مرور 40 سنة على تأسيس أبل التي غيرت العالم

قيمتها 700 مليار دولار.. ومليار جهاز قيد الاستخدام

ستيف جوبز يعرض جهاز الآيباد في 27 يناير 2010 (أ.ف.ب)  -  ستيف جوبز يعرض جهاز «جي 4» في أغسطس 1999 في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)  -  كومبيوتر «آبل 2» الذي ظهر عام 1977 معروضا في متحف آبل في العاصمة التشيكية براغ (إ.ب.أ)  -  جهاز ماكنتوش الذي ظهر لأول مرة في عام 1984 في متحف آبل في براغ (إ.ب.أ)
ستيف جوبز يعرض جهاز الآيباد في 27 يناير 2010 (أ.ف.ب) - ستيف جوبز يعرض جهاز «جي 4» في أغسطس 1999 في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب) - كومبيوتر «آبل 2» الذي ظهر عام 1977 معروضا في متحف آبل في العاصمة التشيكية براغ (إ.ب.أ) - جهاز ماكنتوش الذي ظهر لأول مرة في عام 1984 في متحف آبل في براغ (إ.ب.أ)
TT

مرور 40 سنة على تأسيس أبل التي غيرت العالم

ستيف جوبز يعرض جهاز الآيباد في 27 يناير 2010 (أ.ف.ب)  -  ستيف جوبز يعرض جهاز «جي 4» في أغسطس 1999 في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)  -  كومبيوتر «آبل 2» الذي ظهر عام 1977 معروضا في متحف آبل في العاصمة التشيكية براغ (إ.ب.أ)  -  جهاز ماكنتوش الذي ظهر لأول مرة في عام 1984 في متحف آبل في براغ (إ.ب.أ)
ستيف جوبز يعرض جهاز الآيباد في 27 يناير 2010 (أ.ف.ب) - ستيف جوبز يعرض جهاز «جي 4» في أغسطس 1999 في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب) - كومبيوتر «آبل 2» الذي ظهر عام 1977 معروضا في متحف آبل في العاصمة التشيكية براغ (إ.ب.أ) - جهاز ماكنتوش الذي ظهر لأول مرة في عام 1984 في متحف آبل في براغ (إ.ب.أ)

في الأول من أبريل (نيسان) عام 1976 أسس ثلاثة أشخاص شركة للكمبيوتر لتصبح بعد أربعين سنة أكبر شركة في العالم تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار أميركي.
وكان مؤسسو الشركة ستيف جوبز وستيف وزنياك والمؤسس المنسي، كما يسميه الإعلام الأميركي رونالد واين يبيعون مكونات أجهزة كمبيوتر إلى نادي هومبرو للكمبيوتر، كلها من تصميم وتجميع وزنياك.
واليوم أصبح لدى الشركة 480 مخزنا لبيع منتجاتها في 18 دولة حول العالم، وبلغت مبيعاتها في الربع الأول من العام الحالي 18 مليار دولار، كما كشفت مؤخرا أن هناك مليار جهاز من منتجات الشركة مستخدمة في جميع أنحاء العالم.
إلا أن صعود الشركة إلى القمة لم يكن تجربة سهلة، فقد شهدت في منتصف الثمانينات من القرن الماضي طرد ستيف جوبز من الشركة بعد فشل أول جهاز ماكنتوش ومحاولاته طرد الرئيس التنفيذي جون سكالي.
إلا أنه عاد في عام 1997 إلى الشركة التي أسسها بطلب من مجلس الإدارة الذي تخلص من جون سكالي وضم شركة «نيكست» التي أسسها إلى أبل. وطرح جوبز في الأسواق جهاز الكمبيوتر الملون «أي ماك» الذي صممه سير جون آيف في العام التالي، فيما يعتبره الخبراء بداية سلسلة من الأجهزة الإلكترونية التي غيرت وجه الحياة على الكرة الأرضية من بينها جهاز الاستماع الموسيقى أيبود والهاتف المحمول أيفون والكمبيوتر اللوحي أيباد، بالإضافة إلى المخزن الإلكتروني لبيع الموسيقى وهي المنتجات التي عززت وضع أبل على القمة، قبل وفاته في عام 2011 بعد إصابته بالسرطان.
وكان أول من طرحته أبل في الأسواق بعد وفاة جوبز هو الساعة الذكية التي حققت نجاحا كبيرا.
في الوقت الذي تتردد شائعات قوية عن دخول أبل قطاع السيارات الكهربائية، ويعزز هذا الرأي تعيين أبل لكثير من كبار المصممين والخبراء في مجال السيارات والبطاريات.
كما تتردد شائعات عن استعداد أبل لطرح هاتف أيفون 7 وهاتف أيفون 7 بلس، بالإضافة إلى جيل جديد من الساعات الذكية يطلق عليها «واتش 2». ويمكن القول إن أبل لم تخترع شيئا تقريبا فكل منتجاتها كانت موجودة من قبل ولكن نسختها من تلك المنتجات نجحت في تغيير العالم لأنها نجحت في جعلها مقبولة وشعبية، وهو ما يرجع إلى هوس جوبز بتبسيط الأمور.
وأول هذه المنتجات هو جهاز ماكنتوش الذي ظهر في عام 1984 بعد نجاح الشركة مع أجهزة أبل 1 و2 و3. ويرجع نجاحه إلى أنه أول جهاز كمبيوتر يسوق على نطاق واسع يستخدم الجرافيك، وهو ما أصبح فيما بعد الوسيلة المستخدمة في جميع أجهزة الكمبيوتر.
أما المنتج الثاني الذي أدى إلى تغيير حقيقي، فقد كان جهاز الأيبود للاستماع للموسيقى. فعلى الرغم من وجود أجهزة إم بي 3 للاستماع للموسيقى قبل ظهور أيبود، إلا أنه، كما تفعل شركة أبل، أحدث الأيبود ثورة حقيقية في قطاع الموسيقى. وأصبح الأيبود هو الجهاز الذي يرغب في استخدامه الجميع وحاولت الكثير من شركات الإلكترونيات تقليده وفشلت. كما ساهم في ظهور الكثير من المنتجات الأخرى للشركة مثل موقع آيتونز الذي ظهر للتعامل مع محتويات الأيبود. واعتمد الأيفون على نفس الخبرات المكتسبة من جهاز الأيبود. وعندما ظهر موقع آيتونز عام 2003 كان قطاع الموسيقى يمر بأزمة. فقد كان الكثير من الناس يحصلون على الأغاني والألبومات مجانا وبطريقة غير قانونية – كما أن المواقع التي تسمح ببيع الأغاني والألبومات الرقمية محدودة. إلا أن آيتونز غير كل ذلك فقد قدم طريقة جديدة للتسعير وبيع الموسيقى وتم دمجه في جهاز الأيبود. أما بالنسبة لأجهزة الهاتف الذكية المطروحة في الأسواق فقد كانت ضخمة وصعبة الاستخدام، إلا أن أبل تخلصت من كل التعقيدات وطرحت في الأسواق جهاز الأيفون سهل الاستخدام الذي يرغب الجميع في استخدامه.
أما متجر أبل الإلكتروني فقد ظهر بعد سنة من طرح أيفون – وغير العالم مرة أخرى، فقد أصبح في الإمكان شراء الألعاب الإلكترونية والتطبيقات مباشرة.
أما أحدث منتجات أبل وهي الساعة الذكية، فهي دليل آخر على قدرة الشركة على إحداث تغييرات في قطاع الإلكترونيات، فمجرد إعلانها عن أنها ستنتج ساعة ذكية حدثت هزة في القطاع.
يشير الكثير من المراقبين إلى أن أبل ستطرح أحدث وأعظم جهاز أيفون في شهر سبتمبر (أيلول) القادم كما تفعل دائما.
ومن المرجح، طبقا لرأي الخبراء، تخلي أبل عن تصميم أيفون 6 و6 بلس الحالي الذي يرجع إلى عامين ماضيين لصالح تصميم جديد للأيفون 7.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)