وزراء خارجية «منظمة التعاون» يرحلون خلافاتهم حول إيران و«حزب الله» إلى القمة اليوم

مصدر لـ «الشرق الأوسط»: تحفظ لبناني وإيراني وجزائري على إدراج الحزب منظمة إرهابية .. ومشاركة غير مسبوقة على مستوى رؤساء الدول

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لدى ترؤسه إجتماع  وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس (غيتي)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لدى ترؤسه إجتماع وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس (غيتي)
TT

وزراء خارجية «منظمة التعاون» يرحلون خلافاتهم حول إيران و«حزب الله» إلى القمة اليوم

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لدى ترؤسه إجتماع  وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس (غيتي)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لدى ترؤسه إجتماع وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس (غيتي)

تنطلق في مدينة إسطنبول التركية اليوم اجتماعات الدورة الـ13 لدول مجلس التعاون الإسلامي، وسط مشاركة غير مسبوقة لرؤساء الدول الإسلامية التي وصفها الأمين العام للمنظمة إياد مدني بأنها ستكون «غير مسبوقة».
وبدأ بعد ظهر أمس توافد ملوك ورؤساء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى مركز المؤتمرات في مدينة إسطنبول للمشاركة في المؤتمر، بعد أن أنهى وزراء الخارجية أعمالهم التحضيرية أول من أمس، وتوقفوا عند النقاط الخلافية في مسودة البيان الوزاري ورفعوها إلى القمة التي تنعقد اليوم وغدا للبتّ فيها، خصوصا فيما يتعلق بالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية، وتوصيف ما يسمى «حزب الله» بأنه منظمة إرهابية، وهي نقاط من شأنها أن تثير بعض الحساسيات لوجود إيران في الاجتماعات ممثلة بوزير خارجيتها محمد جواد ظريف.
وكشف مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن إيران ولبنان والجزائر تحفظت على إدراج «حزب الله» كمنظمة إرهابية، فيما طلب العراق وقتًا للمشاورة والدراسة، في الوقت الذي أجمعت الدول بما فيها لبنان حول طلب توقف التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية.
وعلى صعيد متصل، أنهى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي اجتماعهم التحضيري للقمة الإسلامية التي تعقد دورتها الحالية تحت شعار: الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام، وتم إعداد المسودة النهائية للبيان الختامي والوثائق الختامية الخاصة بملفات القمة، تمهيدا لرفعها غدا إلى قادة العالم الإسلامي لمناقشتها.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن القمة الإسلامية الـ13 ستشهد أكبر مشاركة على المستوى الرفيع في تاريخها، مشيرا إلى مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء أعمال الاجتماع التحضيري لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء إن برنامج العمل الاستراتيجي لعام 2025. سيكون من أهم المواضيع التي سيتم تداولها خلال القمة.
وعن الاجتماع التحضيري للمجلس الوزاري، أوضح أن اللقاءات التي جرت طيلة اليوم بين المجتمعين، دارت حول تقييم أوضاع العالم الإسلامي، وكيفية تحسين البنية التحتية للدول الإسلامية. وأشار إلى أنه تم خلال الاجتماع أيضا، تناول قضايا السلام، والأمن، والقضية الفلسطينية، إضافة إلى مكافحة الفساد والتطرّف والإرهاب، فضلا عن مسائل الاستثمار والأمور المالية، والعلوم والتكنولوجيا، وتغيّر المناخ، وظاهرة «الإسلاموفوبيا».
وتطرّق مدني إلى العلاقات التركية المصرية، موضحا أن المنظمة تدعم المحادثات المبدئية لحل الأزمات القائمة بين الدول الأعضاء، وأنها تنظر إلى العلاقات التركية المصرية من هذا المنظور. ولفت مدني إلى أنه لمس ليونة واضحة بين مسؤولي البلدين خلال الاجتماعات، معربا عن أمله في فتح صفحة جديدة بين الدولتين عقب انتهاء فعاليات القمة.
ويتدارس قادة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في القمة المرتقبة 12 وثيقة تشمل: قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، حالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، وضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، «الإسلاموفوبيا»، الوضع الإنساني في العالم الإسلامي، برنامج الخطة العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي، تعزيز التعاون العلمي في مجالات: الصحة والتعليم العالي والبيئة بين الدول الأعضاء، تعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي والإعلامي، القضاء على الفقر وتطوير البنية التحتية، المسائل القانونية والتنظيمية، وتمكين منظمة التعاون الإسلامي من الوفاء بولايتها.
ويرى محللون أن استضافة تركيا لهذه القمة تعتبر مؤشرا جديدًا إلى رغبتها في الظهور بمظهر القوة الكبرى في العالم الإسلامي، وخصوصا أن القمة تعقد في مدينة كانت رمزا للإمبراطورية العثمانية. وبعد أزمة في العلاقات مع حكام مصر والعلاقات الملتبسة مع إيران الشيعية، سعت تركيا إلى بناء تحالفات مع دول سنية قوية منها السعودية وقطر.
وقال جان ماركو خبير العلوم السياسية ومدير الأبحاث في معهد ساينس بو غرينبول الفرنسي، لوكالة الصحافة الفرنسية «إن عقد قمة منظمة التعاون الإسلامي فرصة مهمة لتركيا، إذ إنها تأتي في الوقت الذي تحتاج فيه تركيا إلى استعادة صورتها في العالم الإسلامي».
إلى ذلك أكملت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي استعداداتها والتحضيرات الخاصة بانعقاد الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي التي تستضيفها تركيا في مدينة إسطنبول، ومن المتوقع أن يتخذ قادة العالم الإسلامي في القمة المرتقبة قرارات ومبادرات عملية تسعى إلى النهوض بالعمل الإسلامي المشترك، والارتقاء بالدور المناط بمنظمة التعاون الإسلامي على الساحتين الإقليمية والدولية، بما في ذلك اعتماد الخطة العشرية الجديدة 2015 - 2025 وهي رؤية استراتيجية تتضمن أولويات محددة في مجالات: السلم والأمن، مكافحة الإرهاب والتطرف، الجوانب الإنسانية، حقوق الإنسان، دعم التنمية، تخفيف حدة الفقر، اجتثاث الأمراض الوبائية، حقوق المرأة والشباب والأطفال والأسرة في العالم الإسلامي، التعليم العالي، العلوم والتكنولوجيا، والتبادل الثقافي بين الدول الأعضاء.
وتتقدم الملفات التي تناقشها قمة إسطنبول، القضية الفلسطينية، حيث من المرتقب أن يصدر بشأنها قرار يضع أولويات التحرك السياسي في المحافل الدولية لنصرة الحقوق الفلسطينية، فضلا عن تأكيد دور وموقف المنظمة لمساندة فلسطين على كل المستويات، ولدعم الجهود الدولية الرامية لإعادة إطلاق عملية سياسية جماعية، وفق جدول زمني محدد، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وستبحث القمة فيما يخص القضية الفلسطينية أيضا دعم التحرك لعقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم فريق الاتصال الوزاري المعني بالقدس الشريف، واعتماد الخطة الاستراتيجية لتنمية القدس الشريف.
وتناقش القمة الإسلامية التي تنعقد تحت شعار (الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام)، أيضا الأوضاع الراهنة في كل من سوريا، اليمن، ليبيا، أفغانستان، الصومال، مالي، جامو وكشمير، البوسنة والهرسك، واعتداءات أرمينيا على أذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهد نزاعات وأوضاعا أمنية غير مستقرة.
كما تبحث قمة إسطنبول أوضاع المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والإسلاموفوبيا، إضافة إلى مواضيع: التنمية المستدامة في الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون العلمي في مجالات الصحة والتعليم العالي والبيئة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي والإعلامي، والوضع الإنساني، والقضاء على الفقر، وتطوير البنية التحتية في الدول الأعضاء.
وتعقد عقيلات ملوك ورؤساء العالم الإسلامي جلسة خاصة على هامش القمة الإسلامية حول «قيادة عقيلات الملوك والرؤساء لجهود مكافحة السرطان في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي».
يشار إلى أن انعقاد القمة الإسلامية سيتم عقب انعقاد اجتماعات تحضيرية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء ومستوى كبار المسؤولين، ويُرتقب أن يصدر عن القمة الإسلامية بيان ختامي وإعلان إسطنبول.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.