اكتشاف معبد فرعوني للملك «نختنبو الأول» شرق القاهرة

يحوي طرازًا فريدًا من التماثيل البرونزية.. ويعود للأسرة الـ30

اكتشاف معبد فرعوني للملك «نختنبو الأول» شرق القاهرة
TT

اكتشاف معبد فرعوني للملك «نختنبو الأول» شرق القاهرة

اكتشاف معبد فرعوني للملك «نختنبو الأول» شرق القاهرة

أعلنت بعثة الآثار المصرية - الألمانية المشتركة عن اكتشاف معبد أثري للملك «نختنبو الأول»، من الأسرة الـ30، أثناء أعمال الحفائر التي تجريها البعثة داخل المنطقة الخاصة بمعابد مدينة أون القديمة «عين شمس». وقال مصدر أثري إن «الدراسات الأولية أكدت أن الاكتشافات تعود إلى عصر الملك «نختنبو الأول»، الذي حكم بين العامين 380 و362 قبل الميلاد»، مضيفا أن «البعثة اكتشفت أيضًا جدران المعبد، وأجزاء صغيرة من الحجر الجيري تخص عددا من الأعمدة الأثرية القديمة في المنطقة، بالإضافة إلى العثور على جزء من سقف يخص معبد الملك (نختنبو الأول) الأثري يظهر عليه أشكال للنجوم».
وأعلن رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار محمود عفيفي أنه تم الكشف أيضًا عن مجموعة من الكتل الحجرية المنقوشة، وأعمدة من الحجر الجيري والرملي، وكذلك جدران من البازلت، تحوى نقوشا تشير إلى وجود مشاريع ملكية بالمنطقة، وتكريسها للإلهة «حتحور» التي اتخذت لقب «سيدة حتبت».
وأطلق الإغريق الذين غزوا مصر العام 332 قبل الميلاد اسم «هليوبوليس» على مدينة «أون» المصرية القديمة، وتعني مدينة الشمس، في منطقة المطرية (شرق القاهرة)، التي كانت مركزا لعبادة الشمس، ومقرا لواحدة من أقدم عواصم البلاد ومراكزها العلمية والفلسفية، قبل توحيد مصر في حكم مركزي نحو 3100 قبل الميلاد.
من جهته، أضاف الدكتور أيمن عشماوي، رئيس الفريق المصري بالبعثة، أنه تم الكشف كذلك عن بوابة المعبد في الناحية الشرقية، التي تحوى عددا من النقوش والمناظر الطقسية وتماثيل برونزية للإلهة «باستت»، بالإضافة إلى عدد من تماثيل عملاقة وكتل حجرية كبيرة منقوشة، قد تشير إلى موقع معبد يعود لعصر الملك رمسيس الثاني لم يتم الكشف عنه بعد.
وأوضح المصدر الأثري نفسه أن الملك «نختنبو الأول» يُطلق عليه أيضًا «نخت أنبو الأول»، أو «نخت نب إف»، وهو فرعون الأسرة المصرية الثلاثين، في الفترة 380 - 362 قبل الميلاد. وقد قام «نختنبو الأول»، في عام 380 قبل الميلاد، بخلع وقتل «نفريتس الثاني»، بادئا أسرة الملوك المصريين، وقضى معظم عهده في الدفاع عن مملكته من معاودة الغزو الفارسي بمساعدة من حين لآخر من إسبرطة أو أثينا.
وأضاف: أقام «نختنبو الأول» كثيرا من الآثار والمعابد على مدار سنوات حكمه الطويلة المستقرة، التي امتدت إلى 18 عاما، وقام بترميم كثير من المعابد المتهالكة في مصر، وأقام أكشاكا صغيرة على جزيرة فيلة المُقدسة في أسوان (جنوب البلاد)، التي أصبحت واحدة من أهم المواقع الدينية في مصر القديمة.
وقال المصدر الأثري إن «البعثة المصرية الألمانية نجحت في وقت سابق في الكشف عن إحدى مقاصير الملك «نختنبو الأول»، وتتراوح أحجامها ما بين 75 سنتيمترا إلى 1.25 متر، وهي من البازلت، ويظهر عليها نقوش تمثل أسماء أقاليم مصر آنذاك، كما مثلت بعض الأجزاء منها مناظر بالنحت الغائر تصور الإله «حابي» يحمل القرابين وخيرات النيل، وهي شبيهه بمقصورة «نختنبو الأول» الأثرية الموجودة بأسوان».
في السياق ذاته، قال الدكتور ديترش راو، رئيس الفريق الألماني المشارك في الأعمال، إن «حفائر البعثة قامت بأعمالها هذا الموسم في المنطقة الثانية في الجانب الجنوبي الشرقي من المعبد، حيث كشفت عن ورش صناعية من القرن الرابع قبل الميلاد، وطبقات لاحقة من العصر البطلمي، الأمر الذي يتفق مع ما تم الكشف عنه من قبل عن نشاط كبير لملوك الأسرة الثلاثين في محيط معبد الشمس».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».