العلاقات المصرية السعودية من التفاهم إلى أعلى صور التكامل.. ولا أثر للشائعات

في عهد الملك سلمان والرئيس السيسي.. الرياض والقاهرة جناحا الأمن العربي

الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديث جانبي خلال تمارين {درع الشمال} في حفر الباطن في السعودية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديث جانبي خلال تمارين {درع الشمال} في حفر الباطن في السعودية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

العلاقات المصرية السعودية من التفاهم إلى أعلى صور التكامل.. ولا أثر للشائعات

الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديث جانبي خلال تمارين {درع الشمال} في حفر الباطن في السعودية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديث جانبي خلال تمارين {درع الشمال} في حفر الباطن في السعودية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

في تأكيد على عمق ومتانة العلاقات السعودية المصرية، يصل خادم الحرمين الشريفين إلى القاهرة يوم غد (الخميس) في زيارة هي الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم في فبراير (شباط) 2015. ورغم تعدد اللقاءات التي جمعت الملك سلمان والرئيس السيسي خلال العام الماضي، فإن مراقبين يرون أن الزيارة المرتقبة بالغة الأهمية من الناحية الاستراتيجية بالنظر إلى ما تشهده المنطقة من تعقيدات جيوسياسية.
وفي الداخل المصري، تبدو الزيارة بالنسبة لقادة الأحزاب صفعة لـ«كل من سعى أو أمل» في توتير علاقات القاهرة بالرياض، وعبرت قادة تلك الأحزاب عن ترحيبهم بالزيارة، مؤكدين أنها قطعت ألسنة المشككين، وشددوا على أن الشعب المصري لن ينسى تاريخ المملكة المساند والداعم لمصر على مدار التاريخ وخلال العامين الماضيين على وجه التحديد.
وكان الدعم السعودي للدولة المصرية بارزا عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013، حيث بادرت السعودية بالوقوف بكل قوة أمام الموقف الدولي الغامض في مواجهة إرادة الشعب المصري بإزاحة جماعة الإخوان عن الحكم، فدعمت خريطة الطريق المصرية سياسيا واقتصاديا حتى نجحت مصر في تجاوز الأزمة.
وعلى الجانب الآخر، سارعت مصر بدعم السعودية في حماية أمن منطقة الخليج العربي القومي عقب إعلان الرياض عن خوض معركة لدعم الشرعية في اليمن. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرارا وتكرارا أن الأمن القومي العربي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، قائلا عبارته الشهيرة: «مسافة السكة»، للدلالة على أن القاهرة لن تتوانى في الدفاع عن مصالح أشقائها.
ويرى الدبلوماسي المخضرم عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجمل العلاقة المصرية السعودية ليست فقط إيجابية جدا، بل علاقة استراتيجية وضرورية. وتعد حجر أساس في أي تشكيل إقليمي جديد في الشرق الأوسط، حيث يجب أن يؤخذ في الاعتبار ثقل الشراكة المصرية السعودية».
ويتابع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، قائلا إنه «لا بد من أن يكون هناك نوع من التنسيق الدولي والإقليمي، والعربي بصفة خاصة، في مواجهة هذه التحديات، بأن لا تكون المواقف الدولية ضد المصالح الإقليمية، أو فرض مصلحة إقليمية من منظور معين على دول العالم العربي. وهذا شيء واضح في المسيرة العربية والسياسية العربية حاليا، وأنه من الضروري النظر بتعمق من مطلق مصلحة مشتركة إلى التطورات في الشرق الأوسط، وأعني بالمصلحة المشتركة كلا من العربية والدولية».
وتشارك مصر ضمن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة لاستعادة الشرعية في اليمن ضد ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح، كما يعد الجيش المصري ضمن قوات التحالف الإسلامي بزعامة السعودية لحفظ أمن المنطقة.
ويتفق السفير المصري السابق لدى السعودية، السفير عفيفي عبد الوهاب، مع أن التحركات الدولية سواء للسعودية أو مصر، تدلل على أن مصر والسعودية هما أبرز قوى المنطقة، وأنهما ترعيان الأمن القومي العربي، قائلا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل التحركات المصرية أو السعودية تصب في هذا الاتجاه.. وبالفعل أي عمل عربي مشترك لا تقوم له قائمة إلا بالتنسيق والتعاون والتشاور بين كل من المملكة العربية السعودية ومصر، ولا تستطيع الأمة العربية مواجهة أي تحديات خاصة في المجال الأمني، إلا من خلال تضافر الجهود المصرية السعودية».
ويرى السفير عبد الوهاب أن «العلاقات السعودية المصرية حاليا في واحدة من أفضل مراحلها، وهي علاقات متطورة، وعلاقات استراتيجية تضرب جذورها في أعماق التاريخ»، مشيرا إلى أن «هناك تكاملا وتوافقا كبيرا بين الجانبين في إدارة ملفات المنطقة».
ويؤكد دبلوماسيون ومراقبون أن العلاقات المصرية السعودية متميزة منذ نشأتها، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، لكنها تشهد أوج تألقها خلال الفترة الأخيرة، نتيجة للدعم الكامل الذي يبديه الطرفان للتعاون المشترك ولقضايا الأمة العربية، التي أوجبت خطورتها ضرورة التصدي لها بكل قوة.
وخلال العام الماضي، حاولت بعض التيارات «ذات الغرض» أن «تصطاد في الماء العكر»، بحسب رأي الخبراء، وسعت تلك التيارات لمحاولة ضرب العلاقات المصرية السعودية بادعاء وجود خلافات حول بعض الملفات المهمة والقضايا الملتهبة، لكن مراقبين أكدوا أن تلك المحاولات واجهت حائطا عاليا من متانة العلاقات بين القاهرة والرياض، ومواقف ثابتة وراسخة بددت أي مساعٍ خبيثة لشق الصف، مشيرين إلى أن الاختلافات في الرؤى وطرق التعامل مع تلك القضايا لا تعكس اختلافا في الأسس، وإنما هي تكامل في الطرح والأفكار تصب في مصلحة الشرق الأوسط في نهاية الأمر.
ويقول عمرو موسى إنه «سيكون من الضرر البالغ علينا جميعا، إقليميا وعربيا، محاولة الإضرار بالعلاقة المصرية السعودية العميقة.. وأؤكد أن أي ضرب في هذه العلاقة هو في الواقع ينطلق إما من سوء نيات أو عمالة، وإما رغبة في العمل على الإضرار بالاستقرار في المنطقة».
ويتابع: «أطالب الكل بالدفع لدعم العلاقة المصرية السعودية في هذا الوقت بالذات في مواجهة طموحات وأطماع إقليمية، وفي مواجهة سياسات دولية مشكوك في نياتها»، مؤكدا أن «الذي سيقف عربيا للدفاع عن العالم العربي ومصالح العرب هو هذا التعاون والمشاركة والشراكة، ولنسمها كما نشاء.. وهو التحالف المصري السعودي».
وزار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، القاهرة في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي والتقى الرئيس المصري، حيث شهدت الزيارة «إعلان القاهرة» الذي رسخ مفاهيم التكامل بين البلدين. ويهدف إعلان القاهرة إلى تحقيق أقصى درجات التعاون المشترك، كما شارك الرئيس السيسي في مناورة «رعد الشمال» بمنطقة حفر الباطن الشهر الماضي، في إعلان واضح عن قوة التنسيق العسكري بين مصر والمملكة.
ويؤكد السفير عبد الوهاب، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفترة التي تمر بها المنطقة العربية حاليا تستوجب من الجانبين مزيدا من التعاون والتشاور والتكاتف لمواجهة جميع التحديات التي تمر بها الأمة العربية.. ولعل الجميع يلاحظ أن هذه العلاقات شهدت طفرات ودفعة قوية خلال المرحلة الأخيرة، وتوج هذا التطور بزيارة الأمير محمد بن سلمان، وما صدر عن هذه الزيارة من بيان واضح تماما يؤكد أسس هذه العلاقات المتينة والاستراتيجية، والأهداف التي يسعى الجانبان لتحقيقها خلال المرحلة الحالية والمقبلة».
وحمل إعلان القاهرة في طياته الاتفاق على وضع حزمة من الآليات التنفيذية، وتشمل تطوير التعاون العسكري والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، والعمل على جعلهما محورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية، وتكثيف الاستثمارات المتبادلة السعودية والمصرية بهدف تدشين مشروعات مشتركة. كما نص الإعلان على تكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة.
وفي تصريح واضح لا يحتاج إلى تعليق عن حجم وقوة العلاقات بين القاهرة والرياض، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في اتصال هاتفي مع الرئيس السيسي عقب ساعات من «إعلان القاهرة»، أن العلاقة بين البلدين «استراتيجية وتكاملية»، قائلا إن الإعلان يحمل «مضامين عليا ومهمة للأمتين الإسلامية والعربية».
المحلل السياسي عزمي خليفة، مستشار المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية والسياسية ومقره القاهرة، أكد أن الدعم السياسي السعودي لمصر كان فارقًا خلال الفترة الماضية، وما زال هذا الدعم مستمرًا.
ودلل خليفة على ذلك بعدد من النقاط، قائلا: «أولها الأمن المصري، مصر كانت تواجه موجة من الإرهاب من ثلاثة اتجاهات، الأول من الشمال الشرقي، ثم الاتجاه الغربي من ليبيا والاتجاه الجنوبي، وعندما أعلنت السعودية دعمها السياسي لمصر فإنها أعلنت أنها تؤمن مصر من الجهة الشرقية».
وأوضح خليفة، لـ«الشرق الأوسط»، أن إعلان الملك عبد الله تأييده لقرارات الجيش بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، عقب بيان الجيش بثلاثين دقيقة، هو ما يعبر عن مدى التأييد السعودي للنظام الحالي، بالإضافة إلى الموقف السابق للسعودية من جماعة الإخوان المسلمين، عندما شعرت السعودية بأن حكم الإخوان تخلى عن الثوابت العربية.
يضيف خليفة أن السعودية لعبت دورًا دبلوماسيا في الوقت الماضي عن طريق إرسال رسائل إلى كل من تركيا وحماس وقطر أيضا، للحد من التوتر في العلاقات مع مصر، مشيرا إلى أن الدعم الاقتصادي الذي قدمته السعودية عقب ثورة 30 يونيو، يعد في جوهره دعما سياسيا بالأساس.



تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».