العلاقات السعودية ـ الأميركية.. تاريخ من «الشراكة الاستراتيجية» لأكثر من 8 عقود

أرسى دعائمها الملك المؤسس وتطورت إلى عهد الملك سلمان

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله من قبل الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2015 (رويترز) - الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي
خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله من قبل الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2015 (رويترز) - الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي
TT

العلاقات السعودية ـ الأميركية.. تاريخ من «الشراكة الاستراتيجية» لأكثر من 8 عقود

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله من قبل الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2015 (رويترز) - الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي
خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله من قبل الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2015 (رويترز) - الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي

تمتد العلاقة السعودية الأميركية إلى أكثر من 8 عقود مضت، التي انطلقت من منظور السياسية الخارجية للملك المؤسس عبد العزيز (رحمه الله)، والقائمة على استقلالية القرار والبحث عن العلاقة التي تحقق مصالح البلاد، بتنويع الصلات الدبلوماسية مع جميع الدول وفقًا للمبادئ التي تقوم عليها البلاد.
ومنذ تأسيس السعودية توالى على الحكم السعودي أبناء الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، حملت كل مرحلة من مراحلها تاريخًا مميزًا للعلاقات الخارجية مع جميع الدول على كافة الأصعدة وبشكل خاص مع الولايات المتحدة.
وتأتي زيارة الرئيس الأميركي قبل أشهر قليلة من نهاية ولايته الرئاسية الثانية للسعودية اليوم، لتؤكد على عمق العلاقة بين البلدين، ومحاولة لتجاوز الخلافات في بعض الملفات السياسية التي تتعلق في المنطقة وخاصة الأزمة السورية والعلاقة مع إيران بعد التوقيع على الاتفاق حول النووي مع دول 5+1 العام الماضي.
الرئيس أوباما ربما في زيارته لحضور القمة الخليجية يسعى للتأكيد على العلاقة الاستراتيجية التي تجمع بلاده بدول الخليج والسعودية بشكل خاص في ظل الظروف المحيطة بالمنطقة.
وكانت العلاقات الاقتصادية السعودية الأميركية بدأت عام 1931، حينما منح الملك المؤسس عبد العزيز حق التنقيب عن النفط في المملكة إلى شركة أميركية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين 1933.
فيما عززت العلاقات الثنائية بعد مرور الـ12 عامًا بلقاء تاريخي جمع الملك المؤسس عبد العزيز (رحمه الله) بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأميركي «يو إس إس كونسي» في 14 فبراير (شباط) 1945م، حيث وصف اللقاء آنذاك بنقطة التحول في انتقال العلاقات بين البلدين إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي في مختلف المجالات.
وحظيت السعودية باهتمام عالمي عام واهتمام أميركي خاص، نتيجة مكانتها الإسلامية، والسياسية والاقتصادية، وعدّت أحد مرتكزات الأمن الاستراتيجي في المنطقة العربية، كما أن ثروتها النفطية زادت من دورها الدولي في إحداث توازن بالاقتصاد العالمي على مر السنين نتيجة تحول النفط إلى سلعة عالمية أثرت على اقتصاديات الكثير من الدول المستهلكة له.
وبرز في تاريخ العلاقات السعودية الأميركية الكثير من المحطات المهمة التي عدت مرتكزًا أساسًا في دعم مسيرة العلاقات بين البلدين ومنها الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في 11 أبريل (نيسان) 2012م للولايات المتحدة (حينما كان وليا العهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع)، التقى خلالها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبحث معه تعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة في المجال العسكري والاستراتيجي المشترك.
بدوره حرص الرئيس الأميركي على التوجه للعاصمة السعودية الرياض في 27 يناير (كانون الثاني) 2015، برفقة وفد رفيع المستوى لتقديم العزاء في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأجرى خلال الزيارة محادثات مع الملك سلمان تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأحداث في المنطقة، في حين كانت آخر زيارة للرئيس أوباما إلى للسعودية في شهر مارس (آذار) 2014م.
وفي 3 سبتمبر (أيلول) الماضي، وصل خادم الحرمين الشريفين إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية في زيارة رسمية، تلبية لدعوة من الرئيس باراك أوباما، والتقى في مقر إقامته في واشنطن وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
فيما عقد خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الأميركي جلسة مباحثات في اليوم التالي بالبيت الأبيض، استعرضا خلالها الجانبان العلاقات المتينة بين البلدين، في الوقت الذي استقبل فيه الملك سلمان في ذات اليوم بمقر إقامته في واشنطن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش والرئيس الأسبق بيل كلينتون «كلا على حدة».
وفي اليوم الثالث للزيارة، شرف خادم الحرمين الشريفين حفل عشاء منتدى الاستثمار الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأميركي، حيث ألقى كلمة خلال الحفل أكد فيها متانة العلاقات السعودية الأميركية ووصفها بأنها علاقات تاريخية واستراتيجية منذ أن أرسى أسسها الملك المؤسس عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت.
فيما استقبل الملك سلمان في الـ24 أكتوبر (تشرين الأول) في قصر العوجا بالدرعية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والوفد المرافق له، كما التقى في الـ8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رئيس جهاز المراجعة المالية بالولايات المتحدة يوجين دودارو في مكتبه بقصر اليمامة. ويمتد تاريخ لقاءات قيادات المملكة والولايات المتحدة، لـ1943، حينما أناب الملك المؤسس نجليه (رحمهم الله) الأمير فيصل بن عبد العزيز (وزير الخارجية آنذاك)، والأمير خالد بن عبد العزيز، لزيارة أميركا، تلبية للدعوة الرسمية التي تلقاها من الرئيس الأميركي روزفلت، وذلك لبحث مستقبل العلاقات الثنائية.
وكان الملك الراحل سعود بن عبد العزيز (رحمه الله) أول الملوك السعوديين الذين زاروا أميركا، بعد تلبيته لدعوة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور في 29 يناير 1957م.
فيما كان الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز (رحمه الله) زار الولايات المتحدة في عهد أبيه الملك المؤسس في يونيو (حزيران) 1945م، بوصفه ممثلاً لوالده لحضور تأسيس منظمة الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو، والتوقيع على اتفاقية انضمام السعودية إلى المنظمة لتصبح الدولة الخامسة والأربعين المنضمة إليها آنذاك.
واستمر تبادل الزيارات وعقد اللقاءات بين قادة البلدين وكبار المسؤولين فيهما منذ عهد الملك المؤسس مرورًا بعهد أبنائه الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله (رحمهم الله) إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وتبرز في مسار العلاقات التي تجمع البلدين اللقاءات والزيارات التي قام بها الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، للولايات المتحدة الأميركية، في يناير 2013 (وكان حينئذ وزيرا للداخلية)، ضمن زيارته الرسمية لأميركا، توم دونلون مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، كما التقى آنذاك روبرت موللر مدير مكتب التحقيقات الاتحادية «إف بي آي»، وكذلك جيمس روبرت كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية «كلا على حدة».
كما عقد ولي العهد السعودي على هامش الزيارة اجتماعات مع مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب جون برينان ونائب وزير الخزانة الأميركي نيل وولين ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونائب وزيرة الخارجية الأميركية بيل بيرنز ووزير العدل الأميركي إريك هولدر ومدير وكالة الأمن الوطني الأميركي الجنرال كيث أليكساندر ومدير وكالة الأمن الوطني الأميركي الجنرال كيث أليكساندر. كما شهدت الزيارة توقيع ولي العهد السعودي ووزيرة الأمن الداخلي الأميركي جانيت نابوليتانو اتفاق الترتيبات الخاصة ببدء تطبيق برنامج «المسافر الموثوق به» بين البلدين، وذك خلال اجتماع الجانبين، فيما أصدرت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي بيانًا بعد الاجتماع أشارت فيه إلى أن الاجتماع مثل خطوة أخرى كبرى إلى الأمام في سبيل دعم علاقات الشراكة بين البلدين.
وتوالت معها الزيارات الرسمية لولي العهد السعودي لواشنطن، وكبار المسؤولين الأميركيين للرياض، 24 رجب 1436هـ، تقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما مستقبلي ولي العهد السعودي الذي رأس، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وفد المملكة إلى اجتماع قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس الأميركي الذي عقد في كامب ديفيد بولاية مريلاند. ورافق ولي العهد إلى الاجتماع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الذي عقد لقاءً خلال الزيارة مع وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر.
وفي سبيل تعزيز العلاقات الأمنية وشؤون الدفاع بين البلدين، عقد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الكثير من الاجتماعات واللقاءات مع المسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية منذ أن كان وزيرا للدفاع.
وبرز من نشاطاته استقبال جوزيف ويستفول سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى المملكة، واستقباله الفريق أول لويد أوستن قائد القيادة الوسطى الأميركية، واللواء توماس هاروود رئيس بعثة التدريب العسكرية الأميركية في المملكة، ولقائه مع رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، واستقبال أنطوني بلينكن نائب وزير الخارجية الأميركي واجتماعه مع الفريق أول لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأميركية.
فيما قام الأمير محمد بن سلمان في الحادي والعشرين من شهر رمضان الماضي، بزيارة لحاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت في الخليج العربي اطلع خلالها على قدرات حاملة الطائرات التسليحية، ومهامها الهجومية والدفاعية والمضادة للغواصات.
ومنذ مطلع العام الحالي، اجتمع ولي ولي العهد السعودي بوزير الطاقة الأميركي الدكتور آرنست مونيز، كما اجتمع بقائد القيادة الوسطى الأميركية الفريق أول لويد أوستن ومع قائد القيادة المركزية الأميركية الفريق أول لويد جيه أوستين.
كما استقبل وفدًا من الكونغرس الأميركي برئاسة السيناتور بنيامين كأردن يضم كلاً من السيناتور الديمقراطي من ولاية ماساشوستس أدوارد ماركي، والسيناتور الديمقراطي من ولاية أوريغون جيف ميركلي، والسيناتور الجمهوري من ولاية كولورادو كوري غاردنر.
فيما التقى في وقت لاحق، ريتشارد ستنجل وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الدبلوماسية العامة.



السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
TT

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

جاء ذلك في بيان ألقاه مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير عبد العزيز الواصل، أمام الجمعية العامة بدورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة بشأن فلسطين للنظر بقرارين حول دعم وكالة الأونروا، والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وقال الواصل إن التعسف باستخدام حق النقض والانتقائية بتطبيق القانون الدولي أسهما في استمرار حرب الإبادة الجماعية، والإمعان بالجرائم الإسرائيلية في غزة، واتساع رقعة العدوان، مطالباً بإنهاء إطلاق النار في القطاع، والترحيب بوقفه في لبنان، واستنكار الخروقات الإسرائيلية له.

وأكد البيان الدور الحيوي للوكالة، وإدانة التشريعات الإسرائيلية ضدها، والاستهداف الممنهج لها، داعياً إلى المشاركة الفعالة بالمؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية الذي تستضيفه نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا.

وشدد الواصل على الدعم الراسخ للشعب الفلسطيني وحقوقه، مشيراً إلى أن السلام هو الخيار الاستراتيجي على أساس حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وفق قرارات الشرعية الدولية.

وعبّر عن إدانته اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية التي تؤكد استمرارها بانتهاك القانون الدولي، وعزمها على تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، مشدداً على عروبة وسورية الجولان المحتل.

وصوّت الوفد لصالح القرارين، فجاءت نتيجة التصويت على دعم الأونروا «159» صوتاً، و9 ضده، فيما امتنعت 11 دولة، أما المتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، فقد حصل على 158 صوتاً لصالحه، و9 ضده، في حين امتنعت 13 دولة.