«الهيئة العليا التفاوضية» تجدّد تأكيدها على ضرورة بحث الانتقال السياسي في جنيف

المسلط: لا يمكن إنهاء الأزمة السورية إذا استمر الأسد في السلطة

رياض حجاب رئيس الهيئة العليا التفاوضية خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
رياض حجاب رئيس الهيئة العليا التفاوضية خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الهيئة العليا التفاوضية» تجدّد تأكيدها على ضرورة بحث الانتقال السياسي في جنيف

رياض حجاب رئيس الهيئة العليا التفاوضية خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
رياض حجاب رئيس الهيئة العليا التفاوضية خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

شدّدت الهيئة العليا التفاوضية على ضرورة أن ترتكز الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف على الانتقال السياسي، مستندة في ذلك أيضا إلى ما سبق للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا أن أعلنه، واعتبرت أنّ النظام السوري يحاول الالتفاف على مطالب الانتقال السياسي عبر خلق تعريفات مختلفة تفقده مغزاه ومعناه الحقيقيين.
ورحّب سالم المسلط، المتحدث الرسمي باسم وفد الهيئة، بإعلان دي مستورا موعدا جديدا للمفاوضات في 13 أبريل (نيسان) الحالي، إضافة إلى زيارته للرياض، حيث من المتوقع أن يلتقي وفد الهيئة، وأكّد «على النظام أنّ يفهم أن المباحثات سترتكز على الانتقال السياسي، ولا يمكن إنهاء الأزمة السورية والتوصل إلى حلّ إذا استمر بشار الأسد في السلطة»، مؤكدا «أن الشعب السوري وحده من يحدّد مستقبل بلاده».
من جهته، أشار نائب رئيس الائتلاف السابق، هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ «كلا من النظام السوري والمسؤولين الروس يحاولون تجميل الطروحات، متجاوزين موضوع الانتقال السياسي ومصير الأسد للتهرب من الاستحقاقات المفروضة عليهم لتطبيق القرارات الدولية، وذلك من خلال تقديم مشاريع جديدة تلغي المشاريع السابقة». وأكّد مروة أن المعارضة لا تزال مستمرة في مشاركتها بالمفاوضات رغم أن بنود الاتفاق «2254» لم يتم التقيد بها، ولم يطبق منها ما لا يتجاوز الـ5 في المائة، موضحا «يحاول النظام استغلال الوقت من خلال عدم تطبيق القرارات، وتوسيع دائرة سيطرته ميدانيا رغم الهدنة، كي تصبح الأمور لصالحه ويستغلها في المفاوضات، وكل ذلك يعكس عدم وجود نيات جدية للدخول في الحل السياسي».
ومن المقرر أن يزور دي ميستورا السعودية، قبيل استئناف محادثات جنيف في الثالث عشر من الشهر الجاري خلال جولة تشمل إيران وتركيا وسوري، بحسب ما أعلن أوّل من أمس، ومن المتوقع أنّ يلتقي في الرياض مسؤولين سعوديين وقيادة الهيئة العليا للمفاوضات، بهدف بحث إمكانية توسيع الوفد المفاوض وفقًا لطلب روسي.
كما سيبحث دي ميستورا مع الهيئة العليا الوثيقة المشتركة التي قدّمها للمعارضة والنظام، التي تتضمن النقاط المتفق عليها في وثائق الطرفين، وبعض التفاصيل التي تتعلق بالأسئلة التي قدّمها لهما بانتظار ردودهما المكتوبة عليها.
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر في المعارضة السورية، لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء، إلى وجود وجهتي نظر داخل الهيئة العليا للمفاوضات فيما يتعلق بتوسيع الوفد المفاوض، ففي حين تُرحب بعض الأطراف ومن بينها هيئة التنسيق، ترفض أطرافًا أخرى ومن بينها الائتلاف وقيادة الهيئة هذا المبدأ وتشدد على أن الأمر غير ممكن، وتشير إلى ضوابط تنظيمية لا تسمح بذلك.
ويحاول المبعوث الأممي التوفيق بين رؤى موسكو واشنطن تجاه خطوات الحل السياسي للأزمة السورية، وإقناع الأطراف السورية ذات الصلة بالمفاوضات بتغيير مواقفها بما يتناسب مع هذه الرؤى قبيل الجولة القادمة لمؤتمر جنيف الثالث، التي لن يعرف عما إذا كانت ستشهد مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارض. مع العلم، بأن وفد الحكومة السورية إلى محادثات جنيف قال على لسان أحد أعضائه، محمد خير أحمد العكام، إن «الجولة المقبلة في جنيف لن تشهد محادثات مباشرة»، ورجع السبب إلى «صعوبة توحيد رؤى هذه المعارضات التي تعاني مشكلة في بنيتها».



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».