الأكراد يستعدون لإعلان «فيدرالية شمال سوريا».. والمعارضة تعدها محاولة للضغط

قلق تركي.. وسيدا: ستفاقم الصراع إذا لم تكن ضمن خطة عامة.. ومروة: تؤكد نزعته الانفصالية

أعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي خلال اجتماع في مدينة رميلان شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
أعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي خلال اجتماع في مدينة رميلان شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يستعدون لإعلان «فيدرالية شمال سوريا».. والمعارضة تعدها محاولة للضغط

أعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي خلال اجتماع في مدينة رميلان شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
أعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي خلال اجتماع في مدينة رميلان شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

يتجه الأكراد، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، إلى إعلان النظام الفيدرالي في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وذلك في ختام أعمال «الاجتماع التأسيسي لنظام الإدارة الذاتية»، تحت شعار «سوريا الاتحادية الديمقراطية ضمان للعيش المشترك وأخوة الشعوب»، وفق ما جاء في بيان عن المجتمعين الذين بلغ عددهم نحو مائتي شخصية، مشيرا إلى أن الهدف هو حل للأزمة السورية وضمان حقوق جميع الشعوب السورية وبناء سوريا ديمقراطية وفق نظام لا مركزي تعددي.
وفي حين تأتي هذه الخطوة بعدما كانت روسيا قد أعلنت أن النظام الاتحادي يمكن أن يكون نموذجا محتملا في سوريا، رأى رئيس المجلس الوطني السابق ورئيس الكتلة الوطنية الكردية في «الائتلاف الوطني»، عبد الباسط سيدا، أن خطوة «الاتحاد الديمقراطي» في هذا التوقيت بالتحديد أتت للضغط على «المجلس الوطني الكردي» الذي يشارك في مفاوضات جنيف بوصفه ممثلا للأكراد، وفي محاولة للإيحاء أنه حصل على ضوء أخضر إقليمي. وقال في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»: «لم أطّلع لغاية الآن على تفاصيل هذا المشروع إنما إذا كان يؤسس لفيدرالية جغرافية تضم كامل المكونات، فهذا لا يختلف مع ما يطرحه الائتلاف لجهة اللامركزية الإدارية». وأضاف: «لكن إذا جاءت هذه الخطة ضمن تفاهمات سورية عامة، لا أعتقد أنها تؤدي إلى مشكلة، لكن تفرّد أي طرف بها ستؤدي إلى مزيد من الصراعات».
من جهته، قال عضو الائتلاف، هشام مروة، إنّ هذه الخطوة باطلة «قانونا وشرعا» ولا تخدم القضية الوطني، لا سيما أنها أتت في وقت يتم البحث في إيجاد حل للأزمة السورية وشكل الحكم الانتقالي. وأوضح، لـ«الشرق الأوسط»: «(الاتحاد الديمقراطي) أراد استغنام الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، كما سبق أن أعلن (داعش) خلافته وأعلن رئيس النظام بشار الأسد نيته إجراء انتخابات، ليعلن عن الفيدرالية التي تؤكد نزعته الانفصالية الدائمة، واصفا ما يقوم به الحزب الكردي بـ(المغامرة التي لن تمرّ من دون توافق سوري شامل)» ، مستبعدا في الوقت عينه أن يكون هذا الإعلان جاء بغطاء دولي ما. وفي المقابل قال رئيس وفد النظام في مفاوضات جنيف، بشار الجعفري، أمس: «نحن نتحدث عن الحفاظ على وحدة سوريا ولن أعلق على الاقتراح».
ومن المؤكد أن تثير هذه الخطوة لدمج ثلاث مناطق كردية متمتعة بالحكم الذاتي في شمال سوريا قلق تركيا التي تخشى أن يذكي نفوذ الأكراد في سوريا النزعة الانفصالية بين الأقلية الكردية التركية. وهو ما أشار إليه، مسؤول بوزارة الخارجية التركية، لـ«رويترز»، إلى أن تركيا تدعم وحدة سوريا، وأن أي خطوات منفردة مثل إعلان اتحاد من جانب واحد باطلة، لافتا إلى «أن شكل الحكومة والهيكل الإداري في سوريا ستقرره كل قطاعات الشعب السوري في دستور جديد».
ويسيطر الأكراد السوريون على شريط متصل طوله 400 كيلومتر على الحدود السورية التركية من الحدود العراقية حتى نهر الفرات. كما يسيطرون أيضا على قطاع منفصل على الحدود الشمالية الغربية في منطقة عفرين. وقال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا، من داخل الاجتماع لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المشاركين «يبحثون اليوم شكل النظام في روج آفا وشمال سوريا»، مؤكدا أن «جميع المقترحات الأولية تصب في خانة الفيدرالية». وبحسب ديبو، فإن «المناطق المعنية عبارة عن المقاطعات الكردية الثلاث، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها أخيرا قوات سوريا الديمقراطية في محافظتي الحسكة (شمال شرقي سوريا) وحلب (شمال). والمقاطعات الثلاث هي كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)».
وقال إدريس نعسان، المسؤول بإدارة الشؤون الخارجية في كوباني (عين العرب)، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإعلان عن الفيدرالية يعني توسيع صيغة الإدارة الذاتية التي شكلها الأكراد والمكونات الأخرى في شمال شرقي سوريا»، متوقعا أن يتم الإعلان النهائي بعد الانتهاء من الاجتماع، خلال يومين على أبعد تقدير. وأضاف: «هذا الإعلان سيتم تحت اسم فيدرالية شمال سوريا»، مؤكدا أنها «ستمثل كل الجماعات العرقية التي تعيش في هذه المناطق ولا تقتصر فقط على الأكراد، منها السريان والآشوريون والتركمان والعشائر العربية»، مشيرا إلى أن إعلان الفيدرالية اليوم التي لطالما طرحها الأكراد، يأتي في مواجهة التقسيم، وفق قوله، سيشمل المناطق الخاضعة اليوم لسيطرة الأكراد، فيما سيتم العمل فيما بعد على توسيع هذه الدائرة، لتضم المناطق الواقعة في غرب نهر الفرات، لا سيما جرابلس ومنبج والباب.
وأكد مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن التقسيم ليس واردا لدى الحزب الاتحاد الديمقراطي، بل إن المشروع الذي يعمل عليه من الممكن أن يكون نموذجا للمناطق السورية في المستقبل، موضحا: «هو النموذج الفيدرالي تحت غطاء سوريا الاتحادية الديمقراطية». وهو ما لفت إليه نعسان، معتبرا أنّ فيدرالية المكونات هي أنسب الحدود لسوريا المستقبل بعيدا عن القومية، وخير مثال على ذلك، أن الأنظمة الفيدرالية حول العالم هي أكثر تلاحما وطنيا أكثر من الشمولية. ونفى نعسان أن يكون اختيار هذا التوقيت للإعلان عن هذه الخطوة هو استغلال الوضع الحالي لتكريس التقسيم فيما بعد. وتصاعد نفوذ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا في عام 2012 مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية. وبعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من هذه المناطق، أعلن الأكراد إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في ثلاث مناطق في شمال سوريا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.