ملتقى «جرّب» في الرياض يطلق طاقات الشباب الإبداعية

2500 شخص شاركوا فيه بتنظيم مركز الملك سلمان للشباب

جانب من فعاليات الملتقى ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات الملتقى ({الشرق الأوسط})
TT

ملتقى «جرّب» في الرياض يطلق طاقات الشباب الإبداعية

جانب من فعاليات الملتقى ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات الملتقى ({الشرق الأوسط})

نظّم مركز الملك سلمان للشباب مساء أول من أمس، ملتقى «جرّب» في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالرياض، وسط حضور كثيف تجاوز 2500 شاب وشابة من الفئة العمرية (18 - 35) عامًا.
ويهدف الملتقى إلى تحفيز الشباب على خوض تجاربهم الخاصة، وتعريفهم بالخطوات الأساسية للتجربة، وكسر حاجز الخوف منها، وإبراز نماذج ملهمة في هذا المجال، انطلاقًا من حرص مركز الملك سلمان للشباب على تأسيس وتجذير ثقافة التميز وترسيخ روح المبادرة لدى الشباب، والإسهام في بناء جيل مبدع من قادة المستقبل، يدفعون مسيرة تقدم الوطن وازدهاره في شتى المجالات.
وشهد الملتقى حضور عدد من الشخصيات البارزة، للحديث عن تجاربهم الشخصية وأبرز التحديات التي واجهوها، حيث تحدث حسام القريشي المتخصص في المسؤولية الاجتماعية عن قيمة التجربة في حياة الإنسان، في حين قدّم الدكتور فواز سعد المتخصص في مجال المبادرات، نصائح عن الوقت المناسب لتجربة أمر جديد، كما أوضح البراء العوهلي المتخصص في مجال التوثيق والترحال، المجال الذي يمكن للشخص أن يجرب فيه.
وأوضح المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للشباب هاني المقبل، أن المركز يسعى إلى إطلاق طاقات الشباب الإبداعية، ويسعى ضمن خطته الاستراتيجية إلى زيادة معرفتهم بالمهارات والمفاهيم الأساسية في الحياة.
وأشار إلى أن الملتقى حقق أهدافه القريبة من خلال مشاركة وحضور وتفاعل هذا العدد الكبير من الشباب، مؤكدًا أن الشباب هم الاستثمار الحقيقي في مجتمعنا، والمرحلة الأولى من صناعة مستقبل السعودية تكمن في تحفيز وتمكين شباب اليوم؛ ليكونوا قادة المستقبل، ومن هنا يكون دور المركز، في دعم كل ما يتعلق بفتح الآفاق أمام الشباب ليمضوا في تحقيق أهدافهم.
إلى ذلك، أشار مبارك الدعيلج مدير الإعلام والنشر بمركز الملك سلمان للشباب، إلى أن مركز الملك سلمان يحتضن أكثر من مبادرة للشباب كمبادرة المؤلف الشاب التي ستنطلق قريبا في دورتها الرابعة، ورحلة شباب الأعمال التي ستكون هذا العام إلى اليابان كوجهة مختلفة عن الأعوام الماضية التي كانت إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وأكد الدعيلج أهمية تعاون المركز مع الجهات الأخرى ذات العلاقة. وقال: «أقام المركز في العام الماضي 4 ورش عمل تحت مسمى تطلعات الشباب، وقدم توصيات هذه الورش إلى الجهات الرسمية كوزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية، الذين تفاعلوا معها ونتج عن هذا التفاعل إطلاق برنامج لقاء مع مسؤول، الذي يتمثل في لقاء ودي يرتبه المركز لمجموعة من الشباب لزيارة أحد المسؤولين بهدف تقديم آرائهم وأفكارهم بما يخدم المجتمع».
وأكد الدكتور فواز سعد، أن مركز الملك سلمان يتخذ خطوات مميزة لدعم الشباب، وذلك بداية من ملتقى «خطط» واليوم ملتقى «جرّب»، منوها إلى أن الشباب بحاجة للتخطيط ثم للتجربة لتحقيق النجاح، وبالتالي فإن هذه الملتقيات تصب في بعضها البعض كسلسلة مترابطة.
وأضاف أن دفع الشباب لخوض تجارب جديدة هو من سيصقل مواهبهم، فالسعودية تشهد تحولاً إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وهذه المعرفة تأتي فقط من ثروة الشباب وعقولهم وكي تنضج هذه العقول يجب دعمها بمثل هذه المبادرات التي ستكون الدافع الأساسي لبناء الإنسان المعرفي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».