلك الحشرات.
وأكدت تقارير صادرة من منظمة الصحة العالمية انتشار عناكب الأرملة السوداء في المناطق المعتدلة في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وجنوب أوروبا وآسيا وأستراليا وأفريقيا وجزء كبير من أميركا الجنوبية وتتميز أنثى عنكبوت الأرملة السوداء بلونها الأسود ووجود علامة حمراء على بطنها بالإضافة إلى أنواع أخرى تتلون بالألوان البني أو الأحمر أو الأصفر. وتابعت التقارير أن «أعراض اللدغة يمكن أن يشعر بها الإنسان نتيجة لدغة عنكبوت الأرملة السوداء هي آلام في العضلات وغثيان وشلل الحجاب الحاجز مما يؤدي إلى صعوبة التنفس وقد تستمر الآلام لمدة تتراوح بين 8 إلى 12 ساعة أو لعدة أيام أخرى». وأضافت التقارير «أن عنكبوت الأرملة السوداء ليست عدوانية ولا تهاجم البشر إلا في حالة الدفاع على النفس منها عندما يقوم شخص بإيذائها أو محاولة سحقها عن طريق الخطأ فإن لدغتها سامة للغاية فهي عادة ليست قاتلة بالنسبة للبشر ما عدا الأطفال وكبار السن وضعاف البنية يمكن أن تكون لدغة العنكبوت قاتلة في تلك الحالة».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.