رغم محاصرتهما لثلاثة أيام.. الجيش العراقي يفشل في استعادة قريتين جنوب الموصل

مسؤول في «الحشد العشائري»: القوات الحكومية غير كافية وتحتاج إلى دعم

أفراد عائلة عراقية هاربة من معارك جنوب الموصل بعد وصولهم إلى نقطة تفتيش تابعة للبيشمركة في مخمور أول من أمس (أ.ف.ب)
أفراد عائلة عراقية هاربة من معارك جنوب الموصل بعد وصولهم إلى نقطة تفتيش تابعة للبيشمركة في مخمور أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم محاصرتهما لثلاثة أيام.. الجيش العراقي يفشل في استعادة قريتين جنوب الموصل

أفراد عائلة عراقية هاربة من معارك جنوب الموصل بعد وصولهم إلى نقطة تفتيش تابعة للبيشمركة في مخمور أول من أمس (أ.ف.ب)
أفراد عائلة عراقية هاربة من معارك جنوب الموصل بعد وصولهم إلى نقطة تفتيش تابعة للبيشمركة في مخمور أول من أمس (أ.ف.ب)

لم تنجح قوات الجيش العراقي ومقاتلو «الحشد العشائري» أمس في اقتحام قريتي المهانة والنصر الواقعتين على يسار ويمين الطريق الرابط بين قضاء مخمور وناحية القيارة جنوب الموصل، رغم استمرار حصارهم للقريتين منذ ثلاثة أيام، بينما كشف قادة ميدانيون أن الأنفاق التي تربط القرى، وقناصة تنظيم داعش الأجانب، والعبوات الناسفة التي فخخ بها التنظيم الطرق والمنازل، واستخدامه سكان هذه القرى دروعا بشرية، كلها حالت دون تحريرها من قبل القوات العراقية.
وقال الشيخ نزهان الصخر سلمان، رئيس قبيلة اللهيب أحد قادة «الحشد العشائري» جنوب الموصل، لـ«الشرق الأوسط» إن القوات العراقية «بحاجة إلى مساندة برية من قبل قطعات أخرى، لأن أعدادها لا تكفي للتحرير ولمسك الأرض»، مضيفا: «لا أستطيع أن أحدد هذا الجانب؛ أهو من التحالف الدولي، أو من أي جهة أخرى، لكن حسب ما شهدناه خلال الأيام الماضية، فإن القوات العراقية غير كافية».
وأشار سلمان إلى أبرز العوائق التي تقف بوجه تقدم القوات العراقية، وقال إن «الدروع البشرية التي يستخدمها التنظيم والمتمثلة في سكان هذه القرى، تمثل أبرز العوائق التي تقف في طريقنا وتمنعنا من دخول ما تبقى من القرى في جنوب الموصل، لأن هذه القرى التي نواصل عمليات تحريرها مليئة بالأهالي، ونحن لا نريد أن يلحق بهم أي أذى، وفي الوقت ذاته التنظيم يواصل قصفهم بالمدفعية وقذائف الهاون»، داعيا سكان هذه القرى إلى التعاون مع القوات المحررة.
من جهته، نفى رئيس قبيلة السبعاويين القائد في قوات «الحشد العشائري» جنوب الموصل، الشيخ فارس عبد الله الفارس، فشل القوات العراقية في عملية تحرير قرية النصر الواقعة جنوب الموصل، مؤكدا أن «قواتنا لم تفشل، بل كانت هناك مقاومة شرسة من مسلحي تنظيم داعش الأجانب، وغالبيتهم من القناصة داخل هذه القرية، وما زال هناك نحو 150 مسلحا من التنظيم يوجدون فيها، لأن التنظيم يعد هذه القرية خط صده الوحيد». وتابع: «تمكنت مع القوات التي أقودها من دخول القرية، لكن منازلها متصلة بعضها مع بعض عن طريق أنفاق حفرها التنظيم، بشكل عميق وعريض يمكنهم من التنقل بينها بسهولة، مستخدمين جميع التقنيات في بنائها، ولديهم كل أنواع الأسلحة المتطورة، وقناصون ماهرون جدا.. قتلنا منهم ما يقارب 46. لكن رغم ذلك، فإن مسلحي التنظيم يسيطرون حاليا على القرية، لأن تضاريسها صعبة، كذلك شدة قصفهم للقرية عند دخولنا إليها تسبب في عطل وتدمير عجلاتنا.
نحن حاليا نحاصر هذه القرية، ومقاومة التنظيم لنا من داخلها مستمرة أيضا، لأن المساعدات تصل إليهم بشكل سريع عبر اتصالهم عن طريق الأنفاق بقرى الصلاحية وعين موزان والسلطان عبد الله المجاورة لها». وأشار إلى أن أغلبية عناصر «داعش» الأجانب من الأتراك والروس والآسيويين هم الذين يحاربون القوات العراقية في هذه المناطق.
وكشف الفارس أن تنظيم داعش «استخدم في معاركه ضدنا غاز الكلور من خلال قذائف الهاون بكثرة، حيث قَصَفَنا التنظيم أمس بثمان قذائف تحمل مواد سامة من بينها غاز الكلور، وجرح خلال هذا القصف ابني وثلاثة من زملائه المقاتلين، كذلك زرع التنظيم كميات كبيرة من العبوات الناسفة، وبحسب تقديراتنا تصل نسبة التفخيخ في هذه القرى إلى أكثر من 50 في المائة من بيوتها وشوارعها»، مشيرا إلى أن قوات البيشمركة وطائرات التحالف الدولي تقدمان الدعم والإسناد للقوات العراقية في معركتها لتحرير ما تبقى من القرى.
بدوره، قال مصدر عسكري كردي، لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن «الجيش العراقي غير قادر حاليا على خوض المعارك ضد تنظيم داعش، لذا لم يتمكن خلال اليومين الماضيين من حسم معارك قريتي النصر والمهانة»، مضيفا أن عددا من القرى الأخرى التي أعلنت القوات العراقية تحريرها قبل أيام «كانت قد حُررت قبل أشهر من قبل البيشمركة مثل قرى كديلة وكرمردي، ولم يكن يوجد فيها تنظيم داعش وهي خالية منه تماما».



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.