قصر «لا كول نوار».. حلم مجهض يستنشق الأزهار والورود من جديد

الدار استغرقت 3 سنوات لترميمه.. و«كريستيان ديور» تكشف من خلاله جانبًا مهمًا من حياة مؤسسها

منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
TT

قصر «لا كول نوار».. حلم مجهض يستنشق الأزهار والورود من جديد

منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة
منظر بانورامي للمنزل الذي خطف أنفاس كريستيان ديور أول ما رآه.. لكنه خضع الآن لعدة ترميمات تجعل منه تحفة فنية تستحق الزيارة

في 12 فبراير (شباط) 1947، أصبح كريستيان ديور، أشهر مصمم أزياء في العالم.. فبين ليلة وضحاها حقق ما لم يحققه غيره، حيث أعاد باريس إلى الخريطة عاصمةً للموضة العالمية دون منازع، وأعاد للمرأة الأنوثة التي افتقدتها طوال سنوات الحرب، وما تطلبته من تقشف واستعمال أقمشة خشنة وتصاميم عملية. في المقابل، قدم لها تصاميم رومانسية طبعها بالورود المتفتحة، فيما أصبح يطبع أسلوبه ويدخل في جينات الدار التي أسسها.
ما يعرف عنه، تفاؤله إلى حد الهوس بالورود والأزهار، التي كانت تلهمه وتغذي خياله، وفي الوقت ذاته تذكره بطفولته في بيت العائلة «لي رامب»، وتلك الساعات السعيدة التي كان يقضيها مع والدته يزرع الورود أو يقطفها. هذه الذكريات كانت وراء عدد من الإبداعات في مجال الموضة والعطور، التي لا تزال تلقى شعبية كبيرة حتى الآن، وليس أدل على هذا من عطره «ميس ديور» و«ديوريسيمو».
في عام 1957، توفي السيد كريستيان ديور فجأة، وبعملية حسابية بسيطة، كان من الممكن أن يختفي اسمه تماما ولا يتذكره سوى قلة من الناس؛ إذ إن سنوات عطائه لم تتعد عشر سنوات، حيث قدم أول تشكيلة له في عام 1947. لكن العكس حصل، فهو من أهم المؤسسات الثقافية الفرنسية، وفي كل مرة نكتشف وجها جديدا له، وتنسج الدار قصة مثيرة من خيط بسيط تلتقطه عن حياته. هذه المرة كان الخيط هو بيت «لو شاتو لا كول نوار» LE CHATEAU LA COLLE NOIRE، المطل على سهل Montauroux. منزل بني في عام 1858، على بعد 40 كيلومترا من مدينة «كان» بجنوب فرنسا، و18 كيلومترا من عاصمة العطور الفرنسية غراس. وقع في حبه من النظرة الأولى رغم أنه كان مهملا، وبعد أن اشتراه حاول ترميمه وتجديده ليكون البيت الذي يقضي فيه بقية أيامه، حسب ما كتبه في سيرته: «أفكر فيه كبيتي الحقيقي، البيت الذي سأنسى فيه يوما ما كريستيان ديور المصمم، وأصبح مجرد إنسان مغمور وعادي مرة أخرى». لكن الموت باغته ولم يعطه فرصة لتحقيق هذا الحلم. المهمة التي أخذتها دار العطور المتخصصة على عاتقها أن تحيي هذا الحلم، فالكل فيه يعرف أن المصمم كان خجولا، لا يميل إلى الأضواء ولا يبحث عنها، بل كان حساسا إلى درجة أنه كان يعاني من حالات قلق وتوتر وأرق، قبل أي عرض أزياء. يعرفون أيضا أن أسعد أوقاته كانت تلك التي يهرب فيها إلى جنوب فرنسا، بعيدا عن أفينو مونتين مقر الدار الرئيسي، لينام بين أحضان الطبيعة. كان دائما يتوق لبيت في الريف يلخص فلسفته وحياته، ويستعيد فيه ذكريات الطفولة، قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب بسبب الحرب وويلاتها. في عام 1951 عثر على بغيته متجسدة في «لو شاتو لا كول نوار» LE CHATEAU LA COLLE NOIRE، وهذا العام تفخر «دار كريستيان ديور للعطور المتخصصة» بافتتاحه. فقد اشترته عام 2013، واستغرق ترميمه ثلاث سنوات، لهذا فإن 2016، بالنسبة للدار، عام تاريخي.
وتؤكد الصور أن المنزل ليس مجرد معلم تاريخي، كان مؤسسه السيد كريستيان ديور يحلم أن يقضي فيه سنواته الأخيرة، بقدر ما هو لوحة فنية تدغدغ كل الحواس بمناظره وطبيعته الخلابة وهدوئه، وطبعا روائحه الزكية، وهو ما تعقد عليه دار العطور المتخصصة كثيرا من الآمال لبناء إمبراطورية في عقر عاصمة العطور.
أهميته العاطفية والعملية، تكمن في أنه لا يبعد عن بيت العائلة «لي رامب» بغرانفيل، حيث عاش طفولة سعيدة، يزرع فيها الورود ويستنشق فيها الأزهار والأخشاب العطرية مع والدته، مما حفزه عندما اشترى هذا المنزل، على أن يعيد كتابة كثير من العناصر القديمة فيه، حيث أشرف بنفسه على زرع آلاف الأشجار والأزهار العطرية، فيما أسند مهمة الديكور الداخلي للمهندس المعماري آندريه سفتشين. أول ما قام به المهندس أنه تخلص من الغرف الصغيرة وحولها إلى صالونات مفتوحة وأجنحة شاسعة تتيح دخول الضوء الطبيعي، وتجعل الداخل امتدادا للخارج. كان السيد ديور يذكره دائما بأنه يصمم له البيت الذي سيقضى فيه سنوات طويلة وسعيدة من حياته، قبل أن يباغته الموت ويجهض حلمه.
ولا تزال الكلمات التي كتبها في سيرته الذاتية عام 1956 يتردد صداها، مؤكدة على هذه الأهمية: «أكتب السطور الأخيرة هذه وأنا في مدينة مونتورو، حيث ساقني القدر إلى هذا المكان الهادئ في ريف الجنوب ليشهد آخر أعمالي. الليل ينحسر حاملا معه سلاما لا نهاية له». النهاية التي كان يقصدها هنا كانت وضع النقطة الأخيرة في سيرته الذاتية، ولم يكن يقصد بها خذلان قلبه له، وأنه قد يفسر بالنهاية.
شغفه بالمكان ظهر أيضا في كتاب نشرته ماري فرنس بوشنا، في عام 1993، بعنوان «كريستيان ديور.. الرجل الذي جعل العالم يبدو بلون جديد»؛ حيث كتبت أنه قال: «أريد أن يكون هذا المنزل بمثابة بيت عائلي، تشعر فيه بأن أجيالا عديدة توالت عليه وتوارثته. لا أريد أي شيء يبدو فيه جديدا، ويجب أن تكتسي كل جزئية فيه بمظهر معتق يعطي الانطباع بأن له تاريخا، وبأنه غني بذكرياته ومثقل بتجارب الزمن».
في عام 1968 بيع المكان وتعرض للإهمال، ثم بيع مرة أخرى في عام 1976 لمالك استخدمه لاستضافة السائحين وإقامة الحفلات الفخمة، خصوصا أن اسمه - أو بالأحرى اسم صاحبه السابق - كريستيان ديور، كان يثير كثيرا من الاهتمام ويزيد من الإقبال عليه. جماله شجع أيضا مجموعة Oasis في عام 1999 على تسجيل ألبومها الرابع «Standing on the Shoulder of Giants» فيه.
وبما أن بيوت الأزياء الكبيرة تتبع حاليا تقليدا مهما، يتمثل في العودة إلى جذورها ومحاولتها البناء على هذه الجذور، في زمن أصبح فيه الذواقة يريدون منتجات وأسماء لها أصل وتاريخ، كانت المسألة مسألة وقت لتستعيده الدار وتعيد له مجده القديم. وفي الوقت ذاته، تحقق حلم كريستيان ديور في أن يحمل اسمه ويتحول إلى معلم في عاصمة العطور غراس، التي تبعد عنه بنحو 18 كيلومترا فقط.
وكانت «دار كريستيان ديور للعطور المتخصصة» قد اشترته في عام 2013 بصفته جزءا من تراثها، وافتتحته هذا العام. ويقول المسؤولون إن العملية كانت طبيعية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السيد ديور استلهم عطره الشهير «ديوريسيمو» في المنطقة، وهو عطر تغلب عليه رائحة زنبقة الوادي وأزهار عطرية أخرى ولا يزال يحقق للدار كثيرا من النجاح. العامل الآخر الذي شجعها على استعادته، قربه الجغرافي من مدينة غراس، مسقط رأس عطارها فرنسوا ديماشيه، الذي سيبدأ من الآن فصاعدا ابتكار وصنع عطور «ديور» هنا، على أن يكون باكورتها عطر ستطلقه الدار في الأسواق في شهر مايو (أيار) المقبل، يحمل اسم «كول نوار» Colle Noire على اسم المنزل.
وهكذا عادت الحياة مرة أخرى للمكان، فيما أنيطت مسؤولية تصميم الديكور إلى المهندس إيف دي مارسي Yves de Marseille، الذي قام بعملية ترميم شملت الأرضيات وغرف الضيوف والاستقبال، فضلا عن بهو المدخل ومكتب السيد ديور، الذي كتب فيه سيرته الذاتية، ورسم فيه تصوره للأنوثة والرومانسية.
وحتى لا ينسى الناس علاقة المصمم بفنانين من عصره، ومدى دعمه لهم، أنشأ المهندس أجنحة تحمل أسماء فنانين، مثل: شاغال، وبيكاسو، ودالي.. وغيرهم.
ولم يقتصر التجديد على الداخل، بل امتد أيضا إلى الحديقة المترامية على مساحة 50 هكتارا تقريبا. أشرف على تصميم هذا الفضاء وتشذيبه، مهندس تنسيق المواقع المتخصص في هندسة المناظر الطبيعية، فيليب ديليو. في لقاء خاص، قال إنه حرص على أن يكون الخارج امتدادا للداخل، لهذا وضع أحواض زينة مستلهمة من طراز القرن الثامن عشر، وأحاطها بصناديق الأشجار، كما زرع شجيرات الورد وأزهار السوسن والبنفسج والياسمين، وما شابه من أمور يعرف أن كريستيان ديور كان يهتم ويحلم بها. أما بالنسبة للأشجار الوارفة، من أشجار الزيتون إلى شجر السرو، الذي يبلغ طوله الآن أكثر من 15 مترا، فقال: «كانت موجودة أساسا، وكل ما قمت به أني حاولت إعادة تنسيق المنظر الطبيعي للحديقة، بتقليمها حتى يتكشف جمالها أكثر، وزراعة عشرات الآلاف من شجيرات زهرة «مايو»، وأشجار العنب، وأشجار اللوز، والمزيد من أشجار الزيتون».

* مدينة غراس وعطور «ديور».. بالأرقام

- لإنتاج كيلوغرام واحد من أزهار الياسمين، يحتاج العطار إلى ما بين 8 آلاف و10 آلاف زهرة.
- لإنتاج لتر واحد من الزيت العطري الخام، يحتاج إلى 700 كيلوغرام من أزهار الياسمين.
- كمية الأزهار التي يقطفها عامل واحد في اليوم، تقدر بما بين 10 كيلوغرامات و20 كيلوغراما.
- طريقة القطف مهمة جدا؛ إذ يجب التأكد من قطف الزهرة من أسفل الكأس.
- تبلغ مساحة المعمل الذي أنشأته مؤسسة «إلفي آم آش» لدار «ديور» في مدينة غراس، 320م2.
- تحتوي عطور «ديور» على 50 - 100 زيت عطري خام.
- 30 عاما، هو متوسط العمر المتوقع لزهرة الياسمين.
- 15 عاما، هو متوسط العمر المتوقع لشجيرة الورد.
- 30 ألفا، هو عدد الأزهار المطلوبة لإنتاج كيلوغرام من الزيت العطري الخام.
- هناك مشروع تنوي خلاله «دار كريستيان ديور للعطور» زراعة 20 ألف شجيرة من زهرة «مايو»، رغم أنها زهرة ضعيفة للغاية، وإذا لم يتم قطفها في اليوم الذي تزهر فيه، تصبح غير صالحة للاستخدام.
- تخضع عملية زراعة الأزهار لمعايير صارمة، بداية من الدورة المحصولية للأزهار، وتبوير الأرض لمدة عامين، وحتى قطف المحصول يدويا.
> تشتهر مدينة غراس بأزهار مثل زهرة «مايو»، والياسمين، والميموزا، ومسك الروم، والنارنج. والفضل يعود إلى أن أرضها تنعم لأكثر من 300 عام بالماء والشمس، وتربة جيرية طينية. لهذا، وعلى الرغم من التطور الذي شهدته صناعة دباغة الجلود في المدينة خلال القرن الرابع عشر، فإن الروائح التي كانت تنبعث من هذه الأزهار والأعشاب شجعت على زراعة النباتات العطرية في القرن السابع عشر، الأمر الذي تحول إلى تقليد وثقافة يعتز بها السكان، ويتوارثون أسرارها أبًا عن جد.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.