خامنئي يتحدى مجلس الأمن بالبرنامج الصاروخي ويتهم معارضيه بالخيانة

أميركا ودول غربية تطالب مجلس الأمن بـ«رد مناسب» على التجارب الباليستية

إيرانيون في فيينا يتظاهرون استباقا لزيارة الرئيس الإيراني إلى بلجيكا (أ.ف.ب)
إيرانيون في فيينا يتظاهرون استباقا لزيارة الرئيس الإيراني إلى بلجيكا (أ.ف.ب)
TT

خامنئي يتحدى مجلس الأمن بالبرنامج الصاروخي ويتهم معارضيه بالخيانة

إيرانيون في فيينا يتظاهرون استباقا لزيارة الرئيس الإيراني إلى بلجيكا (أ.ف.ب)
إيرانيون في فيينا يتظاهرون استباقا لزيارة الرئيس الإيراني إلى بلجيكا (أ.ف.ب)

استمرت المواقف الدولية إزاء تجربة الصواريخ الباليستية التي أجرتها قوات الحرس الثوري، ووجهت أميركا وحلفاؤها الأوروبيون (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، خطابًا إلى مجلس الأمن الدولي طالبت فيه بـ«رد مناسب» على المناورات الصاروخية الإيرانية، واصفة إياها بـ«الاستفزازية والمزعزعة للاستقرار».
واعتبر خطاب الدول الغربية الأربع التي شاركت بصورة فعالة في المفاوضات النووية أن اختبار إيران صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية «تحدٍّ» لقرار الأمم المتحدة «2231»، الذي يؤيد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1».
ووجهت الدول خطابها إلى المندوب الإسباني لدى الأمم المتحدة رومان أويارزون مارشيسي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وقالت في خطاب إن إيران أجرت في التاسع من مارس (آذار) الماضي تجربة صواريخ باليستية قادرة على حمل أسلحة نووية و«لا تتسق» مع القرار 2231 الصادر من مجلس الأمم. وحث الخطاب مجلس الأمن على «رد مناسب» على «إخفاق» إيران في «الوفاء بتعهداتها في الاتفاق النووي»، كما دعا مجلس الأمن إلى عقد اجتماع الجمعة المقبل لبحث ملف الصواريخ.
ويفرض القرار 2231 جملة من القيود على البرنامج الصاروخي الإيراني، ويرفض الحرس الثوري الإيراني قرار مجلس الأمن منذ إعلانه، وقال إن تطوير قدراته العسكرية لا يتأثر بقرارات دولية.
وقبل يومين، بينت تصريحات تلفزيونية لقائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زاده قيام قواته باختبارات صاروخية سرية أثناء المفاوضات النووية بين إيران والدول الست الكبرى، وأعرب حاجي زاده عن ندمه على عدم إعلان الحرس الثوري تلك الاختبارات لوسائل الإعلام. ورأى حاجي زاده أن الضغوط الغربية «مبالغة» في المطالبة بوقف البرنامج الصاروخي نتيجة «الخطأ» في عدم إعلان تلك الاختبارات، خلافًا لما جرت عليه العادة في السنوات العشر الأخيرة.
في غضون ذلك، انتقد مستشار الرئيس الإيراني، حسام الدين آشنا التصريحات التلفزيونية حاجي زاده حول الاختبارات الصاروخية «السرية»، وفي إشارة إلى تبعات خطيرة وضغوط دولية لتلك التصريحات قد تواجهها إيران، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن آشنا قوله: «ألم يُمنع القادة العسكريون من حوارات كهذه؟ هل القادة العسكريون يتصرفون وفق الأحاسيس أم وفق الأوامر؟ هل عدم إعلان الاختبارات الصواريخ كان نتيجة خطأ أم مرسوم إداري؟».
من جهته، اعتبر الأمين العام لأمم المتحدة، بان كي مون، أن الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران سببت «قلقًا»، وأن الأمر يعود إلى القوى الكبرى بشأن اتخاذ قرار ما إذا كان يجب فرض عقوبات جديدة على طهران. وفي المقابل، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن ممثل وزارة الخارجية الروسية، أمس، قوله إن تجربة طهران صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية ليست انتهاكًا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن، بداية مارس، أنه جرب صواريخ يبلغ مداها 2000 كيلومتر، وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، دافع، الأسبوع الماضي، عن تجارب الصواريخ الباليستية، مؤكدًا أن الصواريخ الباليستية مخصصة للدفاع عن النفس. ونفى ظريف أي انتهاك من بلاده للقرار 2231 معتبرًا أن تلك الصواريخ لا تقع في نطاقه. ومن جهتها كانت الولايات المتحدة قد تعهدت منتصف مارس بمواصلة السعي في مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات مناسبة، ردًا على تجربة الصواريخ الباليستية.
سبق ذلك كشف إيران عن موقعين لتخزين الصواريخ الباليستية يقعان تحت الأرض بـ500 متر، كان آخرها بداية يناير (كانون الثاني) بحضور رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، في الأسبوع الماضي، أقرت الخزانة الأميركية عقوبات أحادية ضد شركات وأفراد على صلة بالحرس الثوري والبرنامج الصاروخي الإيراني. والتزمت طهران الصمت تجاه تلك العقوبات، إلا أن قائد الوحدة الصاروخية قال إن قواته لن ترضخ للضغوط ولن تتراجع عن تطوير وتعزيز البرنامج الصاروخي.
في طهران، وجه المرشد الأعلى علي خامنئي تحذيرات شديدة اللهجة إلى جهات سياسية داخلية لم يذكرها بالاسم، بسبب دعوتها إلى المفاوضات مع المجتمع الدولي بدلاً من برنامج الصواريخ. وفي تحدٍّ واضح للإرادة الدولية بوقف البرنامج الصاروخي الإيراني أكد خامنئي أن «اليوم هو زمن الصاروخ و(في الوقت نفسه) زمن التفاوض»، مشددًا على استخدام بلاده لكل الوسائل المتاحة.
ورغم تجنب خامنئي ذكر اسم الرئيس الإيراني حسن روحاني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، فإنه لم يصعب التعرف على الجهات التي يقصدها خامنئي نظرًا لاقتباسه جملاً وردت بشكل صريح في خطاباتهم. ورأى خامنئي أن من يردد تلك الأقوال، إن كان من دون وعي فهو «جاهل»، وإن كان واعيًا فهو «خائن».
وجاء موقف خامنئي، أمس، ردًا على تغريدة نشرها علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الأسبوع الماضي، عبر حسابه على شبكة «تويتر»، قال فيها إن «عالم الغد، عالم الحوار وليس الصواريخ»، كما أن تصريحات خامنئي كانت من جهة ثانية موجهة إلى حسن روحاني الذي قال في أكثر من مناسبة منذ التوصل إلى اتفاق نووي إن بلاده «بلد تفاوض مع العالم، وليست بلد تقابل».
وأكد روحاني أن حكومته تتطلع إلى اتساع دائرة الحوار والتفاوض مع المجتمع الدولي، الأمر الذي وصفه خامنئي وقادة الحرس الثوري بمشروع «التغلغل» الغربي في إيران عبر نافذة الاتفاق النووي.
وزادت الضغوط على حكومة روحاني خلال الأيام الأخيرة بعدما هاجم خامنئي قبل عشرة أيام سياسة روحاني الاقتصادية، واتهم حكومته بتعطيل توصياته حول «الاقتصاد المقاوم». ويتهم منتقدو خامنئي السلطة والحرس الثوري بالسعي وراء استفزاز المجتمع الدولي لعرقلة مساعي روحاني على صعيد السياسة الداخلية والخارجية.
وشبه خامنئي مواقف المسؤولين الرافضين لتطوير البرنامج الصاروخي بمواقف الحكومة الانتقالية الأولى بعد إسقاط نظام بهلوي التي دعت آنذاك إلى إعادة مقاتلات «إف 14» إلى أميركا، كما انتقد جهات داخلية تدعي أنهم يعارضون التفاوض. وقال: «يجب التفاوض بقوة وذكاء حتى لا نُخدَع».
من جانب آخر، استمر خامنئي في تأكيده على متابعة «الاقتصاد المقاوم». وبعد يومين من إعلان روحاني جاهزية حكومته لتطبيق توصيات خامنئي في الاقتصاد، قال خامنئي إن «تكرار الشعارات يسبب الكسل»، مشددًا على أنه «حان وقت العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية».
ويُعد ذلك اعترافًا صريحًا من أعلى مسؤول إيراني بالأزمة المعيشية التي يعاني منها المواطن الإيراني. وكان خامنئي قد هاجم الأسبوع الماضي حسن روحاني بسبب دعوته إلى اتفاق داخلي على غرار الاتفاق النووي واعتبر الحديث عن مصالحة داخلية واتفاق داخلي تناغمًا مع الخطاب الأميركي. في السياق ذاته، رأى خامنئي أن تفاوض إيران مع الدول الغربية دون امتلاك قوة دفاعية سيجبرها على الرضوخ أمام تهديدات أي دولة ضعيفة.
إلى ذلك، هاجم بيان صادر من هيئة الأركان للقوات المسلحة الإيرانية، ضمنيًا، الرئيس الإيراني حسن روحاني بسبب سياسة إدارته في الاقتصاد والسياسة الخارجية، واعتبر أن أعداء إيران يحاولون، عبر «استراتيجية التغلغل»، التوغل داخل النظام في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.
وفي تلميح إلى حسن روحاني، حذر البيان من «آمال بعض العناصر الداخلية على الغرب ومختارهم المزيف» في تسهيل «تغلغل الأعداء».
وقال البيان الذي صدر بمناسبة ذكرى استفتاء الإيرانيين على اختيار «الجمهورية الإسلامية» كإطار للنظام في مارس 1979 إن «الأعداء» في فترة ما بعد الاتفاق النووي يلجأون إلى «دسائس جديدة ومعقدة وخداعة» في تصديهم للنظام الإيراني، يُشار إلى أن البيان اقتبس من خطاب سابق لروحاني اعتبر فيه أميركا «مختار القرية، والتفاهم مع المختار أسهل».



بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)
عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو (وسائل الإعلام الباكستانية)
TT

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)
عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية المناسبة، تُوفي عبد الرحيم غلام ربان، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو، الذي تديره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، في كراتشي، الجمعة، مسقط رأسه.

كان رباني قد تعرض لتعذيب شديد على أيدي مسؤولي «سي آي إيه». على مدار 18 عاماً من الاعتقال، داخل سجن غوانتانامو.

عبد الرحيم رباني مع أقاربه وقبل الدفن (وسائل الإعلام الباكستانية)

وفي تصريحات لوسائل الإعلام الباكستانية، اتهم شقيقه محمد أحمد غلام رباني، الذي قضى هو الآخر 18 عاماً في السجن الأميركي، حكومة بلاده، بحرمان شقيقه من حقوقه الأساسية، حتى بعد إطلاق سراحه من السجن الأميركي.

يُذكَر أن الحكومة الباكستانية لم تصدر هوية وطنية لرباني، بعد إطلاق سراحه من سجن غوانتانامو، ولذلك لم يتمكن من دخول مستشفى حكومي لتلقي العلاج.

دفن لائق لرباني

قالت عائلته إنها واجهت صعوبة في ترتيب دفن لائق لرباني، بسبب رفض إدارة المقابر دخول موكب الجنازة الذي يحمل جثمانه، في غياب بطاقة هوية له.

في غوانتانامو، قضى رباني 545 يوماً في السجن. وقد ألقت الاستخبارات الباكستانية القبض عليه مع شقيقه، وسلمتهما إلى «سي آي إيه»، عام 2004. قبل أن يقضي نحو 18 شهراً بالسجون الباكستانية.

من جهته، ذكر الرئيس الباكستاني السابق، بيرويز مشرف، في سيرته الذاتية، أن أجهزة الأمن الباكستانية تلقت مبالغ نقدية كبيرة، مقابل تسليم الإرهابيين المشتبه بهم إلى «سي آي إيه». في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

وتعرضت الحكومة العسكرية الباكستانية لانتقادات لاذعة، لتسليمها باكستانيين إلى «سي آي إيه»، في إطار ما يُسمى بـ«الحرب ضد الإرهاب».

وعبر السنوات الأولى مما يُسمَّى بـ«الحرب ضد الإرهاب»، ألقت قوات الأمن الباكستانية القبض على العديد من الإرهابيين المعروفين، من مدن مختلفة بأرجاء البلاد، في إطار عمليات مشتركة مع «سي آي إيه».

تحديد الهوية

محمد أحمد رباني (يسار) وشقيقه عبد الرحيم في خليج غوانتانامو قبل الإفراج عنهما (نيويورك تايمز)

وعلى ما يبدو، يمثل رباني وشقيقه حالة من حالات الخطأ في تحديد الهوية، خصوصاً أنه لا يوجد سجل جنائي لهما في باكستان. وأثناء فترة احتجازهما في غوانتانامو، لم توجه «سي آي إيه» أي اتهامات لأي من الأخوين بالتورط في أي جريمة.

وأثار احتجاز الإدارة الأميركية مشتبهاً بهم في قضايا الإرهاب داخل خليج غوانتانامو (منشأة احتجاز عسكرية أميركية أنشئت في كوبا بعد هجمات الـ11 من سبتمبر/ أيلول 2001) دون محاكمات، موجة انتقادات واسعة النطاق.

وانتقدت جماعات حقوق الإنسان الدولية المنشأة لانتهاكها حقوق المعتقلين فيما يخص الإجراءات القانونية الواجبة، مع مزاعم عن استخدام أساليب استجواب متطرفة تصل إلى حد التعذيب، بما في ذلك الإيهام بالغرق وفرض العزلة على المحتجزين لفترات طويلة.

وقال شقيق رباني إنه خلال مرضه، بعد عودته من غوانتانامو، حُرم من العلاج الطبي، بعد أن رفضت حكومة باكستان إصدار بطاقة هوية وطنية له.

وأضاف لوسائل الإعلام المحلية أن «سي آي إيه» أخضعته أثناء الاحتجاز لتعذيب شديد، وقال: «تعرضت ساقاه وذراعاه للكسر. كما أخضعته السلطات في سجن خليج غوانتانامو لحقن أدت إلى مرضه المزمن».

من جهتها، نددت منظمات حقوق الإنسان الباكستانية، على نطاق واسع، بالحكومة العسكرية آنذاك بقيادة الجنرال بيرويز مشرف، لتسليمها مواطنين باكستانيين إلى «سي آي إيه»، مقابل 5000 دولار لكل منهم.

وبعد التعرُّض لانتقادات من منظمات أميركية معنية بحقوق الإنسان، وعد الرئيس جو بايدن، ومن قبله سلفه باراك أوباما، بإغلاق غوانتانامو. ومع ذلك، لم تثمر هذه الوعود شيئاً. ومن المعتقد أن العشرات لا يزالون مسجونين داخل غوانتانامو.