بتكليف ملكي.. كعكة برتقال من صنع طباخة ذات أصول آسيوية

نفذتها الفائزة في برنامج طبخ بريطاني شهير

الملكة تقطع الكعكة التي صنعتها نادية حسين (رويترز)
الملكة تقطع الكعكة التي صنعتها نادية حسين (رويترز)
TT

بتكليف ملكي.. كعكة برتقال من صنع طباخة ذات أصول آسيوية

الملكة تقطع الكعكة التي صنعتها نادية حسين (رويترز)
الملكة تقطع الكعكة التي صنعتها نادية حسين (رويترز)

كانت مفاجأة لنادية، التي فازت بجائزة برنامج «ذا غريت بريتيش بيك أوف» (المخبوزات البريطانية) حين تلقت اتصالا من قصر باكنغهام يسألها إن كانت تود صنع كعكة عيد ميلاد الملكة. الشابة ذات الأصول الآسيوية والتي ملكت قلوب المشاهدين عبر أدائها في البرنامج الجماهيري، أشارت إلى أنها ظنت أن الأمر كان دعابة من شخص ما، ولكنها قررت أن تخبز كعكة البرتقال في طبقات يفصل بينها كريمة الفانيليا ومربى البرتقال. وظهرت نادية على برنامج تلفزيوني وهي في مطبخها تجهز للكعكة وانشغلت بقياس الطبقات، وبدت مرتبكة مرددة أنها كلما تذكرت أنها ستقدم الكعكة للملكة إليزابيث تصاب بالهلع، «إنه شرف عظيم أن أقوم بذلك، لا أريد أن أخيب ظن الملكة»، وأضافت: «لا أعرف ما الذي سيحدث ولكني فقط أعرف أنني سأقابل الملكة وأقدم لها الكعكة».
وكانت الطاهية الشابة قد تلقت اتصالا من القصر الملكي قبل أسبوعين حول ما إذا كانت تريد أن تخبز الكعكة للملكة، «سألت زوجي وقال لي إنه يجب علي صنع الكعكة، كيف أستطيع الرفض». وعلقت حول تصميم الكعكة أنه كان تلقائيا ولكنها حرصت على تفادي الأشكال التقليدية واستخدمت الألوان القوية، (الأصفر والبنفسجي)، وأضافت أنها لم تتلق أية تعليمات أو مواصفات مما جعل الأمر «أكثر صعوبة.. كان لدي مطلق الحرية».
وللوصول لفكرة محددة حول ما تريد أن تكون عليه الكعكة قامت نادية بالبحث في الإنترنت عن الكعكات التي صنعت على مر السنين في أعياد ميلاد الملكة السابقة، «استبعدت الشوكولاته والبسكويت وفكرت قليلا بأن أصنع كعكة فواكه ولكني قررت أن أصنع شيئا مختلفا، كعكة بعصير البرتقال وزبدة الفانيليا».
وبالأمس أذاعت محطات التلفزيون فيلما ظهرت فيه نادية وهي تقدم لها كعكتها التي صنعتها في ثلاث طبقات، وبدت الطاهية مبتسمة كعادتها وهي تصافح الملكة. وسمع الحاضرون الملكة وهي تسأل الطاهية عن الكعكة وأجابت نادية «هي كعكة البرتقال»، وقامت الملكة باستخدام سكينا لقطع الكعكة وسمعها الحاضرون وهي تسأل الطاهية «من أين يجب أن أقطع الكعكة؟، بينما انطلق الحضور في أغنية «عيد ميلاد سعيد». واقترب دوق أدنبره، الأمير فيليب من نادية وتبادل معها بعض الكلمات.
ومنذ قبولها بصنع الكعكة لزمت نادية مطبخا لتجربة وصفات مختلفة. الطريف أن نادية كانت تضع صورا لمراحل العمل في مطبخها على صفحتها بموقع «تويتر» واختتمتها بصور الكعكات الثلاث موضوعة في صناديق وجاهزة ليتسلمها موفد من القصر ليحملها إلى قلعة وندسور.
وخلال فعاليات اليوم أو ما عبر عنه مكتب الملك بالمشي في وندسور، التقت الملكة مع سيدات من عمرها تناولت معهن طعام الغداء ثم قامت بقطع كعكة عيد ميلادها التي قدمتها لها نادية.
والمعروف أن نادية قد نجحت في الحصول على تقدير وإعجاب الطاهيَين ماري بيري وبول هوليوود خلال برنامج «ذا غريت بريتيش بيك أوف» وتفوقت على 11 طاهيًا هاويًا. الزوجة الشابة وأم لثلاثة أطفال تحولت إلى نجمة جماهيرية، وقعت على عقد كتاب وصفات طبخ وظهرت في عدد من البرامج التلفزيونية كما أصبح عندها عمود أسبوعي في جريدة «ذا تايمز».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».