واشنطن: سنستمر في دفع المعارضة والنظام في سوريا لمواصلة التفاوض

أوباما وأمير قطر بحثا مع بوتين الأزمة السورية في اتصال هاتفي

صور المعتقلتين السوريتين رانيا عباسي وإيتن رجب عرضتا امس ضمن مؤتمر صحافي لعضوات الهيئة العليا للتفاوض في جنيف لإلقاء الضوء على المعتقلات في سجون الأسد (إ. ب. أ)
صور المعتقلتين السوريتين رانيا عباسي وإيتن رجب عرضتا امس ضمن مؤتمر صحافي لعضوات الهيئة العليا للتفاوض في جنيف لإلقاء الضوء على المعتقلات في سجون الأسد (إ. ب. أ)
TT

واشنطن: سنستمر في دفع المعارضة والنظام في سوريا لمواصلة التفاوض

صور المعتقلتين السوريتين رانيا عباسي وإيتن رجب عرضتا امس ضمن مؤتمر صحافي لعضوات الهيئة العليا للتفاوض في جنيف لإلقاء الضوء على المعتقلات في سجون الأسد (إ. ب. أ)
صور المعتقلتين السوريتين رانيا عباسي وإيتن رجب عرضتا امس ضمن مؤتمر صحافي لعضوات الهيئة العليا للتفاوض في جنيف لإلقاء الضوء على المعتقلات في سجون الأسد (إ. ب. أ)

قلل البيت الأبيض من تراجع محادثات السلام في جنيف حول سوريا، وإعلان المعارضة السورية تعليق مشاركتها في المفاوضات، مؤكدا عدم تغير إطار المفاوضات على الرغم من تأجيلها.
وشدد جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، أمس «على التزام واشنطن بدفع الجانبين لاحترام هدنة وقف الأعمال العدائية»، مشيرا إلى أن «الأمم المتحدة لم تصف وقف المحادثات بالانهيار، وإنما مجرد تأجيل»، مشيرا إلى استمرار المناقشات التقنية.
وقال إرنست: «نتفهم أن هناك إحباطا لدى المعارضة السورية بعد الانتهاكات المتكررة من النظام السوري لهدنة وقف الأعمال العدائية، وإصرار النظام على منع وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض السوريين». وأضاف: «سنستمر في دفع الجانبين لمواصلة التفاوض، وقد كان النقاش بين الرئيس أوباما والرئيس بوتين يتعلق بدفع الروس لاستخدام نفوذهم على الأسد، باتجاه احترام وقف الأعمال العدائية والمضي قدما في عملية الانتقال السياسي».
وفي موسكو, بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الوضع في سوريا خلال اتصال هاتفي بينهما، أمس، وكذلك مستجدات الأزمة السورية، وقال الكرملين إن المحادثات تناولت مختلف جوانب الوضع في سوريا في إطار إمكانية تنسيق الجهود المشتركة لتسوية الأزمة السورية. كما بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في سوريا مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو الذي وصل أمس إلى موسكو، ليجري محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، يركزان خلالها على الأزمة السورية وسبل تسويتها.
وفي سياق الاتصالات المكثفة التي تشهدها موسكو منذ إعلان وفد الهيئة العليا للمفاوضات عن قراره بتأجيل مشاركته في مفاوضات جنيف، كانت الأزمة السورية والعملية السياسية لتسويتها ووقف إطلاق النار محط اهتمام محادثات أجراها أوباما مع بوتين خلال اتصال هاتفي مساء أول من أمس.
ويبدو واضحًا أن الرئيسين الروسي والأميركي توقفا عند الوضع الخطير في مدينة حلب وريفها، التي يشكل انتهاك النظام لوقف إطلاق النار فيها، كما في مناطق كثيرة أخرى في سوريا، أحد أهم الأسباب التي تعيق مشاركة وفد الهيئة العليا للمفاوضات في مباحثات جنيف، التي انطلقت الأسبوع الماضي. وبينما لم يفصح الكرملين في بيانه، عن أن الحديث يدور حول مدينة حلب، أشار إلى أن الرئيس بوتين شدد في حديثه مع أوباما على «ضرورة أن تقف المعارضة السورية على مسافة فاصلة وتبتعد عن (داعش) و (جبهة النصرة)»!
وفي أول رد فعل من الكرملين على قرار الهيئة العليا للمفاوضات بتعليق مشاركتها، أكد ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، تأييد روسيا في استمرار مفاوضات جنيف لتسوية الأزمة السورية، وأشار إلى أن الرئيسين بوتين وأوباما أكدا أهمية هذا الأمر خلال محادثاتهما الهاتفية. رغم ذلك فإن موسكو لم تحسم أمرها بعد على ما يبدو، بشأن تلبية الطلب الأميركي حول ممارسة الضغط على الأسد لوقف الهجمات على حلب، وغيرها من قضايا تؤثر مباشرة على مسار العملية التفاوضية. إذ عد سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أن طرح المسألة بصيغة «على روسيا ممارسة الضغط على الأسد لتغيير الوضع في حلب» أمر غير مقبول، معربا عن قناعته بأن «المشكلة ليست في روسيا وما الذي يجب أن تفعله، ولكنها في عدم رغبة الولايات المتحدة ومؤسساتها المعنية في العمل جديًا على فصل الإرهابيين عن المعارضين في مناطق تمركز المجموعات الإرهابية». وأكد نائب وزير الخارجية الروسي أن موسكو تتحدث حول هذا الموضوع بشكل يومي مع الجانب الأميركي «حيث هناك تواصل مكثف وحوار مهني عبر القنوات العسكرية، ويجري العمل بشأن الإحداثيات على الخرائط».
وحول انتهاكات وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، انتقد نائب وزير الخارجية الروسي موقف الولايات المتحدة وبعض مجموعات المعارضة: «التي تسيّس هذه القضايا إلى أبعد حد، وكذلك بالنسبة للوضع في حلب» حسب قوله. موضحًا أن هناك آليات وبُنى محددة يجب معالجة تلك القضايا عبرها، إن كان «عبر مجموعات الاتصال في جنيف، أو عبر مركزي التنسيق، الروسي في حميميم، والأميركي في عمان»، داعيًا إلى الاعتماد على كل هذه الآليات عوضًا عن طرح المسائل في الأوساط العامة «بغية التشكيك بالمفاوضات»، حسب تعبير نائب وزير الخارجية الروسي، الذي استطرد في حديثه وتناول مجددا مصير الأسد ليكرر موقف موسكو المعروف، بأن «هذا الأمر يجب على السوريين أنفسهم أن يتخذوا القرار بشأنه».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.