الفلسطينيون يحيون «يوم الأسير» بالتأكيد على «تحريرهم» من سجون الاحتلال

إسرائيل اعتقلت مليون فلسطيني منذ 1967 بقي منهم 7 آلاف في السجون

فلسطينيون يرفعون الملصقات ويلوحون بالأعلام في مسيرة في رام الله مطالبين بإطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون الملصقات ويلوحون بالأعلام في مسيرة في رام الله مطالبين بإطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يحيون «يوم الأسير» بالتأكيد على «تحريرهم» من سجون الاحتلال

فلسطينيون يرفعون الملصقات ويلوحون بالأعلام في مسيرة في رام الله مطالبين بإطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون الملصقات ويلوحون بالأعلام في مسيرة في رام الله مطالبين بإطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

أحيا الفلسطينيون على مختلف انتماءاتهم أمس، يوم الأسير الفلسطيني، مع تعهدات رسمية وفصائلية، بتبييض السجون الإسرائيلية من نحو 7 آلاف أسير يقبعون في سجون مختلفة، بينهم نساء وأطفال.
وفيما أعلنت القيادة الفلسطينية أنها ملتزمة بالإفراج عن الأسرى ضمن أي اتفاق، أكدت حركة حماس أن لديها ما يسمح بصفقة مشرفة لتبادل أسرى، في إشارة إلى جثث جنود إسرائيليين لديها وإسرائيليين آخرين أحياء.
وقال القيادي الفلسطيني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمود العالول، إن «قضية الأسرى حاضرة في وجدان وضمائر شعبنا في كل الأيام، وليست محصورة في هذا اليوم. هذا اليوم هو موعد لتسليط الضوء على قضيتهم، أما في باقي الأيام فنعمل من أجل تحريرهم وتحرير الأرض».
وتضع القيادة الفلسطينية ملف الأسرى ضمن الملفات النهائية التي يجب حلها مع إسرائيل، من أجل إنهاء الصراع وتوقيع اتفاق سلام. ونجحت في مرات عدة في الإفراج عن أسرى ضمن مفاوضات وصفقات مع إسرائيل، وهو النهج الذي لا توافق عليه حركة حماس، معتبرة أن تبييض السجون لن يتم سوى بصفقات تبادل إجبارية.
وأكد أمس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، أن حركته تعمل جاهدة للإفراج عن جميع الأسرى، وأنها مصرة على شروطها لإتمام أي صفقة جديدة تتمثل في الإفراج عن أسرى صفقة شاليط أولا، التي أبرمت بين حماس وإسرائيل عام 2011، قبل أن تعيد إسرائيل اعتقال بعض من أفرجت عنهم.
وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن لدى كتائب القسام ما يمكنها من إنجاز صفقة مشرفة للإفراج عن الأسرى. وقال أبو عبيدة، في كلمة له بمناسبة يوم الأسير: «يوم الحرية قريب، هذا عهدنا للأسرى وسننجزه مهما كانت الظروف».
ووجه الناطق باسم القسام، رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي، جاء فيها، «المراوغة ومحاولات التخلص من دفع الثمن لن تنفع». وأن «على قيادة العدو أن تعلم أن من خلف أسرانا رجالاً لا يعرفون طعمًا للعيش إلا بتحرير إخوانهم من القيد، والأيام ستثبت صدق وعدهم».
شعبيًا، أوقد الفلسطينيون شعلة انطلاق فعاليات يوم الأسير من بلدة العيزرية في القدس، وتظاهر مئات في الضفة الغربية وقطاع غزة تضامنا مع الأسرى، ورفعوا صور أسرى محكومين بالمؤبدات داخل إسرائيل وطالبوا لهم بالحرية.
وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن الرئيس محمود عباس رهن المفاوضات برمتها مع الجانب الإسرائيلي بإطلاق حرية قدماء الأسرى. وقال قراقع، إن قضية الأسرى حجر الأساس لحل القضية الفلسطينية بشكل عادل.
ويقبع في السجون الإسرائيلية، بحسب تقرير إحصائي لهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، 7 آلاف أسير، بينهم 69 أسيرة، وأكثر من 400 طفل، تحتجزهم سلطات الاحتلال في 22 سجنا ومركز توقيف وتحقيق، إلى جانب معتقلي «عتصيون» و«حوارة» التابعين لجيش الاحتلال.
ورصد التقرير حالات الاعتقال منذ عام 1967 وحتى أبريل (نيسان) 2016، قائلا، إنها وصلت إلى قرابة المليون مواطن ومواطنة. وجاء في التقرير، أنه منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر (أيلول) 2000، ولغاية اليوم، سُجلت أكثر من 90 ألف حالة اعتقال، بينها أكثر من 11 ألف طفل، تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، ونحو 1300 امرأة فلسطينية، وأكثر من 65 نائبًا ووزيرا سابقا. وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة 25 ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.
ووصف التقرير حالات الاعتقال، وما يرافقها ويتبعها، بأنها تتم «بشكل مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني، من حيث أشكال الاعتقال وظروفه، ومكان الاحتجاز والتعذيب، وأشكال انتزاع الاعترافات. وتفيد الوقائع وشهادات المعتقلين، بأن 100 في المائة ممن مرّوا بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال، تعرضوا لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، والإيذاء المعنوي والإهانة، أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب».
وبحسب التقرير، يوجد من الأسرى القدامى، أي الذين اعتقلهم الاحتلال منذ ما قبل توقيع اتفاقية «أوسلو» عام 1993، 30 أسيرًا، أقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس، من الأراضي المحتلة عام 1948. ويوجد من النساء 69 أسيرة، من بينهن 16 فتاة قاصر، وأقدمهن الأسيرة لينا الجربوني من الأراضي المحتلة عام 1948. فيما وصل عدد الأسرى القصر (أقل من 18 عامًا) في سجون الاحتلال، إلى 400 طفل، موزعين على سجني «مجدو» و«عوفر»، ويتعرّضون خلال فترة اعتقالهم، لأساليب متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية، أما عدد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال فوصل إلى ما يقارب 750 أسيرًا إداريًا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.