تونس: حزبا النهضة والنداء يتهمان «آفاق تونس» بعدم التضامن الحكومي

دعا إلى تعديل حكومي.. وانتقد الوضع العام في البلاد

تونس: حزبا النهضة والنداء يتهمان «آفاق تونس» بعدم التضامن الحكومي
TT

تونس: حزبا النهضة والنداء يتهمان «آفاق تونس» بعدم التضامن الحكومي

تونس: حزبا النهضة والنداء يتهمان «آفاق تونس» بعدم التضامن الحكومي

عبرت كل من حركة النهضة وحركة النداء، أكبر أحزاب الائتلاف الحكومي في تونس، عن استيائهما من التصريحات الصادرة عن قيادات حزب آفاق تونس، أحد الشركاء الأربعة في الحكم؛ وذلك بعد اتهام الحكومة بالفشل في حل الملفات الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم الدعوة إلى إجراء تعديل حكومي عاجل.
ولم تمر دعوة ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس، إلى تعديل حكومي بعد الإقرار بفشل حكومة الحبيب الصيد في الخروج بالبلاد من وضعها الاقتصادي والاجتماعي المتعثر، دون أن تخلف تساؤلات عديدة حول مدى التضامن الحكومي بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم، بزعامة حركة نداء تونس، وحول مدى استفادة حزب آفاق من هذه الدعوة.
وعلل ياسين إبراهيم دعوته إلى إجراء تعديل حكومي بأن «الوضع العام في البلاد سيئ»، وربط موقف حزبه بـ«غياب التناغم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان)، والأزمات التي مرت بها بعض الأحزاب السياسية»، في إشارة إلى حزبي نداء تونس والاتحاد الوطني الحر، الحزبين المشكلين للائتلاف مع حركة النهضة. وأضاف موضحا، أن نسق عمل الحكومة غير مرض رغم التسريع في نسق إنجاز المشاريع الحكومية، والتقليص في نسبة التضخم وتحسين القدرة الشرائية.
وبشأن دعوة حزب آفاق تونس إلى تعديل حكومي، قال فوزي صفر، المتحدث باسم الحزب في تصريح إعلامي: «إن الأحزاب الفائزة في انتخابات 2014 لم تعد تحكم، وإن حركة النهضة التي فشلت في الفوز بالمرتبة الأولى في تلك الانتخابات البرلمانية هي التي تقود المرحلة»، على حد تعبيره.
واتهم صفر حركة النهضة بتعطيل عمل البرلمان؛ لأنها «تحكم دون أن تكون في الواجهة»، حسب رأيه، ودعا إلى تحالف سياسي واسع لما أسماها «العائلة السياسية الوسطية»، بما من شأنه أن يعيد التوازن إلى عمل البرلمان، داعيا أحزاب النداء وكتلة الحرة وحزب آفاق تونس إلى التكتل ضد بقية التيارات السياسية، بما يعيد إلى الحياة السياسية توازنها المفقود، على حد قوله.
وتوافق حركة النهضة على مبدأ مناقشة فكرة التعديل الحكومي، في حين أبقى «نداء تونس» على مسافة تجاه هذا الأمر، على اعتبار أنه «لا يطلبه ولا يعارضه»، في حين أن موقف حزب «الاتحاد الوطني الحر»، الشريك الرابع في الحكم ما زال غامضا، حيث لم تبد منه غير دعوته إلى تغيير وزير الشباب والرياضة، إثر استقالته من الحزب وتمسك بتعويضه بواحد من قياداته السياسية.
وبشأن الجدل المتعلق بتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، وتعديل الدستور، قال صفر: إنه «من المبكر الحديث عن أي تعديل في الدستور في الوقت الحالي»، مشيرا إلى أن على جميع الأحزاب السياسية الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية، في إشارة إلى الانتخابات البلدية المرجح تنظيمها في مارس (آذار) المقبل، وصرح في هذا السياق بأن حركة النهضة هي أكثر الأحزاب استعدادا لهذا الموعد السياسي، مقارنة بالقوى السياسية الأخرى.
وهاجمت صحف تونسية مقربة من حركة نداء تونس تصريحات ياسين إبراهيم، وزير التعاون الدولي والاستثمار والتنمية، بسبب انتقاده أداء حكومة لحبيب الصيد، وقالت إنها «تصريحات انقلابية»، ونبهت إلى إمكانية عودة حركة النهضة إلى واجهة العمل السياسي، واتهمتها بمحاولة «التغول» من جديد نتيجة بحثها عن إجراء تغيير على رئاسة البرلمان، وفتح الأبواب أمام عبد الفتاح مورو، النائب الأول لرئيس البرلمان، لخلافة محمد الناصر.
وتواجه حركة النهضة اتهامات بمحاولة السيطرة على مجلس النواب، تحسبا لأي حادث يطرأ على مؤسسة رئاسة الجمهورية؛ إذ إن الفصل 84 من الدستور التونسي ينص على أن رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) هو الذي يتولى الرئاسة في حالة الفراغ الطويل المدى، أو الاستقالة أو الوفاة، أو العجز التام.
ويفسر متابعون للشأن التونسي الموقف الجديد لحزب آفاق تونس، بكونه محاولة لإعادة التموقع السياسي ضمن الخريطة السياسية التونسية، بعد أزمة «نداء تونس»، واستقالة نائبين من نواب حزب الاتحاد الوطني الحر من كتلته البرلمانية، وبداية الاستعداد لمحطة الانتخابات البلدية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.