العثور على فيلم نادر يوثق زيارة الملك عبد العزيز لمصر عام 1946

ضمن 50 فيلمًا لشركتي «جومون» البريطانية و«باتيه» الفرنسية

صورة من فيلم يوثق زيارة الملك عبد العزيز لمصر عام 1946 وكان في استقباله الملك فاروق

قادته هوايته في التنقيب عن نوادر التراث المصري إلى كنوز سينمائية تعود لبدايات القرن الماضي. فقد عثر مكرم سلامة، أشهر جامع للوثائق وصاحب أكبر أرشيف سينمائي في مصر والشرق الأوسط، على ما يزيد عن 50 فيلما من أفلام شركتي جومون البريطانية وباتيه الفرنسية، أول الجرائد السينمائية الناطقة.
ومن أهم الأفلام التي عثر عليها فيلم يسجل الزيارة التاريخية للملك عبد العزيز لمصر عام 1946 ولحظات وصوله إلى ميناء السويس على متن يخت المحروسة الملكي الذي أرسل إلى ميناء جدة ليقل جلالة الملك. ويصور الفيلم الاستقبال الحافل الذي كان على رأسه الملك فاروق وحاشيته، مع رئيس الوزراء النقراشي باشا ورئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا، ويوضح التعليق البريطاني على الفيلم كيف صعد ملك مصر لاستقبال الملك عبد العزيز. ويسجل الفيلم الموكب المهيب الذي رافق الملكين حتى استقلا القطار الملكي إلى القاهرة، لتظهر بعدها لقطات استقبال الشعب المصري الذي خرج بالملايين لاستقبال الملك من محطة القطار وصولا إلى قصر عابدين بوسط القاهرة.
وأثناء تشغيل ماكينته السينمائية الصغيرة، عاكسا صورتها على شراشف بيضاء في منزله بالإسكندرية، يقول سلامة لـ«الشرق الأوسط» تمثل تلك الأفلام أهمية تاريخية كبيرة فهي كنز ثمين لا يقدره إلا من يهواه، تلك الأفلام يعود تاريخها إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تصنع باستخدام الزجاج، أما الآن فقد تطورت صناعة السينما وأصبحت الأفلام الـ35 ملم توضع على قاعدة من البلاستيك.
ويضيف: «أفلام (جومون) كانت تعرض في معسكرات الضباط الإنجليز، وهي نشرة إخبارية مصورة وناطقة تسجل أهم الأحداث في أوائل القرن العشرين، وفي بدايتها كانت الشركة صغيرة وكانت هناك منافسة شديدة بينها وبين شركة باتيه الفرنسية، حيث تمكن الفرنسيان بارون وجومون في 29 أبريل (نيسان) عام 1902 من تصميم طريقة لإذاعة الصوت أوتوماتيكيًا متزامنًا مع العرض المتحرك، إلا أن الفيلم نفسه صامت. وظلت المنافسة على أشدها إلى أن طورت شركة جومون تقنيات إنتاج وتصنيع الأجهزة السينمائية والتوزيع وبناء الاستوديوهات وصالات العرض، ومنذ عام 1906 أصبحت استوديوهات شركة جومون هي الأكبر في العالم».
يستكمل سلامة «قام فرنسيان آخران هما ديكو ولوديه عام 1910. بابتكار وسيلة جديدة لشركة جومون باستخدام تنغيم الصوت من خلال دفعات من الهواء المضغوط، وقدمت شركة جومون عرضًا مبهرًا في قاعة جومون الكبرى للعرض السينمائي بباريس عام 1912. وذاع صيت جومون إلا أنها تراجعت بعد ظهور صناعة السينما الأميركية وانتشار صناعة السينما في الكثير من دول العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية».
من بين الأفلام التي عثر سلامة عليها ويتباهى بعرضها لضيوفه؛ فيلم يصور الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا، يوم كانت أميرة ويتم إعدادها لتتوج على رأس بريطانيا العظمى، ويوثق الفيلم لزيارتها للنادي البحري الإنجليزي وإلقائها لخطاب أمام أعداد غفيرة من الضباط الإنجليز، وفيلم آخر عن الملك فيصل ملك العراق في فترة طفولته، ويصور الفيلم لقطات نادرة له في أهم المناطق العراقية. كذلك أيضًا عثر على أفلام توثق لتاريخ الحرب العالمية الثانية، ومنها اتفاقية «هتلر - ستالين» الشهيرة، وكذلك يصور الفيلم كلمة يلقيها مونتغمري «أوف عالمين» كما أطلق عليه في الفيلم.
وخص مكرم سلامة «الشرق الأوسط» بمجموعة صور تم التقاطها من أفلام وثائقية هامة تسجل لحظات عظيمة من تاريخ العالمين العربي والأوروبي، قائلا: «شغفي بالسينما يدفعني دائما للبحث عن تراثها الثمين، ومن خلال علاقتي ببعض أفراد الجاليات الأجنبية الإيطالية واليونانية والفرنسية والأرمنية، عثرت لديهم على بعض الأفلام القديمة التي تعود لبدايات القرن العشرين حيث كانت هناك الكثير من الشركات السينمائية مملوكة لأجانب مقيمين بالإسكندرية، وتوارثتها أجيال وأراد بعضهم التخلص من بعض مقتنياته لكبره في السن، ومن هذه الشركات: شركة كوندور فيلم لصاحبيها إبراهيم وبدر لاما، وشركة مؤسسات جومون لتوزيع الأفلام الفرنسية في مصر». ويقول: «أحاول جمعها وتصنيفها وترميمها بشكل مستمر حفاظا على ذلك التراث من الضياع ربما تعرف الأجيال الجديدة ما كان عليه العالم العربي وما أصبح عليه الآن».