«الدفاع المدني» السعودي: 18 حالة وفاة نتيجة الأمطار خلال أسبوع

إنقاذ 915 شخصا والتحذير من الأودية أثناء التغيرات المناخية

عناصر من الدفاع المدني يجلون مواطنين سعوديين بعد أن علقوا في وحول طينية بسبب الامطار الغزيرة ({الشرق الأوسط})
عناصر من الدفاع المدني يجلون مواطنين سعوديين بعد أن علقوا في وحول طينية بسبب الامطار الغزيرة ({الشرق الأوسط})
TT

«الدفاع المدني» السعودي: 18 حالة وفاة نتيجة الأمطار خلال أسبوع

عناصر من الدفاع المدني يجلون مواطنين سعوديين بعد أن علقوا في وحول طينية بسبب الامطار الغزيرة ({الشرق الأوسط})
عناصر من الدفاع المدني يجلون مواطنين سعوديين بعد أن علقوا في وحول طينية بسبب الامطار الغزيرة ({الشرق الأوسط})

أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني السعودي، أمس، تسجيل 18 حالة وفاة نتيجة الأمطار التي شهدتها مناطق واسعة من المملكة على مدار أسبوع، وأوضح المركز الإعلامي للمديرية العامة للدفاع المدني، أمس، أنه تم إنقاذ 915 طلبوا المساعدة خلال موجة الأمطار. وشهدت 7 مناطق على مستوى السعودية خلال الأسبوع الجاري تعليقا للدراسة بسبب تساقط الأمطار، فيما عد مختصون في مجال المناخ أن هذه الفترة مرحلة انتقالية بين فصلي الشتاء والصيف، والفترة هذه هي فصل الربيع الذي تكثر فيه التقلبات الجوية والحالات المطرية، خصوصا على وسط المملكة وشمالها.
ويتوقع مراقبو المناخ، أن تستمر الحالة المطرية التي تشهدها مناطق واسعة من السعودية في الفترة الراهنة حتى نهاية أبريل (نيسان) الجاري، فيما وصفوا هذه الحالة بالطبيعية وليست نتيجة لتغيرات مناخية.
ويطلق الدفاع المدني والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تحذيرات بمخاطر الحالة المناخية؛ وذلك لما تمثله الأودية والشعاب التي تكون جارفة نتيجة غزارة الأمطار، حيث تتحول إلى أنهار لحظية تجرف في طريقها كل شيء، حيث توصي التنبيهات المتنزهين ومحبي الرحلات البرية بالبعد عن بطون الأودية والشعاب.
وسجل الدفاع المدني خلال اسبوع واحد فقط 18 وفاة نتيجة الأمطار، كما بلغ عدد المحتجزين الذين تم إنقاذهم 915، منهم 225 شخصا في العاصمة الرياض، التي تشهد تساقطا غزيرا للأمطار، و381 شخصا في منطقة مكة المكرمة التي شهدت أجزاء واسعة منها أمطارا غزيرة، خصوصا جنوبها وشرقها، كما تم إنقاذ 38 شخصا في منطقة الباحة التي تشهد كثافة كبيرة في تساقط الأمطار. وفي منطقة عسير تم إنقاذ 251 شخصا.
يشار إلى أن منطقة عسير تشهد تساقطا كثيفا للأمطار؛ مما تسبب في إغلاق عدد من الطرق «العقبات» التي تربط المدن في المرتفعات بالمدن والقرى في سهل تهامة، ومن أبرز هذه الطرق «عقبة ضلع» التي أغلقت أول من أمس.
وفي منطقة جازان، تم إنقاذ 18 شخصا، كما تمكن أفراد الدفاع المدني من إنقاذ شخصين في منطقة نجران.
بدورها، أوضحت المديرية العامة للدفاع المدني، أن أغلب الاحتجازات كانت داخل المركبات، حيث بلغ عدد السيارات التي تم إخراجها من مجاري السيول 858، وتمكنت فرق الدفاع المدني من إخلاء 398 شخصا، وإيواء 61 أسرة خلال الفترة ذاتها.
وسجلت مراكز التحكم والتوجيه في المديرية العامة للدفاع المدني في مناطق «الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، الباحة، جازان، عسير، نجران وحائل»، على مدار أسبوع تقريبا، أكثر من 26 ألف بلاغ، حيث سجلت منطقة مكة المكرمة أعلى نسبة في البلاغات بنحو 13700 بلاغ، تلتها العاصمة الرياض بـ6200 بلاغا.
كما سجلت منطقة نجران أقل عدد في البلاغات بـ3 فقط، بينما سجلت منطقة المدينة المنورة 59 بلاغا، وسجلت منطقة الباحة 4500 بلاغ، ونحو 750 بلاغا في منطقة جازان، و980 بلاغا في منطقة عسير، وعدد محدود من البلاغات في منطقتي حائل والقصيم.
وأهاب الدفاع المدني بالمواطنين والمقيمين أخذ الحيطة والحذر، حيث من المتوقع استمرار هطول الأمطار خلال الأسابيع المقبلة على عدد من مناطق المملكة؛ ما يستدعي الحذر وعدم التواجد في مواقع جريان السيول والأودية، أو الخروج للنزهات البرية في المناطق المعرضة لسقوط أمطار رعدية، والالتزام بتعليمات الدفاع المدني عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حفاظا على سلامتهم، متمنيا السلامة للجميع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».