توقعات متزايدة بتغيير اقتصادي جذري وشيك في روسيا

بوتين يفتح باب التكهنات بتعيين «الخبير المحنك» نائبًا له في «مصنع السياسات»

هل يقود وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين التغيير الجذري في اقتصاد روسيا؟
هل يقود وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين التغيير الجذري في اقتصاد روسيا؟
TT

توقعات متزايدة بتغيير اقتصادي جذري وشيك في روسيا

هل يقود وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين التغيير الجذري في اقتصاد روسيا؟
هل يقود وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين التغيير الجذري في اقتصاد روسيا؟

أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما، نشره موقع المعلومات القانونية الرسمي، يعين بموجبه أليكسي كودرين، وزير المالية الروسي سابقا وأحد أهم رموز المعارضة الروسية حاليا، نائبا لرئيس المجلس الاقتصادي لدى الرئيس الروسي. ويرأس هذا المجلس الرئيس بوتين نفسه، بينما يصبح كودرين النائب الثالث له إلى جانب نائبين آخرين هما أندريه بيلاوسوف، مستشار الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية، وأليكسي أوليوكايف، وزير التنمية الاقتصادية الروسي.
أما أعضاء المجلس فهم كل من مديرة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولنا، ومعها غيرمان غريف، مدير «سبير بنك» أضخم وأهم البنوك الحكومية الروسية، فضلا عن وزير المالية أنطون سيلوانوف، ورئيس مجلس الأعمال والتجارة الروسي ألكسندر شوخين، وإيغور شوفالوف، النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية، ونائبي رئيس الحكومة أولغا غولوديتس وأندريه دفوركوفيتش.
ويعد تعيين كودرين نائبا لرئيس المجلس الاقتصادي الرئاسي، خطوة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات بالنسبة إلى الاقتصاد الروسي واحتمال إدخال تعديلات جذرية على بنيته في المستقبل القريب.. وهذا ما يستنتجه غالبية الخبراء في الشؤون الاقتصادية، منطلقين في استنتاجاتهم من أمرين. الأول تاريخ الوزير السابق ألكسندر كودرين وعلاقته بالرئيس بوتين، والثاني طبيعة المجلس الاقتصادي والمهام الاستراتيجية التي يقوم بها، لدرجة أن كثيرين يطلقون عليه اسم «مصنع السياسة الاقتصادية لروسيا».
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المجلس تم تأسيسه عام 2012، وهو عبارة عن مؤسسة استشارية في الرئاسة الروسية، مهمتها الرئيسية «إعداد اقتراحات حول التوجهات الرئيسية للسياسة الاقتصادية - الاجتماعية في روسيا، ورسم استراتيجية وتكتيك تنفيذ تلك السياسة، ووضع الآليات التي تضمن التنمية المستدامة والتحديث التقني للاقتصاد».. بعبارة أخرى يلعب هذا المجلس دورا رئيسيا في وضع أسس السياسة الاقتصادية للبلاد، التي يقوم الرئيس من جانبه بعرضها على الحكومة لاعتمادها.
أما أليكسي كودرين، فهو وزير المالية الروسي منذ عام 2000 ولغاية عام 2011. استقال من منصبه إثر خلاف مع دميتري مدفيديف الذي كان حينها رئيسا لروسيا، بينما كان بوتين رئيسا للحكومة. في تلك المرحلة أخذ كودرين يوجه انتقادات المرة تلو الأخرى لسياسة مدفيديف الاقتصادية، وبدأت التباينات بين الرجلين تطفو على السطح بعد أزمة عام 2008؛ حيث رأى مدفيديف أن الأزمة بلغت نهايتها بينما حذر كودرين من أن ما وصلت إليه الأمور حينها ليس النهاية، وأن الاقتصاد الروسي مهدد بموجة جديدة من المشكلات.
وفي عام 2010 وجه كودرين انتقادات حادة للبرنامج الذي طرحه مدفيديف حول إعادة تسليح الجيش الروسي، وانتقد بشكل عام زيادة حجم الإنفاق العسكري. أما نقطة الفصل في خلافاته مع مدفيديف فكانت عندما أعلن كودرين أنه لا ينوي العمل في الحكومة الروسية بعد انتخابات 2012. بحال قرر بوتين بعد فوزه بالرئاسة تعيين دميتري مدفيديف رئيسا للحكومة، لذلك طلب مدفيديف الذي كان لا يزال رئيسا لروسيا حينها، من الوزير كودرين تقديم استقالته، وهو ما فعله كودرين عام 2011، وأصبح رمزا للمعارضة الروسية.
انتقادات كودرين المباشرة وغير المباشرة للسياسات الاقتصادية للحكومة الروسية والكرملين، ومعها انتقادات للنهج السياسي عموما، لم تتوقف على مدار السنوات الماضية، رغم هذا وصفه بوتين في تصريحات له منتصف الشهر الماضي بأنه «خبير جيد جدا واقتصادي ماهر»، وأكد أن علاقاته مع كودرين لم تنقطع طيلة الفترة الماضية، ليعلن بعد ذلك عن التوصل إلى صيغة مناسبة تسمح للوزير السابق بالمساهمة في حل المشكلات التي تواجهها البلاد، وذلك بأن يتم تعيينه نائبا لرئيس المجلس الاقتصادي لدى الرئاسة الروسية، أي أن بوتين قرر عمليا تعيين كودرين نائبا له.
فضلا عن ذلك، تم تعيين كودرين في الثلاثين من الشهر الماضي رئيسا لمؤسسة أخرى تساهم في صناعة وصياغة السياسات الروسية، وهي «مركز البحوث الاستراتيجية» الذي أسسه بوتين عام 1999، واعتمد عليه في وضع برامجه عشية ترشحه لرئاسة روسيا لأول مرة. ويرى المراقبون في هذه الخطوة من جانب الرئيس الروسي رغبة بوضع رؤية اقتصادية جديدة للبلاد، وتشير تكهنات البعض إلى أن عمادها الرئيسي سيكون «الابتعاد تدريجيا عن إدمان الاقتصاد على العائدات النفطية».
وقد أكد وزير المالية الروسي الأسبق أن تعيينه رئيسا لمركز البحوث الاستراتيجية «جاء بموجب تكليف من الرئيس الروسي، وطلب منه أن ينضم إلى صياغة استراتيجية تطوير روسيا بعد عام 2018، ولفترة بعيدة الأمد».
وأضاف كودرين موضحًا أن الجانب الرئيسي الذي سيجري العمل عليه هو الاقتصاد: «وكل شيء يتصل بالانتقال إلى صيغة جديدة للنمو الاقتصادي»، وكانت وسائل الإعلام الروسية قد نقلت في وقت سابق أن كودرين يعمل على صياغة برنامج اقتصادي جديد للرئيس الروسي.



واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
TT

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)
يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين، بهدف دعم الشركات الأميركية العاملة في قطاع الطاقة النظيفة.

ووفقاً للإشعار الصادر عن مكتب الممثل التجاري الأميركي، ستزيد الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية والبولي سيليكون المصنوعة في الصين إلى 50 في المائة من 25 في المائة، كما ستُفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على بعض منتجات التنغستن، بدءاً من 1 يناير (كانون الثاني)، بعد مراجعة الممارسات التجارية الصينية بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وجاء القرار بعد فترة تعليق طويلة، حيث أشار الممثل التجاري الأميركي، في سبتمبر (أيلول)، إلى احتمال اتخاذ مثل هذه الإجراءات. وقالت كاثرين تاي، الممثلة التجارية للولايات المتحدة، في بيان: «زيادة التعريفات الجمركية هذه تهدف إلى مكافحة السياسات والممارسات الضارة التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية. وستكمل هذه الإجراءات الاستثمارات المحلية التي أطلقتها إدارة بايدن-هاريس لتعزيز اقتصاد الطاقة النظيفة وزيادة مرونة سلاسل التوريد الحيوية».

وفي تقرير يوم الخميس، تم ذكر أن المسؤولين الأميركيين والصينيين سيعقدون اجتماعات تجارية هذا الأسبوع، والأسبوع المقبل، قبل نهاية العام. وفي الأسبوع الماضي، شددت واشنطن القيود المفروضة على وصول الصين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة، بينما ردت بكين بحظر صادرات المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، مثل الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون، إضافة إلى تشديد ضوابط صادرات الغرافيت.

وتهيمن الصين على سوق هذه المواد، وتعمل الولايات المتحدة على تأمين مصادر بديلة في أفريقيا وأماكن أخرى. ويعد التنغستن معدناً استراتيجياً حيوياً آخر تهيمن الصين على إنتاجه، وليست الولايات المتحدة، مما يجعل كوريا الجنوبية مورداً محتملاً. ويستخدم التنغستن في صناعات متنوعة مثل الأسلحة، وأنابيب الأشعة السينية، وخيوط المصابيح الكهربائية.

وانخفضت واردات الولايات المتحدة من المعدن من الصين إلى 10.9 مليون دولار في عام 2023 من 19.5 مليون دولار في العام السابق.

وبعد حظر بكين تصدير الغاليوم والمعادن الأخرى إلى الولايات المتحدة، يرى المحللون أن التنغستن قد يكون أحد المجالات التي قد ترد فيها الصين. وقبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب، تصاعدت التوترات التجارية، حيث كان قد تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية. بينما عدَّ الرئيس جو بايدن هذا النهج خاطئاً، وأبقى على التعريفات التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى مع تبني استراتيجية أكثر استهدافاً.

وقد شهدت الصين زيادة كبيرة في إنتاج المركبات الكهربائية الرخيصة والألواح الشمسية والبطاريات، في وقت تسعى فيه إدارة بايدن لدعم هذه الصناعات في الولايات المتحدة. وتتهم أميركا الصين بدعم صادراتها بشكل غير لائق، ما يمنح مصنعي الألواح الشمسية وغيرها ميزة غير عادلة في الأسواق الخارجية، حيث تبيع هذه المنتجات بأسعار منخفضة بفضل الدعم الحكومي. كما تفرض الصين ضغوطاً على الشركات الأجنبية لتسليم التكنولوجيا.

وتشكل الصين أكثر من 80 في المائة من سوق الألواح الشمسية في جميع مراحل الإنتاج، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، مما يجعلها تهيمن على هذا القطاع بشكل واضح. وقد جعلت اقتصاديات الحجم الضخم في صناعة الطاقة الشمسية المنتجات الصينية أقل تكلفة، بينما قامت بتوجيه سلاسل التوريد إلى داخل الصين. وقد دعت وكالة الطاقة الدولية الدول الأخرى إلى تقييم سلاسل توريد الألواح الشمسية الخاصة بها ووضع استراتيجيات للتعامل مع أي مخاطر.

وفي بداية عام 2018، فرضت إدارة ترمب تعريفات بنسبة 30 في المائة على واردات الألواح الشمسية الصينية، وقد تقدمت بكين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة متهمة إياها بدعم مشتريات المركبات الكهربائية بشكل غير عادل.

واختتمت التحقيقات التي دفعت الممثل التجاري الأميركي إلى اتخاذ قرار بزيادة الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية بتقرير صادر في مايو (أيار)، مما أسفر عن رفع الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك المركبات الكهربائية، الحقن، الإبر، القفازات الطبية، أقنعة الوجه، أشباه الموصلات، ومنتجات الصلب والألمنيوم، وغيرها. كما تم رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين إلى 100 في المائة بدلاً من 25 في المائة، في حين ارتفعت الرسوم الجمركية على بطاريات الليثيوم الصينية إلى 25 في المائة بعدما كانت 7.5 في المائة.