ليبيا: الخلافات تهيمن على جلسة النواب لمنح الثقة لحكومة السراج

واشنطن توسع عقوباتها ضد معارضي حكومة الوفاق

عناصر من قوات موالية للحكومة الليبية يقومون بدورية تفتيش في منطقة بضواحي مدينة بنغازي أمس بعد إعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
عناصر من قوات موالية للحكومة الليبية يقومون بدورية تفتيش في منطقة بضواحي مدينة بنغازي أمس بعد إعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الخلافات تهيمن على جلسة النواب لمنح الثقة لحكومة السراج

عناصر من قوات موالية للحكومة الليبية يقومون بدورية تفتيش في منطقة بضواحي مدينة بنغازي أمس بعد إعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
عناصر من قوات موالية للحكومة الليبية يقومون بدورية تفتيش في منطقة بضواحي مدينة بنغازي أمس بعد إعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)

وسّعت الولايات المتحدة أمس عقوباتها ضد معارضين لحكومة الوفاق الليبية التي يدعمها المجتمع الدولي، خصوصا رئيس حكومة طرابلس غير المعترف بها خليفة الغويل. وأورد بيان للبيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجاز لوزارة الخزانة اتخاذ إجراءات عقابية مالية وعلى مستوى التأشيرات بحق أشخاص ماديين أو معنويين «يهددون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا»، بينهم الغويل.
وسط توقعات بزيارة وشيكة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إلى العاصمة الليبية طرابلس، لإظهار الدعم لحكومة الوفاق الوطني التي ترأسها فائز السراج، قال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أمس، إن بلاده لا تعتزم إرسال قوات قتالية إلى ليبيا، فيما قالت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، إن «الوجود على الأرض في ليبيا لم يكن مطروحا للنقاش» بين وزراء الشؤون الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا مساء أول من أمس اجتماعا عبر دائرة تلفزيونية مع السراج. في غضون ذلك وسعت واشنطن عقوباتها على معارضي حكومة الوفاق في ليبيا، بحسب المتحدث باسم البيت الأبيض.
واتجهت الأنظار أمس إلى مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، حيث كان يفترض أن يعقد مجلس النواب المعترف به دوليا جلسة رسمية للتصويت على منح الثقة لحكومة السراج، على الرغم من الانقسام الحاد بين أعضاء المجلس حول تركيبة الحكومة وطريقة عملها، بالإضافة إلى مادة مثيرة للجدل تتعلق بمصير قادة المؤسسات العسكرية والأمنية، وعلى رأسهم الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي.
وعجز المجلس عن عقد جلسة أول من أمس، فيما نفى مقرره الإعلان عن إلغائها إلى أجل غير مسمى، على الرغم من حضور عدد كبير من النواب إلى مقر البرلمان بطبرق، لكنهم اكتفوا بإجراء مشاورات فقط، بعدما حالت الخلافات بينهم حول حكومة الوفاق دون انعقاد هذه الجلسة.
وقال النائب أبو بكر بعيرة: «لم نتمكن من عقد جلسة التصويت هناك». فيما كشف أعضاء آخرون عن تشكيل لجنة لحل الخلافات بين مؤيدي ومعارضي الحكومة التي انبثقت من اتفاق السلام الذي وقع في المغرب نهاية العام الماضي بواسطة الأمم المتحدة من قبل أعضاء في برلمان طرابلس «غير المعترف به»، وبرلمان طبرق المعترف به دوليًا.
من جهتها، قالت مسؤولة الاتحاد الأوروبي موغيريني التي أعلنت رغبتها بأن تقوم بزيارة طرابلس قريبا، إن «الاتحاد الأوروبي سيقترح على الليبيين تدريب خفر السواحل على يد عناصر العملية البحرية الأوروبية (صوفيا)، على نحو يسمح بدخول السفن البحرية التابعة لهذه العملية إلى المياه الإقليمية الليبية».
ولفتت إلى طموح الاتحاد الأوروبي، لتقديم مساعدة للسلطات الليبية من أجل ضبط الأمن والحدود وبناء هياكل الدولة وتحقيق التنمية، ومحاربة الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية. من جهته، نفى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، يوم اعتزام بلاده إرسال قوات قتالية إلى ليبيا، وردا على تقارير إعلامية أفادت بأن قوات خاصة بريطانية تنشط بالفعل في ليبيا، قال وزير الخارجية البريطاني أمام البرلمان لدى عودته من زيارة لليبيا واجتماعه بحكومة السراج في طرابلس: «أرى بوضوح أنه لا توجد رغبة في ليبيا لوجود قوات قتالية أجنبية على الأرض».
وأضاف: «لا نتوقع أي طلبات من حكومة الوفاق الوطني لإرسال قوات برية قتالية لمواجهة (داعش) أو أي جماعات مسلحة أخرى ولا نعتزم إرسال قوات لمثل هذا الدور».
وأعلن هاموند، خلال زيارته لليبيا عن تقديم «مساعدة فنية» قيمتها عشرة ملايين جنيه إسترليني (14.4 مليون دولار) للحكومة الجديدة، منها 1.4 مليون جنيه إسترليني لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب والجريمة المنظمة، و1.8 مليون جنيه إسترليني لدعم أنشطة مكافحة الإرهاب.
وكان رئيس الوزراء الليبي الجديد، فائز السراج، قد ناشد أوروبا المساعدة في مكافحة مهربي البشر، لكنه لم يصل إلى حد توجيه دعوة رسمية يقول الاتحاد الأوروبي إنها تلزم لنقل بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر المتوسط إلى المياه الإقليمية الليبية، بهدف وقف الموجة الجديدة من المهاجرين.
وواجهت محاولات تدريب سابقة لقوات الأمن صعوبات في 2012 و2013، حين بدأت إيطاليا وتركيا في تدريب قوات الشرطة إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا بهدف تشكيل قوة قوامها 8 آلاف فرد.
وتعطلت هذه البرامج بسبب القتال بين الفصائل المسلحة والصراعات السياسية بين الفرقاء في ليبيا.
وبدأت حكومة السراج في تسلم مقرات حكومية ورسمية من طرف واحد في طرابلس، حيث أعلنت أن محمد العماري، نائب السراج، قد تسلم مساء أول من أمس مقريْن حكوميين هما مقر وزارة الشباب والرياضة، ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وفى مدينة بنغازي بشرق البلاد، هنأ القائد الأعلى للجيش الليبي المستشار عقيلة صالح قويدر، الشعب الليبي بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش على مدى اليومين الماضيين ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المدينة.
وأشاد صالح بالفريق حفتر، القائد العام للجيش، ورئاسة أركانه، على ما وصفه بالانتصارات العظيمة التي تحققت بفضل صبرهم وثباتهم على الحق ودحرهم للجماعات الإرهابية.
كما أشادت الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني بالانتصارات التي حققها الجيش الوطني في بنغازي ضد قوى الظلام والإرهاب التي عاثت في الأرض فسادًا، وأهلكت الحرث والنسل، وحاولت إجهاض مفهوم الدولة بتدمير مؤسساتها ووأد أحلامها واغتيال آمالها.
واعتبرت حكومة الثني، في بيان لها، أن انتصارات الجيش على قوى الشر والإرهاب في المدينة ضيقت الخناق على المجموعات الإرهابية وحاصرتها كجيوب مندحرة ومهزومة.
ورأت أن قوات الجيش «أجهضت مشروع تحويل ليبيا إلى دولة ظلامية فاشلة، وكانت في الموعد وحققت الانتصار، وهي قاب قوسين أو أدنى من إعلان تحريرها بالكامل».
وأعلن الجيش رسميا أن قواته أحرزت تقدمًا كبيرًا في عدة محاور بعد مواجهات عنيفة استمرت ساعات بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة أثناء اقتحام مصنع الأسمنت ومقبرة الهواري، فضلاً عن منطقة تيكا ومنطقة بوزكرة وشارع الاستراحات والطريق المؤدي إلى بوابة القوارشة والشركة الصينية، المعروفة بطريق السكة الحديدية في بنغازي.
وطبقا لما قاله آمر مركز تدريب الحرية، العقيد عبد الله الشعافي، فإن عمليات تمشيط واسعة النطاق بدأت على الفور في المناطق والمواقع التي تم تحريرها، مشيرا إلى أن قوات الجيش والقوات المساندة له تقوم بمحاصرة الجماعات الإرهابية التابعة في منطقة القوارشة. وسقطت ليبيا في حالة من الفوضى منذ أن أسقطت المعارضة بدعم من الدول الغربية معمر القذافي عام 2011.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.