حصة بنت سلمان: المرأة السعودية وضعت بصمة في عوالم المعرفة

أكدت أن «رؤية المملكة 2030» ستجعل منها محورًا وهدفًا

حصة بنت سلمان: المرأة السعودية وضعت بصمة في عوالم المعرفة
TT

حصة بنت سلمان: المرأة السعودية وضعت بصمة في عوالم المعرفة

حصة بنت سلمان: المرأة السعودية وضعت بصمة في عوالم المعرفة

أكدت الأميرة حصة بنت سلمان، أن المرأة السعودية مثلت حضورًا وتأثيرًا تتواصل خطواته منذ تأسيس هذه البلاد وإلى اليوم في جميع الميادين، وبتدرج يتناسب مع مراحل التطور الاجتماعي، وحسب الاحتياجات المتوالية في عملية البناء والتنمية، وأخذت دورها الفاعل، بناءً وشراكة وتأثيرًا حقيقيًا يتوازى مع المراحل والتحولات الوطنية، وأثبتت موقعها في وظائف التعليم بكل مستوياته، وفي وظائف الصحة بكل فروعها.
وأضافت الأميرة حصة خلال رعايتها حفل تخرج طالبات جامعة اليمامة بالرياض أمس، أنه مع اتساع الآفاق وضعت المرأة السعودية بصمة واضحة في عوالم المعرفة والهندسة والبحث والطب والإدارة وريادة الأعمال والوظائف الحكومية العالية حتى بات الجميع يتابعون بكل فخر نماذج لنساء سعوديات أبهرن العالم في مختلف المجالات وصنعن لبلادهن ولأنفسهن مجدًا حقيقيًا وموقعًا مؤثرًا.
وقالت الأميرة حصة مخاطبة الطالبات: «أهلاً وسهلاً بكم في اليمامة، الجامعة والأرض، هنا حيث انطلقت مسيرة التأسيس لتصنع وطنا شاسعًا متنوعًا يجعل من قيمه وثقافته أساسًا لبناء مستقبله، ويقدم للعالم أبرز تجربة في الوحدة والبناء ومواجهة التحديات معتمدًا على الله ثم على سواعد وعقول أبنائه وبناته. وأقف هنا الليلة، اعتزازًا ببنات هذا الوطن، واعتزازًا بمؤسساته التعليمية الرائدة، واعتزازًا بالنجاح والإنجاز الذي بات أبرز صفة تميز المرأة السعودية وتقدم من خلالها لوطنها وللعالم مثالاً رائدًا في العطاء الصادق والتأثير الواضح في محيطها وفي مستقبل بلادها».
وذكرت أن التخصصات تتنوع في جامعة اليمامة، وتؤكد الواقع الجديد المتطور للفتاة السعودية لتشمل الهندسة وإدارة الأعمال والتسويق وتقنية المعلومات والتأمين والحقوق والأنظمة، لافتة إلى أن الحاجة تزداد يومًا بعد يوم إلى بعض التخصصات ومنها الحقوق والأنظمة خصوصًا للمرأة سواء العاملة أو الأم وفي كل مجالاتها التي تنعكس على الطفل والرجل في هذا الوطن الذي تحتاج فيه الخريجات إلى مزيد من الدعم وتوفير الفرص التدريبية الاحترافية التي تؤمن لهن أجواءً من الخصوصية والسلامة والممارسة الواقعية للمهنة في مناخ علمي وإيجابي.
وأشارت إلى أن الخريجات يقدمن لسوق العمل طيفًا متنوعًا من الخبرات، وسيأخذن أماكنهن في مختلف المواقع لتبدأ رحلة بناء الذات وبناء الأوطان، مع شقيقها وأخيها ووالدها وابنها وليتكامل مجتمعنا الفتي الطموح إلى غد يليق به وبوطنه في السلم وفي الحرب وفي البناء وفي التنمية، حيث وقفت المرأة السعودية قامة وطنية صادقة شامخة، صنعت الرجال وبنت بهم الأوطان، وقدمت التضحيات والبطولات الناصعة لدينها ولوطنها. ولفتت إلى أن هذا يذكّر دائمًا وبكل اعتزاز بأمهات وزوجات وأخوات الشهداء، وهن يهبن للوطن أثمن ما لديهن لتبني أرواحهم للوطن أمنه وسياجه واستقراره. وتابعت الأميرة حصة بنت سلمان: «لقد تربينا أنا وإخوتي بين يدي خادم الحرمين الشريفين على أن المعرفة هي أداة البناء الأولى وأن العلم لا يعترف بتمييز ولا بحد وأن القراءة والبحث هما أدوات بناء الذات وبناء المجتمعات، وأن دور المرأة في مجتمعها وحقها في العلم والمعرفة والتعلم حق أصيل لتقوم بدورها المحوري في العمل والتنمية».
وأكدت أن التحولات الإيجابية التي يعيشها الوطن اليوم جعلت منه الوطن الأقوى والأكثر تأثيرًا في عالمه، يستمد قوته بعد الله تعالى من أبنائه وبناته، ويواجه التحديات ويستعد لبناء مستقبله، إذ إن «رؤية السعودية 2030» التي انطلقت الاثنين الماضي تجعل من المرأة السعودية محورًا وهدفا ومن التعليم والمعرفة أداة وسبيلاً، لتستثمر مكامن القوة لدينا وتجعل منها أساسا لبناء الغد والمستقبل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».