13 عامًا على الاحتلال الأميركي للعراق.. والنساء أبرز الضحايا

رئيسة منظمة نسائية: مليون أرملة عراقية.. واتساع ظاهرة العنف الأسري

عراقيات يتصدرن المظاهرات للمطالبة بحقوقهن («الشرق الأوسط»)
عراقيات يتصدرن المظاهرات للمطالبة بحقوقهن («الشرق الأوسط»)
TT

13 عامًا على الاحتلال الأميركي للعراق.. والنساء أبرز الضحايا

عراقيات يتصدرن المظاهرات للمطالبة بحقوقهن («الشرق الأوسط»)
عراقيات يتصدرن المظاهرات للمطالبة بحقوقهن («الشرق الأوسط»)

تستذكر لمى البياتي، مدرسة رياضيات، الأيام الأولى من احتلال القوات الأميركية، قائلة: «كان هناك تداخل بالمشاعر، من جهة إحساس بالمرارة لاحتلال قوات أجنبية بلدي حيث دباباتهم داست كل شيء ومحت خطواتنا وخطوات أبي وأمي وجدي في هذه الشوارع والأرصفة، إذ كنا نتمنى أن تقوم ثورة شعبية بمساعدة الجيش العراقي لتغيير نظام صدام حسين الذي أعدم أخي الشاب بتهمة هروبه من الجيش خلال الحرب مع أنه كان في القاطع الجنوبي من الجبهة، وهذا تسبب بموت والدي بالسكتة القلبية ومرض والدتي، ومن جهة ثانية مشاعر سعادة لأننا تخلصنا من نظام ديكتاتوري أذاقنا المر». تستطرد لمى قائلة لـ«الشرق الأوسط» كنت مع عائلتي نتابع الأنباء على شاشة التلفزيون، فينا من هو سعيد وخاصة زوجي وأبنائي متأملين بأنهم سيبدأون يتنفسون الصعداء من خلال حياة جديدة بلا مراقبة أمنية وحصار وكبت الحريات، بينما أنا كنت أفكر ماذا سيكون وضعي أنا، وضع المرأة العراقية المثقفة وغير المثقفة، هل ستتطور حياتنا اجتماعيا، هل سيكون لنا دور مؤثر ومنفتح في الحياة القادمة، أم أن وضعنا سيبقى على ما هو عليه».
وتجيب لمى بنفسها عن أسئلتها قائلة «الإجابات جاءت جلية عندما تصدر المشهد السياسي جماعات المعارضة التي جاءت من الخارج وخاصة الأحزاب التي تتحدث باسم الدين، وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على تغيير النظام بسبب الاحتلال الأميركي لبلدي أجد اليوم أن وضع المرأة العراقية قد تراجع كثيرا وبدعم من الإدارة الأميركية التي يفترض أنها تشجع النساء وتدفع بهن إلى الأمام»، مشيرة إلى أن «نعم هناك نساء في البرلمان العراقي وفق مبدأ الكوتا أو وصل بعضهن عن طريق التصويت، لكن الغالبية العظمى من النائبات لا يمثلن توجهات وتطلعات المرأة العراقية، بل إن وجودهن في البرلمان إهانة لنا، باستثناء أسماء قليلة وغير مؤثرات في مجلس النواب».
وتؤكد الناشطة المدنية سلمى جبو رئيسة مركز تدريب وتأهيل الأرامل في العراق، وهي منظمة مجتمع مدني تأسست عام 2006 بدعم من الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، أن «الضحية الرئيسية لما حصل بسبب الاحتلال الأميركي بعد 2003 هي المرأة العراقية، التي صارت ضحية الإرهاب والتهجير وعدم الاستقرار وفقدان الزوج والابن والأخ والأب». مشيرة إلى «وجود أكثر من مليون أرملة في العراق حسب إحصائية رسمية من قبل الأمم المتحدة قبل دخول تنظيم داعش للموصل والرمادي وتكريت، وهذا يعني أن عدد الأرامل قد زاد بالتأكيد لإعدام تنظيم داعش وقتل الكثير من الرجال».
وتتابع جبو في تصريحها لـ«الشرق الأوسط» أن «أوضاع المرأة العراقية ازدادت سوءا بعد 2003، أي بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وما حدث ساهم بشكل كبير في زيادة معاناة المرأة العراقية بسبب اتساع حجم الإرهاب الذي استهدف المناطق المزدحمة بالسكان، وفي بروز حالات تعنيف المرأة بشكل كبير وواضح، وغياب القوانين التي تحمي النساء أو عدم تطبيقها».
وتوضح جبو أن «مركزنا يقوم بتأهيل الأرامل مهنيا لتتمكن من إيجاد فرص عمل لائقة توفر لها ولعائلتها فرصة حياة كريمة، ونحن نهتم أيضا في مركز تدريب وتأهيل الأرامل بموضوع النساء المهجرات والنازحات من مدنهم مع أبنائهن بسبب الإرهاب، حيث نقوم بتعليم النساء المؤهلات علميا استخدام الكومبيوتر والعمل الوظيفي، ونقوم بفتح صفوف التعليم المهني للنساء غير المؤهلات علميا مثل الخياطة والحياكة والطبخ وغيرها من المهن وفتح صفوف تدريسية لأبناء الأرامل في المخيمات».
وتنوه جبو إلى أن «ضمن مهامنا استقبال النساء المعنفات، فقد ازدادت حالات التعنيف الأسري وضرب المرأة بسبب انتشار العنف والإرهاب في المجتمع العراقي، وهناك قانون ضد العنف الأسري لم يصادق عليه البرلمان العراقي حتى اليوم».
وتخلص رئيسة مركز تأهيل الأرامل إلى أنه «بشكل عام الاحتلال الأميركي وما حصل بعد 2003 ساهم باضطهاد المرأة العراقية، نعم هناك أصوات نسائية قوية للمطالبة بحقوق المرأة وأن يكون لها دور بارز في الحياة السياسية والاقتصادية وضرورة تطبيق وتفعيل القوانين التي تحمي حقوق المرأة لكن في مجتمع بدأ يتراجع في قيمه ومبادئه وسيادة القيم الريفية والتخلف للأسف نجد أن المسافة اتسعت كثيرا بين تأكيد دور القوانين وممارسة المجتمع الذكوري وهيمنته على المرأة». مشيرة إلى أن «اليوم هناك أكثر من ثمانين منظمة مجتمع مدني تدافع وتهتم بشؤون المرأة العراقية ضمن شبكة النساء العراقيات من بين أكثر من ثلاثة آلاف منظمة مجتمع مدني مسجلة في رئاسة الوزراء».
وفي ظل انتشار ظاهرة اضطهاد المرأة العراقية والأطفال تتسع مشكلة الزواج بالقاصرات والزواج خارج المحكمة وزيادة عدد حالات الطلاق، وتشخص الناشطة المدنية المحامية منى جعفر وبلغة الأرقام فإنه «خلال عامين 2013 و2014 كانت هناك 8529 قضية طلاق محسومة، وفي ذات العامين هناك 21951 قضيا طلاق غير محسومة وغالبيتها تفريق بطلب من الزوجات بسبب تعرضهن للاضطهاد، وهذه الأرقام حسب سجلات مجلس القضاء الأعلى»، مشيرة إلى أن «مشكلة الزواج من قاصرات (دون سن الـ18 سنة) انتشرت بشكل كبير ليس في المناطق الريفية فحسب بل في المدن الكبيرة مثل بغداد، ففي منطقة الزعفرانية (جنوب بغداد) تم تسجيل 133 حالة، وقد سجلنا حالات محرجة للغاية مثل الزوان بأطفال أعمارهن 11 سنة وتسع سنوات».
من جانبها، توضح المحامية أمل لـ«الشرق الأوسط» أن «الزواج من القاصرات أو الزواج خارج الحكمة كان موجودا في السابق ولكن بنطاق محدود وفي المناطق الريفية، واليوم اتسعت هذه الظواهر لغياب التشديد القانوني وضعف القضاء والدولة فالقوانين العراقية تمنع الزواج بامرأة ثانية بدوم موافقة الزوجة الأولى».
مع كل ذلك، فإن المشهد لا يبدو مظلما جدا، بل إن هناك بصيصا من ضوء لدور المرأة العراقية خاصة في المجالات الثقافية والفنية والتدريسية والطبية، وهناك أسماء بارزة لفنانات تشكيليات ومسرحيات وموسيقيات وشاعرات وأساتذة جامعيات وطبيبات متفوقات، بينما تزدحم الجامعات العراقية بالطالبات في مختلف الاختصاصات، كما أن للمرأة العراقية اليوم دورها المؤثر في الحراك الشعبي وفي المظاهرات المطالبة لإجراء الإصلاحات، لكن هذا لا يمثل مشهدا بانوراميا للمرأة العراقية التي تعمقت معاناتها بعد الاحتلال الأميركي للعراق».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.