النفط يحافظ على مستوى 40 دولارًا.. والجزائر تؤيد مساعي السعودية وروسيا

الأوروبيون يحجمون عن الشراء من إيران خوفًا من تعقيدات كبرى

النفط يحافظ على مستوى 40 دولارًا.. والجزائر تؤيد مساعي السعودية وروسيا
TT

النفط يحافظ على مستوى 40 دولارًا.. والجزائر تؤيد مساعي السعودية وروسيا

النفط يحافظ على مستوى 40 دولارًا.. والجزائر تؤيد مساعي السعودية وروسيا

حافظت أسعار النفط على مستويات فوق حاجز 40 دولارًا لخام برنت أمس، مدعومة ببيانات عن انخفاض الإنتاج الأميركي، إلا أن ارتفاع أسعار الدولار أمس بالتوازي مع تلك البيانات قلص من ظهور قفزات بارزة في أسعار النفط. وذلك بالتزامن مع استمرار الغموض حول مكان وموعد عقد اجتماع مرتقب بين المنتجين من داخل وخارج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) للتوفيق حول آليات لضبط الأسعار، وسبق أن أشارت مصادر عدة إلى ترجيح عقده يوم 20 مارس (آذار) الحالي في روسيا.
وانضمت الجزائر أمس إلى الدول المؤيدة للتوجه الذي اتخذته السعودية وروسيا مع كل من قطر وفنزويلا، بتجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير (كانون الثاني) الماضي. وأكد وزير الطاقة الجزائري صالح خبري أمس أن «الجزائر تؤيد القرار الأخير»، مشيرًا إلى مشاركة بلاده في الاجتماع المرتقب بين المنتجين من «أوبك» وخارجها.
وقال خبري في تصريح أدلى به على هامش الصالون السادس للتجهيزات والخدمات النفطية «نابك» في الجزائر، إن بلاده «تؤيد كل القرارات التي من شأنها إعادة الاستقرار للسوق النفطية، حتى وإن لم تكن كافية، فإن تجميد الإنتاج خطوة أولى ستسمح لاثنين من أكبر المنتجين (السعودية وروسيا) بالجلوس على مائدة واحدة والتفاوض من أجل مصلحة الدول المنتجة». وأضاف خبري أن الجزائر ستشارك في الاجتماع المرتقب فور تحديد تاريخه ومكانه. وحول ما إذا كانت الجزائر ستلجأ لخفض إنتاجها في حال ما تقرر ذلك خلال الاجتماع المنتظر، قال وزير الطاقة إن الجزائر سترجح هذا الخيار إذا تبين أن تجميد الإنتاج غير كافٍ، مشيرًا إلى أن الجزائر سبق أن دعت لتخفيض العرض كـ«خطوة أولية» بهدف دعم الأسعار.
لكن خبري أوضح كذلك في معرض حديثه أن «تعافي أسعار النفط العالمية ما زال غير مستقر»، وأن الأسعار قد تعاود الانخفاض، مؤكدًا أن بلاده ستواصل العمل على التوصل إلى حل توافقي داخل «أوبك» من أجل مساعدة الأسعار على التعافي.
* الاجتماع الغامض
لكن الاجتماع المزمع، الذي يأمل المنتجون الرئيسيون للنفط حول العالم أن يخرج بنتائج من شأنها الحفاظ على مستقبل أسعار النفط ما زال يلفه الغموض، سواء من حيث مكان انعقاده أو موعده. وقال متحدث باسم وزارة الطاقة الروسية لـ«رويترز» أمس إنه لم يتحدد بعد موعد أو مكان الاجتماع المحتمل.
وكان فياض نعمة، وكيل وزارة النفط العراقية، أبلغ صحيفة الصباح الحكومية العراقية، أمس، أن كبار المصدرين قد يجتمعون في موسكو يوم 20 مارس لمناقشة تجميد الإنتاج. فيما كان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال، الأسبوع الماضي، إن اجتماعًا بين منظمة «أوبك» وكبار منتجي النفط الآخرين بخصوص تجميد مستويات إنتاج الخام قد ينعقد بين 20 مارس والأول من أبريل (نيسان)، سواء في روسيا أو فيينا أو الدوحة.
وأوضح نعمة في تصريحاته أن العراق مستعد للتعاون في مناقشة خطة لتجميد مستويات الإنتاج مع أبرز المنتجين.
* توقعات كويتية
في غضون ذلك، أوضح أنس الصالح، وزير النفط الكويتي بالوكالة، أمس أنه يتوقع وصول أسعار النفط إلى ما بين 40 و60 دولارا للبرميل خلال السنوات الثلاث المقبلة. قائلا للصحافيين: «أتوقع أننا سنرى بوادر ارتفاع في الطلب بنهاية هذا العام، وربما أسعارًا أعلى قليلا بحلول 2017 و2018.. والنطاق هو 40 إلى 60 دولارًا كمتوسط خلال ثلاث سنوات».
* أوروبا تحجم عن نفط إيران
إلى ذلك، أكدت تقارير إخبارية أمس أن إيران لم تنجح في بيع سوى كميات متواضعة من النفط إلى أوروبا منذ رفع العقوبات عنها قبل سبعة أسابيع، بينما يحجم عدة مشترين سابقين بسبب التعقيدات القانونية وتردد طهران في تحسين الشروط لاستعادة الزبائن.
وعجزت طهران عن بيع الخام إلى الشركات الأوروبية منذ عام 2012، عندما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب برنامجها النووي، مما حرمها من سوق كانت تتلقى أكثر من ثلث صادراتها وجعلها تعتمد اعتمادًا كاملاً على المشترين الآسيويين.
وأوضح تقرير لـ«رويترز» أنه منذ رفع العقوبات في يناير الماضي، باعت إيران حمولة أربع ناقلات، تقدر بنحو أربعة ملايين برميل، إلى أوروبا، شملت «توتال» الفرنسية و«ثيبسا» الإسبانية و«ليتاسكو» الروسية، حسبما يقول المسؤولون الإيرانيون وبيانات تتبع السفن. ولا يتجاوز ذلك مبيعات نحو خمسة أيام بمستويات ما قبل 2012 عندما كانت مشتريات أوروبا من إيران تصل إلى 800 ألف برميل يوميا. بينما الكثير من كبار المشترين الآخرين، مثل «شل» البريطانية الهولندية و«إيني» الإيطالية و«هيلينك بتروليوم» اليونانية، وشركات تجارة السلع الأولية «فيتول» و«غلينكور» و«ترافيغورا»، لم يستأنفوا الشراء بعد. وتوضح التقارير أن ذلك الإحجام يعود للعقبات المتعددة منذ رفع العقوبات، والتي من بينها غياب التسوية الدولارية، وعدم توافر آلية واضحة للمدفوعات غير الدولارية، وعزوف البنوك عن تقديم خطابات الائتمان لتسهيل التجارة.
لكن بعض كبار المشترين السابقين أشاروا أيضًا إلى عدم رغبة طهران في تسهيل شروط البيع عنها قبل أربع سنوات، وإتاحة مرونة في التسعير رغم تخمة المعروض العالمي من النفط. وقال مسؤول تنفيذي كبير بشركة لتجارة النفط، طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الأمر إن «إيران غير مرنة في الشروط.. ما زالوا يفرضون شروطًا عتيقة بخصوص الوجهة تفرض عليك أين تستطيع أن تنقل الخام، وأين لا يمكنك ذلك.. كان هذا مقبولاً قبل عشر سنوات، لكن العالم لم يعد كذلك».
وكان محسن قمصري، مدير تصدير النفط بشركة النفط الوطنية الإيرانية، أبلغ «رويترز» الأسبوع الماضي بأن المشترين الأوروبيين «يتوخون الحذر بخصوص تعزيز حركة التجارة على الفور بسبب المصاعب البنكية والتأمين البحري وتوقع زيادة المبيعات من الشهر الحالي»، مستبعدًا عرض تخفيضات على أسعار البيع الرسمية الشهرية، لكنه قال إنه قد يدرس تحسين آلية التسعير في بعض الشحنات لجذب المشترين الأوروبيين.
* تراجع الإنتاج الأميركي
وعلى صعيد أسواق النفط، سجلت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا أمس، إذ إن الدعم الذي وجده الخام في انخفاض الإنتاج الأميركي قابله ارتفاع الدولار ومخاوف من تباطؤ الطلب. وبلغ سعر الخام الأميركي في العقود الآجلة 36.67 دولار للبرميل بحلول الساعة السادسة والنصف صباحا بتوقيت غرينتش، بزيادة 17 سنتًا عن سعر التسوية السابقة، وبارتفاع 40 في المائة عن أدنى مستوى له في عام 2016، الذي سجله في فبراير (شباط) الماضي.
فيما استقر سعر خام القياس العالمي مزيج برنت فوق سعر 40 دولارا للبرميل، بارتفاع 40 في المائة عن أدنى مستوى له في 2016، الذي بلغه في يناير. وقال محللون إن تراجع الإنتاج الأميركي يقدم دعمًا للسوق، لكن المخاوف من تباطؤ الطلب والتخمة الحالية في الإنتاج والمخزون العالميين تقلص من فرص تحقيق مكاسب أعلى للأسعار.
ومن بين العوامل الأساسية التي تؤثر على موازين السوق، الإنتاج الأميركي، الذي توقعت الحكومة أن يصل إلى 8.19 مليون برميل يوميًا في 2017، انخفاضًا من أكثر من تسعة ملايين برميل يوميا حاليًا.
* توقعات روسية
وعلى صعيد ذي صلة، نقلت صحيفة «فيدوموستي» الروسية أمس عن وثيقة لوزارة الطاقة الروسية قولها إن حقول النفط الروسية التي يجري بالفعل تطويرها ستسهم بأقل من نصف الإنتاج النفطي في البلاد بحلول عام 2035. وأشارت الصحيفة إلى نسخة من خطة أعدتها وزارة الطاقة لتطوير صناعة النفط في روسيا حتى عام 2035، وأرسلتها إلى وزارات أخرى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأضافت أن باقي إنتاج النفط الروسي بحلول 2035 سيأتي من التنقيب وزيادة المخزونات المؤكدة.
وأشارت فيدوموستي إلى أن التحليل الذي تتضمنه الخطة يستند إلى عام 2014، على أن يصل سعر خام «الأورال» الروسي إلى 80 دولارا للبرميل بحلول 2020، وإلى 97.5 دولار للبرميل بحلول 2030.
وتابعت أن السيناريوهات الأربعة التي تضمنتها الخطة لا تتوقع أن يصل نمو إنتاج النفط الروسي إلى النسبة التي وصل إليها في عام 2015 «باستثناء مكثفات الغاز».
* طموحات عراقية
من جهة أخرى، ومع إعلان تركيا انتهاء حملة عسكرية قرب حدودها الجنوبية الشرقية، تجددت الآمال في عودة خط أنابيب نفط عراقي إلى العمل قريبًا، بعد أن توقف قبل ثلاثة أسابيع، مما وضع ضغوطًا على عائدات إقليم كردستان العراق الذي يعاني ضائقة مالية.
وقد يستغرق الأمر أسبوعًا قبل أن يبدأ ضخ النفط عبر خط الأنابيب الذي ينقل في العادة 600 ألف برميل يوميًا إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط، وذلك حتى يمشط الجيش المنطقة لإزالة الألغام، وفي ظل استمرار الاضطرابات.
وكلما طال الوقت إلى أن يستأنف تدفق النفط، كلما تعمقت أزمة إقليم كردستان شبه المستقل، الذي بات بالفعل على شفا الإفلاس، ويعتمد بالكامل تقريبًا على عائداته من صادرات النفط عبر خط الأنابيب.
وتراجع صافي عائدات حكومة إقليم كردستان العراق من صادرات النفط إلى 223 مليون دولار فقط في فبراير الماضي بسبب الانقطاع، وهو ما يمثل أقل من ثلث ما يحتاجه الإقليم لتسديد الرواتب الحكومية المتضخمة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.