السعودية: انطلاق مهرجان «الكليجا» في بريدة للمنتجات الشعبية

أمير القصيم: المجموعة الشبابية التي تقف خلف تلك النجاحات نفائس وطنية نفتخر بها

صناعة الكليجا توارث أسري لأم عبد الله ({الشرق الأوسط)
صناعة الكليجا توارث أسري لأم عبد الله ({الشرق الأوسط)
TT

السعودية: انطلاق مهرجان «الكليجا» في بريدة للمنتجات الشعبية

صناعة الكليجا توارث أسري لأم عبد الله ({الشرق الأوسط)
صناعة الكليجا توارث أسري لأم عبد الله ({الشرق الأوسط)

انطلق مساء أمس الخميس فعاليات مهرجان الكليجا في مدينة بريدة وسط السعودية، بكثير من البرامج والفعاليات المتجددة، التي تستهدف التسويق للمنتجات الشعبية، وتأصيل العمل التجاري للكثير من الأسر المنتجة، وذلك بمركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة.
ويقوم المهرجان الذي يبعد عن العاصمة الرياض 330 كيلومترًا على وجه جديد، إذ يعتمد على الاحتراف والمهنية في خلق الفرص الاستثمارية للأسر والأفراد المنتجة، ويعمل على إيجاد منافذ التسويق المناسبة، التي تفتح آفاقًا واسعة في مجال العمل الحر، وهو الأمر الذي يجذب الكثير من المشاركين، لتحقيق النجاح المهني، والربح المادي لكل المشاركين. ويأتي مهرجان الكليجا لهذا العام بعد أن قطع شوطًا كبيرًا في منظومة المهرجانات في مدينة بريدة، باعتباره أحد أكبر وأضخم المهرجانات الشعبية، التي تستقطب الزوار والمشاركين من جميع أرجاء المملكة، وبات مهرجانًا يستهدف في رسالته تقديم «المنتج المحلي» المتمثل بـ«قرص الكليجا» كمنتج محلي تجاوز الحدود نحو الخليج والوطن العربي، وخطا خطواته الجريئة نحو السوق الأوروبية والعالمية.
ويستمد المهرجان قيمته لكونه مهرجانًا داعمًا للأسر المنتجة، ومشجعًا لها على العمل والإنتاج وتقديم منتجاتها وإبداعاتها الحرفية إلى الجمهور وأرباب الصناعة، ليثبت عامًا بعد الآخر الجدوى المتحققة منه اجتماعيًا واقتصاديًا.
من جهته، عبّر أمير القصيم الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود عند افتتاح المهرجان عن رضاه التام بكثرة المهرجانات التي تحتضنها المنطقة، وتنوعها، وتعدد مناشطها، المقرونة بالجودة والتنظيم، مشيرًا إلى أن التوليفة الشبابية التي تقف خلف تلك النجاحات ما هي إلا نفائس وطنية يفتخر بها الجميع.
وأثنى على النجاحات التي حققتها الأسر المنتجة في المهرجان من مبيعات ترجمها الإقبال على منتجاتها، مشيدًا بتنوع الفعاليات التي يشهدها المهرجان، وملاءمته لطبقات المجتمع المتعددة، ومؤكدًا أهمية دعم الأسر المنتجة من خلال تمكينها من المشاركة في المهرجانات، ودعمها، ودمجها في خضم المجتمع، مقدمًا شكره للرعاة والمشاركين.
جاء ذلك خلال زيارته، مساء أول من أمس، لمهرجان الكليجا الثامن الذي تنظمه إمارة القصيم والغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم وشركة رامه شمس، وذلك بمركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة.
وتجول داخل أروقة المهرجان، واستمع إلى شرح مفصل من الرئيس التنفيذي للمهرجان عبد الله الشمسان، مطلعًا على ما تقدمه الأسر المنتجة من منتجات شعبية تحاكي الماضي الجميل، كالكليجا، والمعمول، والمأكولات الشعبية، والبهارات، والحرف والمشغولات اليدوية، والمأكولات الشعبية، وما يقدم من دورات تعليمية متعددة، والمعارض المشاركة. وتروي إحدى المشاركات في مهرجان الكليجا الثامن (أم عبد الله) قصتها مع الكليجا، وتقول: «منذ أن كان عمري 18 عامًا، حينما رسمت والدتي الطريق، تعلمت صناعة (الكليجا)، لتتحول مع مرور الزمن من مجرد هاوية إلى أشهر صانعيها في المنطقة، واتخذ منها مصدرًا للرزق».
وأشارت أم عبد الله إلى أنها تعمل في صناعة الكليجا منذ أن كان عمرها 18 عامًا، مشيرة إلى أن ذلك لم يجعلها تقصر في تربية أبنائها التي أوصلتهم إلى الحصول على شهادات عليا، استطاعوا من خلاله النجاح في حياتهم. وأضافت أنها شاركت في مهرجان الكليجا منذ انطلاقته الأولى قبل ثماني سنوات، وأعطاها المهرجان شهرة تعرفت من خلاله على كثير من الزبائن الذين يتوافدون عليها من داخل وخارج المهرجان. وأكدت أنها تجني أرباحًا من مشاركتها في مهرجان الكليجا تصل إلى أكثر من 1000 ريال يوميًا، وتخطو خطوات أكبر في حجم المبيعات، متطلعة أن تزيد أرباحها في هذا العام، مشيرة إلى أنها أبرمت في العام الماضي صفقات لتسويق منتجها الذي أصبح الأشهر على مستوى المنطقة، معبرة عن فخرها بأنها استطاعت أن تكفل أسرتها وأولادها دون أن تسأل أحدًا. وتتصدر الكليجا ذات الشهرة العالمية فعاليات مهرجان الكليجا الثامن الذي يستمر 17 يومًا في المركز الحضاري في مدينة بريدة، وتتخلله مجموعة من البرامج والفعاليات المتنوعة التي تجذب رواده وتحاكي التراث الشعبي بمأكولات شعبية متنوعة.
ويعد مهرجان الكليجا، المدرسة الأولى للأسر المنتجة التي من خلالها كانت الانطلاقة التجارية للأسر المنتجة، وكان له دور بارز في صقل المشاركات ودفعهن إلى سوق العمل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».