المعارضة تلوح بإنهاء الهدنة.. واعتراضات بالجملة على وثيقة ميستورا

الزعبي لـ «الشرق الأوسط» : المفاوضات المقبلة ستكون مباشرة

شاب سوري يلتقط صورة سيلفي مع مقاتلين من المعارضة في حي صلاح الدين بمدينة حلب شمال سوريا (رويترز)
شاب سوري يلتقط صورة سيلفي مع مقاتلين من المعارضة في حي صلاح الدين بمدينة حلب شمال سوريا (رويترز)
TT

المعارضة تلوح بإنهاء الهدنة.. واعتراضات بالجملة على وثيقة ميستورا

شاب سوري يلتقط صورة سيلفي مع مقاتلين من المعارضة في حي صلاح الدين بمدينة حلب شمال سوريا (رويترز)
شاب سوري يلتقط صورة سيلفي مع مقاتلين من المعارضة في حي صلاح الدين بمدينة حلب شمال سوريا (رويترز)

تعقد فصائل المعارضة السورية المسلحة اليوم الأربعاء اجتماعا في تركيا لتحديد موقفها من وثيقة «مبادئ التسوية السياسية» التي أعدها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، ومن جدوى الاستمرار بالالتزام بالهدنة «في ظل استمرار خروقات النظام وعدم سير العملية السياسية بالسرعة المطلوبة».
ويُرجح أن تُسجل هذه الفصائل جملة من الاعتراضات على وثيقة المبعوث الدولي التي تضمنت 12 بندا لم تجد المعارضة أنها «ترتقي لطموحات الشعب السوري والمبادئ الأساسية التي قامت عليها الثورة»، وهو ما عبّر عنه رئيس الوفد المفاوض في جنيف العميد أسعد الزعبي الذي وصف الورقة بـ«الناقصة»، باعتبارها لم تتطرق إلى موضوع «إنهاء دور الأسد ورموزه وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية»، إضافة إلى كونها بدت «مبهمة في تعاطيها مع ملفات أخرى كهيئة الحكم الانتقالي وهيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية». وقال الزعبي لـ«الشرق الأوسط»: «حتى ولو كنا ننظر بعين من الإيجابية إلى هذه الورقة، إلا أننا طرحنا كثيرا من الأسئلة الاستيضاحية على دي ميستورا كما طالبناه بإيراد نقاط لم يتم التطرق إليها».
وشدد الزعبي على أن المشاركة في الجولة المقبلة من المفاوضات في التاسع من الشهر المقبل ستكون مباشرة، كما أبلغهم دي ميستورا، وعلى أن الفصائل المسلحة متفقة تماما في رؤيتها للوثيقة مع رؤية المعارضة السياسية والهيئة العليا، مرجحا أن تسجل هذه الفصائل نفس التحفظات التي سجلها الوفد المفاوض على ورقة دي ميستورا. وأضاف: «أصلا لم يُطلب منا الموافقة على مضمونها كما هو، وقد أُبلغنا أن إدخال تعديلات إليها أمر وارد ومطلوب من قبلنا بإلحاح».
من جهته، تحدث المستشار القانوني للجيش السوري الحر، أسامة أبو زيد، عن «مجموعات تحفظات» للجيش الحر على ورقة دي ميستورا، معتبرا أن «الأخير يعطي لنفسه صلاحيات ودورا أكبر من المنوط به، إضافة إلى كون الورقة التي أعدها تلحظ تمثيل المرأة بنسبة 30 في المائة، علما بأننا كنا اتفقنا في وقت سابق على نسبة 20 في المائة». وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن التطرق إلى موضوع الدستور السوري لا يمكن أن يتم بالطريقة التي تناولتها الوثيقة، بل يجب أن تتولاه جمعية تأسيسية منتخبة».
وأشار أبو زيد إلى «ثغرة أخرى في الورقة نظرا لعدم تطرقها لوضع الميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب النظام»، موضحا أن الفصائل التي ستجتمع اليوم في تركيا ستحدد موقفها بصراحة من الورقة كما من نتائج الجولات السابقة من مفاوضات جنيف وموضوع الهدنة. وأضاف: «لا شك أن كل الفصائل ملتزمة بالهدنة، لكن ذلك لا يعني أن جميعها راضٍ عنها في ظل استمرار خروقات النظام وعدم جديته في التعاطي مع المفاوضات»، مذكرا بأن «الحصار لا يزال مفروضا على كثير من المناطق السورية التي لم يدخل بعضها أي مساعدات حتى الساعة».
ونبّه إلى أن «استمرار النظام في تمييع العملية السياسية والتهرب من الالتزامات الإنسانية سيؤدي لاتخاذ قرارات جديدة بما يتعلق بموضوع الهدنة».
وكان محمد علوش الممثل السياسي لـ«جيش الإسلام» وكبير مفاوضي وفد الهيئة السورية العليا في جنيف حثّ في وقت سابق القائد العام لـ«حركة أحرار الشام الإسلامية» مهند المصري على «توحيد الصفوف وإشعال الجبهات»، وهو ما اعتبره رامي الدالاتي، عضو المجلس العسكري التابع لـ«الجيش السوري الحر»، أمرا طبيعيا، «نظرا لكوننا ملتزمين بالهدنة، لكن للصبر نهاية، فإذا لم تكن الهدنة مترافقة مع حل سياسي جدي وسريع فكل شيء سيكون عندها واردا».
وقال الدلاتي لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع المرتقب للفصائل «سيبحث وبشكل أساسي وضع الهدنة والأوراق التي عرضها دي ميستورا مع احتمال مشاركة أحد أعضاء الهيئة المفاوضة بهذا الاجتماع»، لافتا إلى أن التحفظ الأساسي الذي سيتم تسجيله على ما عُرف بوثيقة «مبادئ التسوية السياسية» يتعلق «بعدم التطرق إلى وضوح لمصير الأسد، وهو ما افشل أجتماعات جنيف السابقة». وأضاف: «كل شيء قابل للأخذ والرد بالنسبة إلينا إلا موضوع استمرار الأسد في الحكم، وعلى الرغم من إصرارنا على تضمين أي وثيقة أو أي تفاهم مقبل بند تنحي الأسد ومحاسبته بندا أول، نرى أن دي ميستورا يتخطى الموضوع، وهو ما لا يمكن القبول به».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.