تعذيب أقارب المتطرفين واغتيالهم.. استراتيجية أمنية روسية راسخة

تسببت في تعزيز الحقد تجاه النظام والتعاطف مع مواقف المتشددين

جنود روس يقومون بدورية في إحدى القرى في الشيشان في ديسمبر عام 2000 (أ.ف.ب)
جنود روس يقومون بدورية في إحدى القرى في الشيشان في ديسمبر عام 2000 (أ.ف.ب)
TT

تعذيب أقارب المتطرفين واغتيالهم.. استراتيجية أمنية روسية راسخة

جنود روس يقومون بدورية في إحدى القرى في الشيشان في ديسمبر عام 2000 (أ.ف.ب)
جنود روس يقومون بدورية في إحدى القرى في الشيشان في ديسمبر عام 2000 (أ.ف.ب)

أدين دونالد ترامب المرشح الجمهوري البارز في انتخابات الرئاسة الأميركية الحالية، عندما دعا الولايات المتحدة إلى «طرد» عائلات الإرهابيين خارج البلاد.
ولقد وصف الكثيرون دعوته بأنها غير أخلاقية وغير قانونية، حتى بعد توضيحه أنه لم يكن يتحدث عن قتل أقارب وعائلات الإرهابيين، إلا أن تلك هي الاستراتيجية نفسها التي تعتمدها أجهزة الأمن الروسية منذ عقود. وعلى الرغم من عدم الاعتراف بها رسميًا، فإن هذه الاستراتيجية تُعدّ السياسة المستمرة المتبعة في مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب لدى موسكو، بينما توفر الاستراتيجية الروسية لسحق التمرد الانفصالي للمسلمين في إقليم القوقاز مختبر الأبحاث الضروري لتجربة واختبار أفكار ترامب. وكانت الروابط الأسرية التي تجمع بين مختلف الجماعات الإرهابية محل التركيز الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت الشرطة في بروكسل أن اثنين من العناصر الانتحارية الذين نفذوا الهجمات كانا بالأساس شقيقين، وهما إبراهيم وخالد البكراوي. ولقد أفاد أغلب المحللين بأن ثلث المشاركين في الأعمال الإرهابية تربطهم صلات عائلية بمهاجم آخر.
وفي الصراع الذي اندلع في الشيشان، وتحول بمرور الوقت إلى تمرد انفصالي من غير تنظيم محكم في جميع أرجاء إقليم القوقاز، كانت أجهزة الأمن الروسية تعمل بشكل روتيني على اعتقال وتعذيب واغتيال أقارب وعائلات المتهمين، وفق تقارير الجماعات الحقوقية هناك.
وكان الأسلوب الروسي، الذي من شأنه أن يسبب الفزع لأنصار طريقة الإيهام بالغرق في استجواب الإرهابيين، فعالا نسبيا، فلقد سببت عمليات اختطاف أفراد الأسر خللا ملحوظا بين صفوف زعماء التمرد الإسلاموي في الشيشان، على سبيل المثال. وللأشقاء سجل دموي حافل في روسيا، كما هو الحال في أماكن أخرى. ففي عام 2004، فجّرت بعض الشقيقات من الشيشان أنفسهن داخل إحدى الطائرات ومحطة من محطات مترو الأنفاق في موسكو في حادثتين لا يفصل بينها إلا أسبوع واحد. وفي عام 2011، قالت الشرطة الروسية إن شابًا مراهقًا برفقة شقيقته الكبرى من انغوشيا، وهي من المناطق المضطربة الأخرى في الإقليم ذاته، ساعدا في صناعة قنبلة مكّنت شقيقهما من تفجير نفسه باستخدامها في صالة الوصول بمطار دوموديدوفو في موسكو، مما أسفر عن مصرعه ومقتل 36 شخصا آخرين.
ومن وجهة النظر الروسية، فإن العائلة هي الرابط الذي يتعين كسره حتى يسهل تفكيك الخلية أو الجماعة الإرهابية. يقول كيريل كابانوف، وهو من أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متحدّثا عن أحد المهاجمين الانتحاريين المحتملين إن «عليه أن يدرك أن أفراد عائلته وأقاربه سوف تعاملهم أجهزة الأمن بوصفهم متواطئين معه». وأضاف أنه «عندما يصبح أحد الأشخاص إرهابيًا، يمكنه التسبب في مقتل المئات من الناس الأبرياء. وتلك هي الأخلاقيات التي نتحدث عنها. علينا أن ندرك أن واجب الأقارب محاربة ذلك في المقام الأول. فإذا أبلغ أحد أفراد العائلة عن الأمر قبل وقوعه، فلن نعتبره مذنبًا بحال. وإذا علم بالأمر ولم يبلغ عنه، فهو شريك في الجريمة لا محالة».
وبموجب القانون الروسي، فليس لأجهزة الأمن الروسية السلطة اللازمة لاستهداف الأقارب، إلا أن أجهزة الاستخبارات نادرا ما تسمح بتفاصيل قانونية بعرقلة أنشطتهم الأمنية.
وفي الشيشان وداغستان المجاورة لها، تعمد أجهزة الأمن الروسية بشكل روتيني إلى حرق أو تدمير منازل المشتبه في كونهم متمردين أو متطرّفين. ومن اللافت للنظر فعلا أن عائلات بأكملها يجري إلقاء القبض على أفرادها واعتقالهم في مختلف القضايا الأمنية البارزة، ويظلون رهن الاعتقال والاستجواب حتى يتخلى المتشدد عن فكره ويتراجع أو يتعرض للقتل.
وكانت مريم أحمدوفا، من منطقة كاباردينو - بالكاريا الواقعة بشمال القوقاز، قد عايشت ذلك عن قرب. وعلى الرغم من ألم التجربة وبشاعتها، قالت إنها تفهمت توجيه النيابة العامة الروسية الاتهامات إلى ولدها الأكبر لمشاركته في إحدى الهجمات الإرهابية، لا سيما أنه لم ينفِ أبدًا تورطه في الأمر، إلا أن مشكلاتها لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد وقت قريب، كانت الأجهزة الأمنية تستجوب ولدها الأصغر، على الرغم من عدم توافر الأدلة على تورطه في الهجمات التي اتهم شقيقه بالضلوع فيها داخل مدينة نالتشيك في عام 2005. وتعرض الشقيق الأصغر لإطلاق النار من قبل قوات الأمن الروسية، وقتل خلال محاولة للاعتقال ذات ظروف غامضة في عام 2013. وقالت أحمدوفا خلال مقابلة أجريت عبر الهاتف «لم يكن مشاركا في أي شيء. لقد قتلوه بسبب أن شقيقه كان في السجن».
وطبقت الاستراتيجيات الروسية بقسوة فائقة خلال فترة التهدئة الشيشانية في أعقاب تخطيط فلاديمير بوتين لإعادة الاستيلاء على الإقليم الانفصالي في الأيام الأولى من ولايته للبلاد. وكان الأقارب يُستخدمون كطعم لاصطياد المتشددين. فإذا رفض المتشدد تحويل ولائه، فإن النتيجة الحتمية هي اختفاء فرد العائلة القريب له. وفي الشيشان هناك ما يتراوح بين 3000 إلى 5000 حالة اختفاء غير معروفة من عام 2000 وحتى 2005. وتلك السياسة، التي عمل على تنفيذها الزعيم الشيشاني رمضان أحمد قاديروف الموالي لموسكو، وهو سليل عائلة شيشانية رفيعة المستوى، أدت إلى كسر الروابط القائمة بين مختلف قوى المقاومة الداخلية. كما تلاعبت أجهزة الأمن الروسية أيضًا بورقة الأقارب تحقيقا لغايات مختلفة، مثل تمرير الأغذية المسمومة بشكل غير مقصود إلى المتشددين المشتبه بهم. وتلك الممارسات، غير الغريبة على أجهزة الأمن الروسية، أدت إلى رفع عشرات القضايا أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى جانب انتقادات واسعة النطاق لهذه الاستراتيجية التي، في حين أنها بدت ذات فعالية على المدى القصير، فإنها سببت نفورا وطنيا عميقا للمزيد من العائلات التي لا يزال أفرادها يحملون الكثير من الحقد تجاه أجهزة الأمن الروسية حتى يومنا هذا.
من جهتها، توضح ايكاترينا سوكيريانسكايا، وهي محللة لدى المجموعة الدولية للأزمات وخبيرة في شؤون القوقاز، عبر مقابلة أجريت عن طريق الهاتف أن «هناك إساءات ممنهجة من قبل أجهزة الأمن الروسية بحق أفراد عائلات المتمردين. وقد تفضي تلك الممارسات إلى نتائج قصيرة الأجل، ولكن لا يمكننا اعتبارها من قبيل النجاحات الأمنية. يمكنك من خلالها الحيلولة دون وقوع بعض أعمال العنف في الوقت الراهن، ولكنك بهذه الطريقة تدفع مجتمعات بأسرها إلى هوة التطرف بهدف الانتقام. عند استهداف المسلمين الأبرياء لمصالح الأجهزة الأمنية، فإن ذلك يعد من قبيل إضفاء الشرعية على قضية المتمردين». ووصفت أحمدوفا كيف يتطور الإحساس بالظلم والغضب من الأجهزة الأمنية. فبعد مقتل ولدها الأصغر في عام 2013، كما تقول، جاءت إليها الشرطة المحلية وأخبرتها هي وأرملة ابنها بأن الأحفاد، وعلى الرغم من كونهم أطفالاً صغارًا في رياض الأطفال والتعليم الابتدائي، سيوضعون على قوائم المراقبة الأمنية.
وفي عمليات أمنية رفيعة المستوى، اعتقلت أجهزة الأمن الروسية في عام 2004 عشرات من أفراد إحدى العائلات الكبيرة القريبة من وزير الدفاع الشيشاني المتمرد، ماغوميد خامباييف، بما في ذلك زوجات أشقائه. أما أصلان بك خامباييف، وهو ابن العم البالغ من العمر (19 عامًا)، الذي لا توجد لديه صلات معروفة أو مثبتة بالعائلة المذكورة، فقد اختطف من الجامعة التي يدرس فيها، وتعرض للضرب المبرح الشديد حتى فقد الوعي وألقت به إحدى السيارات المجهولة أمام منزل زعيم المتمردين في القرية التي ينتمي إليها. وقال ماغوميد خامباييف لصحيفة «كوميرسانت»، عقب استسلامه حفاظًا على أرواح أفراد عائلته: «أجل، لقد اعتقلوا أقاربي. ولكنهم يستحقون ذلك.. إنهم كانوا مذنبين. أتعرفون لماذا؟ لأنهم فقط أقاربي». واستطرد خامباييف يقول: «لو كنت لصا من اللصوص، فعائلتي كلها من اللصوص في نظر أجهزة الأمن».
* خدمة «نيويورك تايمز»



زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».