أهالي الرقة ينفرون من الأكراد.. ويخشون من الثأر بسبب «داعش» الإرهابية

التنظيم المتطرف يعيد انتشاره بعد كل حملة عسكرية ويستخدم المساجد لتدريب الأطفال على القتال

مزارعون سوريون في بلدة تل أبيض على الحدود السورية التركية أمس (رويترز)
مزارعون سوريون في بلدة تل أبيض على الحدود السورية التركية أمس (رويترز)
TT

أهالي الرقة ينفرون من الأكراد.. ويخشون من الثأر بسبب «داعش» الإرهابية

مزارعون سوريون في بلدة تل أبيض على الحدود السورية التركية أمس (رويترز)
مزارعون سوريون في بلدة تل أبيض على الحدود السورية التركية أمس (رويترز)

حالة من الذعر والقلق تسيطر على أهالي مدينة الرقة، بشمال وسط سوريا، الذين باتوا على يقين أنّ الردّ على أي حدث أمني في أي بلد سيكون في منطقتهم، معقل تنظيم داعش المتطرف الأبرز في أراضي سوريا. فهنا حيث يتحكّم التنظيم بمفاصل الحياة الاجتماعية والأمنية ولا مدارس لتعليم الأطفال باستثناء الدورات التي ينظّمها «داعش» في المساجد لـتدريس عقائده وتدريبهم على القتال، يبقى هاجس العائلات تأمين قوت يومهم والعيش لحظة بلحظة في ترقّب دائم مما سيحصل في اليوم التالي
فشعور الخوف الذي بدأ ينتاب الرقاويين منذ اللحظة الأولى لبدء الهدنة من أن تتحوّل منطقتهم إلى هدف القصف الروسي تعمّق أكثر بعد الحملة العسكرية العشوائية التي شنّت على بعض الأحياء نهاية الأسبوع الماضي وسقط نتيجتها 63 شخصا وأكثر من 80 جريحا جميعهم من المدنيين فيما لم يسقط من تنظيم داعش، أكثر من ثلاثة عناصر، بحسب ما يؤكد، الناشط أبو محمد الرقاوي، في تجمّع «الرقة تذبح بصمت».
أبو محمد الرقاوي قال لـ«الشرق الأوسط»: «القصف حينها كان مفاجئًا، ولم يستهدف إلا المناطق المدنية بعيدا عن أي مواقع للتنظيم». وأردف: «اليوم وبعد التفجيرات التي وقعت في بروكسل أصيب الجميع بحالة من الذعر وأصبحت الشوارع خالية من الناس لاعتقادهم أن الرد على ما حصل في بلجيكا سيكون في الرقة»، ويضيف: «المقولة الرائجة هنا هي أنّه إذا وقع خلاف بين أي زوجين ستكون النتيجة قصف الرقة».
كذلك أشار أبو محمد إلى أنّ «القلق والارتباك ينسحبان على أهالي الرقة كما على التنظيم، فهو بات يكبّل حياة الناس الذين لا يملّون من محاولات الخروج من المنطقة، لكن الظروف التي يعيشون فيها، تقف حاجزا أمامهم، إذ إن هذه الخطوة تتطلب أولا موافقة من التنظيم، إضافة إلى أنّ الطريق متعسر، والذهاب لشمال الرقة حيث الأكراد، وتحديدا حزب الاتحاد الديمقراطي الذين يعتبرون حلفاء الروس، شبه مستحيل». وأضاف: «أما التنظيم، فهو من جهته، يعمد عند كل حدث أمني أو جولة قصف إلى إعادة انتشاره وتغيير مواقعه، بحيث يتّجه معظم عناصره إلى ريف الرقة تجاه محافظة حمص ومدينة حمص، كما يحاولون في الفترة الأخيرة التخفي وعدم الظهور علنا في الشوارع والأحياء، للقول إن القصف يستهدف المدنيين، وللأسف هذا ما حصل في الحملة الأخيرة».
وكما الوضع الإنساني في الرقة، التي يعيش فيها نحو 500 ألف مدني، كذلك الاقتصادي والاجتماعي. فالعمل هنا يقتصر على الذين يملكون بعض الأعمال أو المحلات التجارية، ويعتمد البعض على رواتبهم إذا كانوا موظفين رسميين، فيما يحصل معظم العائلات على وجبات يومية من ما يعرف بـ«المطبخ الغذائي» الذي يوزّع مأكولات مجانية على العائلات. وبعدما عمد «داعش» إلى إقفال المدارس، وبالتالي، بات جيل كامل من أبناء الرقة خارج مقاعدها، بحجة أنّه يعدّ برنامجا خاصا لتدريسه لإعادة فتحها من جديد، لم يبق أمام الأطفال وأهلهم إلا الخضوع للأمر الواقع، والاختيار بين أن يبقى أبناؤهم أميين أو يدرسون على أيدي «التنظيم»، وفق ما يقول أبو محمد. ومن ثم أوضح مفصلاً: «إضافة إلى تدريس القرآن، يرتكز تعليمهم على الفقه الداعشي والتدريب على حمل السلاح والقتال». وأضاف: «وبعد ذلك يختار المعلمون بعض الأطفال الذين يجدون لديهم مهارات قتالية لينتقلوا بعدها إلى التدريب العملي على القتال والمحاربة على الجبهات، بغض النظر عن موافقة الأهل أو رفضهم». ولفت أبو محمد إلى أن نحو 20 طفلا ممن لا يتجاوز عمرهم الـ16 سنة كانوا قد قتلوا في إحدى الدورات التدريبية في عين العرب (كوباني) يتحدرون من الرقة، المدينة والريف.
وفي حين نفى أبو محمد الرقاوي، التقارير التي أشارت إلى أنّ بعض عشائر الرقة أنشأوا فصيلا لمحاربة التنظيم، فإنه قال: «كان هناك بعض المحاولات إنما لم تلق الدعم الكافي لا ماديا ولا معنويا، في ظل سيطرة ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية ومن ثم ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» إلى الوضع العسكري». ثم ذكر أنّ إعلان الأكراد «الفيدرالية» في شمال سوريا بدأ ينعكس سلبًا على أهالي الرقة الذين باتوا يتعاطفون مع «داعش»، وهو بدأ بدوره يستفيد من هذا الأمر ويحث الشباب للانضمام إليه في وجه من يقول إنهم داعمون للفيدرالية ويسعون لها. واستطرد شارحًا: وما يضاعف هذا الخوف هو أن بعض الأكراد بدأوا يروّجون لفكرة أن الرقة هي منطقة كردية في الأساس واسمها «روكا» هو كردي الأصل يعني «الشمس»، وبعضهم يقول إن اسمها «كالينيكوس» وكانت تقع ضمن حدود «الجزيرة الكردية»، «وقد غزاها المسلمون عام 639م»، موضحا «كل ذلك يزيد الشكوك والخوف لدى أهالي الرقة من أن يتوسّع الأكراد في فدراليتهم».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.