عشاق برنس يودعونه بالغناء والرقص

احتشاد الآلاف في مينيابوليس طوال الليل لينعوا مغنيهم المفضل

عشاق برنس يستذكرونه بالورود والشموع والتواقيع أمام مسرح الأبولو في نيويورك (رويترز)
عشاق برنس يستذكرونه بالورود والشموع والتواقيع أمام مسرح الأبولو في نيويورك (رويترز)
TT

عشاق برنس يودعونه بالغناء والرقص

عشاق برنس يستذكرونه بالورود والشموع والتواقيع أمام مسرح الأبولو في نيويورك (رويترز)
عشاق برنس يستذكرونه بالورود والشموع والتواقيع أمام مسرح الأبولو في نيويورك (رويترز)

احتشد الآلاف في مدينة مينيابوليس مسقط رأس نجم الموسيقى الأميركي برنس لينعوا وفاته، بعدما قدم موسيقى مبتكرة بأسلوب عجيب ألهم أجيالا من الفنانين حول العالم.
ورقص عشاقه على أنغام موسيقاه المرحة طوال أول من أمس بناد في مينيابوليس الذي شهد تصوير فيلم «بيربل راين» احتفالا بالساعات التي تلت مباشرة وفاة المغني أول من أمس. وملأ الراقصون أرضية نادي «فيرست أفينيو» ليرقصوا على عدد من أغاني برنس الشهيرة. وأضاء الحضور هواتفهم ولوحوا بأذرعهم في الهواء عندما تم تشغيل أغنية «بيربل رين». واكتظ المكان بالحاضرين وتجمهر عشاق آخرون للمغني الراحل على أبواب النادي محاولين الدخول. وأقيم الحفل طوال الليل تحية للنجم الحاصل على جائزتي غرامي وأوسكار والذي نجح في المزج بين ألوان عدة من الموسيقى مثل الجاز والديسكو والريذم أند بلو والفانك والروك حيث بدأ في وقت متأخر من يوم الخميس ليستمر حتى صباح أمس. وكان قد صرح مكتب الطبيب الشرعي المحلي بأنه سيقوم بتشريح جثة الموسيقار، الذي عثر عليه فاقدا للوعي في مصعد في الاستوديو الخاص به «بايزلي بارك» قرب مينيابوليس. وكتب المعزون عبارات رثاء في سجلات خارج مبنى الاستوديو، بينما اكتست مباني المدينة وجسورها باللون الأرجواني.
وذكرت تقارير أن برنس كان يعاني من الإنفلونزا، وبلغ به المرض الأسبوع الماضي حدا أدى لإجبار طائرته على الهبوط اضطراريا، وفقا لموقع «تي إم زي» الأميركي المعني بأخبار المشاهير. فيما ظهر في حفل موسيقي في اليوم التالي. وقال أحد عناصر سلطات إنفاذ القانون، لمحطة الأخبار المحلية «كيه إس تي بي»، إن برنس تلقى العلاج في مستشفى الأربعاء الماضي، فيما استدعيت خدمات الطوارئ إلى منزله بسبب حالة طبية طارئة صباح الخميس.
وكان برنس واحدا من أكثر الموسيقيين المشهود لهم في جيله، وهو منتج وملحن ومغن شهير بأسلوبه الحسي المبتكر، وبأغان من بينها «بربل رين»، و«ليتل ريد كورفيت»، و«كيس». وأصدر برنس 39 ألبوما غنائيا خلال مسيرته الفنية التي امتدت 35 عاما ليفوز بجائزة أوسكار وسبع جوائز جرامي وتم تسجيل اسمه في قاعة مشاهير الروك آند رول في عام 2004.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».