الطاهي وولفغانغ باك {كحّل} الأوسكار مرة جديدة بأطباق أبهرت النجوم

22 عامًا من الإبداع المتواصل

يقوم باك بالإشراف على تحضير أطباق الأوسكار بنفسه - إبداع حقيقي - الشيف باك مع ابنه بايرون في حفل الأوسكار الثامن والثمانين (رويترز)
يقوم باك بالإشراف على تحضير أطباق الأوسكار بنفسه - إبداع حقيقي - الشيف باك مع ابنه بايرون في حفل الأوسكار الثامن والثمانين (رويترز)
TT

الطاهي وولفغانغ باك {كحّل} الأوسكار مرة جديدة بأطباق أبهرت النجوم

يقوم باك بالإشراف على تحضير أطباق الأوسكار بنفسه - إبداع حقيقي - الشيف باك مع ابنه بايرون في حفل الأوسكار الثامن والثمانين (رويترز)
يقوم باك بالإشراف على تحضير أطباق الأوسكار بنفسه - إبداع حقيقي - الشيف باك مع ابنه بايرون في حفل الأوسكار الثامن والثمانين (رويترز)

بعد انتهاء حفل الأوسكار وتوزيع الجوائز، لم يكن للنمسا نصيب في كل تلك الجوائز التي وزعت على الفائزين على صعيد الأفلام والسينما غير أنها استطاعت الفوز بدور أفضل طباخ تم توكيله مهمة إعداد الأطباق ومختلف الأطعمة التي تقدم في حفل الأوسكار.
ولفغانغ باك Wolfgang Puck الطاهي النمساوي المولود بإقليم كرنثيا والذي أصبح من بين أهم الطهاة في العالم والذي انتقل إلى الولايات المتحدة وهو في سن الرابعة والعشرين اشتهر كونه أول من صمم أطباق حفلات الأوسكار على مدى 22 عاما متتالية.
وتحظى الأطباق التي يصممها ويحضرها الطاهي باك مع فريق عمله الضخم من بين أهم ما يلتفت إليه المشاهير والصحافة العالمية.
وما إن تنتهي لحظات «شد البطون وشفطها» لزوم الظهور بمظهر جذاب وقوام بديع أمام الكاميرات لحظة الدخول للحفل، سرعان ما يمنحون أنفسهم «إجازة» مؤقتة لتذوق والاستمتاع بما يعده طباخ النجوم من أطباق شهية لا تقاوم وتقدم مرة واحدة في العام.
وقال باك لوسائل الإعلام إن قائمة الطعام ليلة الأوسكار تتنوع عادة ما بين السهل الخفيف والثقيل الدسم إرضاء لكل الأذواق، مستفيدا من خبرة سنوات قضاها بمطابخ نمساوية ثم فرنسية وأخيرا أميركية متنوعة تجمع حصيلة إبداعات نكهات ووصفات وبهارات ومكونات أوروبية ولاتينية وآسيوية وأفريقية.
ضم حفل عشاء هذا العام 1500 شخص، وقاد ولفغانغ باك فريقا مؤلفا من 950 أهم ما صنعوه عبارة عن 7 آلاف تمثال أوسكار من الشوكولاته تم تقديمه كذكرى.
وتم استهلاك 10 كيلوغرامات من الكافيار و350 رطل من سمك السالمون و6500 قطعة خبز كذلك على شكل تمثال الأوسكار، بالإضافة لمئات الكيلوغرامات من الدجاج واللحوم والبيض والحليب والكريمات والخضراوات وأرطال من الزعفران. ناهيك بـ30 رطلاً من بودرة الذهب المعالج الصالح للأكل، مع العلم أن الغرام الواحد من تلك النوعية من الذهب يبلغ سعره 142.50 دولار.
ردا على سؤال إن كان ولفغانغ باك قد استوحى أو استلهم بعض أطباقه من أكلات وأطعمة ظهرت في بعض الأفلام التي كانت مرشحة للفوز مثل الكبد النيئ الذي أكله ليوناردو دي كابريو في فيلم «ذا ريفينانت» أو قالب كيكة عيد الميلاد الذي ظهر في فيلم «ذا روم» أو ذاك الآيس كريم الذي تناوله الطفل بعد فرارهم من الغرفة، رد طباخ النجوم أنه لم يشاهد بعد أفلام هذا الموسم واعدا باصطحاب زوجته للاستمتاع بها، مؤكدًا أنه أصبح ملما بأذواق معظم الفنانين مثل ليونارد دي كابريو ومات ديمون وسلفستر ستالون وكيت وينسلت وغيرهم من نجو هم بالنسبة إليه زبائن دائمين لمطعمه «سباغو» في بيفرلي هيلز.
وتعني كلمة سباغو «إسباغتي» بإيطالية محلية، ويشتهر المطعم بطبق بيتزا بالسمك المدخن مع الكافيار، بالإضافة لفطيرة دجاج بالكمأ الأسود ونوع من الجبن المشوي، ورغم سهولة إعداد الطبقين، كما قال، إلا أنهما الطريق الذي قاده للشهرة وفتح أمامه أبواب النجومية.
هذا وفيما يفوز ولفغانغ باك بخدمة النجوم مباشرة إلا أن مطاعم مختلفة حول العالم استبقت الأوسكار مستفيدة من الضجة حوله بتقديم أطباق تحمل اسمه كما تتزين بشكله.



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».