مهرجان الأقصر السينمائي يطلق جائزة «النقد الأفريقي» للمرة الأولى

دشن كتاب «عمر الشريف في عيون العالم» وشهد افتتاح 4 معارض فنية

داني جلوفر ومحمود حميدة والسيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان خلال الندوة («الشرق الأوسط»)  -  جانب من الحضور
داني جلوفر ومحمود حميدة والسيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان خلال الندوة («الشرق الأوسط») - جانب من الحضور
TT

مهرجان الأقصر السينمائي يطلق جائزة «النقد الأفريقي» للمرة الأولى

داني جلوفر ومحمود حميدة والسيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان خلال الندوة («الشرق الأوسط»)  -  جانب من الحضور
داني جلوفر ومحمود حميدة والسيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان خلال الندوة («الشرق الأوسط») - جانب من الحضور

أطلق مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الخامسة «جائزة النقد الأفريقي» بالتعاون مع المكتب التنفيذي للفيدرالية الأفريقية للنقد السينمائي، على أن تقدم الجائزة لأحد الأفلام الروائية المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وقال السيناريست سيد فؤاد، رئيس المهرجان لـ«الشرق الأوسط» إن الجائزة تطلق للمرة الأولى في مهرجان القصر السينمائي على أن يتم تعميمها في كل المهرجانات السينمائية الأفريقية، وهدفها الرئيسي دعم السينما الأفريقية، ويترأس لجنة الجائزة السيد خليل الدمون رئيس الفيدرالية الأفريقية للنقد السينمائي، وتضم في عضويتها نخبة من أهم النقاد الأفارقة وعلى رأسهم: السيدة سهير فهمي من جمعية نقاد السينما المصريين، وجان ماري موللو أولينكا من جمعية سيني بريس من الكاميرون، وياكوبا سانكاري من جمعية سيني كونيكسيون من الساحل العاج. وأوضح فؤاد أن الفيدرالية تضم في صفوفها 350 صحافيا وناقدا سينمائيا من 33 بلدا أفريقيا.
وتواصلت فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان والتي تختتم يوم 23 مارس (آذار) الحالي، وتشهد اليوم العرض الأول لفيلم «قبل زحمة الصيف» للمخرج الكبير محمد خان وبطولة هنا شيحة. ودشن أول من أمس كتاب «عمر الشريف في عيون العالم» للناقد علي أبو شادي بحضور النجم العالمي داني جلوفر، والفنان المصري محمود حميدة، الذين قاموا بتوقيع الكتاب للحضور.
وقال جلوفر: «أول مرة التقيت فيها بالنجم العالمي عمر الشريف كان في فيلم (لورانس العرب) وفي ذلك الوقت كان عظيما أن أقابل فنانا عربيا معتزا بنفسه ولديه كرامة مثل عمر الشريف». وأضاف جلوفر في حديثه: «في كل مرة كنت أجد أمامي تنويها عن فيلم لعمر الشريف كنت أتمنى مشاهدته حتى أفلام الكاوبوي، وكنت أحرص على رؤية أدائه التمثيلي، حتى إنني أحيانا كنت أشاهد الفيلم لأكثر من مرة! وأنا كنت شديد الإعجاب به في فيلمه (دكتور زيفاجو)، وأثرتني شخصيته وامتلاكه لكاريزما عالية».
من جانبه، قال الفنان محمود حميدة: «عمر الشريف هو أول ممثل ينطبق عليه مصطلح الفنان العالمي الذي عرفه العالم كله في كل بقاع الكرة الأرضية والكتاب الذي أعده علي أبو شادي يؤكد ذلك». واستطرد: «عندما يسافر أي مصري للخارج، يسألك (أنت منين)، فتقول له من مصر فيقولون لك (آه بلد عمر الشريف)، لأن اسم عمر الشريف مرتبط بمصر، باعتباره أول نجم يأتي من العالم الثالث المتخلف للعالم الأول ويصبح نجما ومشهورا علي مستوى الكرة الأرضية»، مضيفًا: «لدي تخيل أن الممثل يصعب عليه جدا أن يمثل بلغة غير لغته الأصلية لأن التعبير مهم، لكن عمر الشريف تجاوز ذلك وكان معبرا وقام بالتمثيل بلغة غير لغته وكان متمكنا منها مثل تمكنه من لغته». وقال: «عمر الشريف لا بد أن ندرسه دراسة كبيرة وموسعة لأنه المثال والنموذج للفنان العالمي، وهو يعد الفنان الوحيد الذي أحدث تواصلاً بين عالمنا الثالث والعالم الأول ويجب أن نتعلم منه».
وشهد المهرجان ندوات فنية عقب عروض الأفلام منها ندوة فيلم الافتتاح «نوارة» بحضور أبطاله ومخرجته، وناقش الحضور صناع الفيلم عن رؤيتهم للثورة المصرية وحالة المجتمع في تلك الفترة. كما عقدت ندوة فيلم «خانة اليك» بطولة محمد فراج، بحضور البطل ومنتج الفيلم. كما عرضت مجموعة من الأفلام الأفريقية المشاركة في مسابقات المهرجان للأفلام الروائية والتسجيلية، والتي ناقشت قضايا المجاعات والحروب الدينية والعنصرية، والإرهاب والتطرف والفقر، ومن بينها: الفيلم التسجيلي المالي «واجب التذاكر» سيناريو وإخراج مامادو سيسيه، وفيلم «صفارة فاسوفانى» وهو فيلم تسجيلي من بوركينا فاسو، للمخرج «ميشيل زونجو»، والفيلم النيجيرى «منى» الذي يعرض في المسابقة الرسمية وهو مأخوذ عن قصة حقيقية لزيارة رئيس وزراء البرتغال للندن في صيف عام 1973 بعد وقوع مذبحة في «موزامبيقا» إحدى مستعمرات البرتغال التي راح ضحيتها مئات الأبرياء، ويتم استئجار «منى» لتقوم بقتل رئيس الوزراء أثناء تلك الزيارة. وفيلم «استقلال» وتدور أحداثه حول الحرب في أنجولا في الفترة ما بين 1961 و1974 التي حرصت البرتغال على استمرارها بشتى الطرق من خلال استخدامها طاقتها العسكرية والاقتصادية.
كما تضمنت فعاليات المهرجان، افتتاح 3 معارض فنية بقصر ثقافة الأقصر ومكتبة الأقصر العامة، الأول: معرض «ملحمة سمراء» الذي افتتحه وزير الثقافة السوداني سيد هارون، مع رئيس المهرجان السيناريست سيد فؤاد، والفنانة هالة صدقي، والدكتور أحمد جمال عيد، قومسيير عام المعرض، ومجموعة من الفنانين الأفارقة، وهو معرض فن تشكيلي يعكس رؤية 32 فنانا من جنوب مصر لمدينة الأقصر بما تحمله من تاريخ وعادات أهلها والتي يطلق عليها «مدينة الشمس».
أما المعرض الثاني، فهو معرض تصوير فوتوغرافي بعنوان «ذاكرة السينما المصرية» وافتتحه وزير ثقافة الساحل العاج موريس باندرمان. يضم المعرض صورًا فوتوغرافية من أرشيف المصورين حسين بكر ومحمد حسين بكر، والذي يضم صورًا لمشاهد من أهم وأعظم الأفلام التي قدمتها السينما المصرية، وبورتريهات لنجماتها ونجومها. يعود المعرض بنا إلى بدايات القرن العشرين، حيث كانت السينما المصرية في أوجها، وتعود أقدم صورة في المعرض منذ عام 1936، ويمثل التجول بين أرجاء المعرض جولة في تاريخ ثاني أقدم سينما في العالم، حيث بدأت السينما في مصر عام 1896، عقب انطلاقها في فرنسا على يد الأخوين لوميير.
بينما جاء المعرض الثالث «رحيق الأرض» للفنان التشكيلي وائل نور ليضم 20 لوحة بالألوان المائية تجسد جمال طبيعة الصعيد المصري وتنوعها وقيمتها كجذور للحضارة والثقافة المصرية، وحلقة وصل بينها وبين الثقافة الأفريقية.
كما افتتح معرض «نفرتاري.. جميلة الجميلات» الذي يضم مستنسخات من معالم مقبرة الملكة نفرتاري، أشهر وأهم زوجات الفرعون رمسيس الثاني الذي عاش في عصر الأسرة التاسعة عشرة في القرن 13 ق م. يحفل المعرض بمجموعة صور طبعت في إيطاليا، لجداريات ونقوش مقبرة الملكة نفرتاري الشهيرة في غرب الأقصر، ومعالم معبدها في مدينة أبو سمبل جنوبي أسوان.
وقال فرنسيس أمين القنصل الشرفي لإيطاليا في الأقصر، إن المعرض يضم 26 لوحة، قدمها المركز الثقافي الإيطالي في القاهرة، هو بمثابة رسالة شكر لمن عملوا على إنقاذ مقبرة نفرتاري، وترميم معالمها من المصريين والإيطاليين، وتوثيق للعلاقات الثقافية بين مصر وإيطاليا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».