الإمارات تحت الأمطار.. وقرارات بتعليق الدراسة والطيران

أبوظبي تشهد أعلى المعدلات موسميًا في تاريخ الإمارة

غمرت الأمطار الإمارات يوم أمس وسط توقعات باستمرارها اليوم (أ.ف.ب)
غمرت الأمطار الإمارات يوم أمس وسط توقعات باستمرارها اليوم (أ.ف.ب)
TT

الإمارات تحت الأمطار.. وقرارات بتعليق الدراسة والطيران

غمرت الأمطار الإمارات يوم أمس وسط توقعات باستمرارها اليوم (أ.ف.ب)
غمرت الأمطار الإمارات يوم أمس وسط توقعات باستمرارها اليوم (أ.ف.ب)

تسبب المنخفض الجوي أمس الذي تعرضت له الإمارات في تعليق الدراسة في مدارس البلاد، وذلك جراء هطول الأمطار الكثيفة على العاصمة الإماراتية، في الوقت الذي أعلن عن إغلاق مطار أبوظبي لساعات ومن ثم استئناف الرحلات مرة أخرى.
وقال المركز الوطني للأرصاد الجوية في الإمارات إن حالة عدم الاستقرار الجوي التي تتأثر بها البلاد حاليا ستستمر، وأوضح أن كميات السحب تزداد مع تشكل بعض السحب الركامية والرعدية، وتوقع أن تستمر هذه الأجواء حتى مساء اليوم الخميس.
وتوقع المركز هطول أمطار مختلفة الشدة على مناطق متفرقة، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار ستؤدي إلى جريان الأودية والسيول بالقرب من المرتفعات على شرق وشمال البلاد، وأضاف: «الرياح معتدلة إلى نشطة السرعة، وتكون قوية أحيانا مع وجود السحب الرعدية والبحر متوسط الموج بوجه عام ويضطرب أحيانا في الخليج العربي وبحر العرب».
وكشف المركز عن أن أعلى نسبة مطر سجلت على منطقة الشويب إحدى مدن إمارة أبوظبي، حيث بلغت 240 ملليمترا مكعبا، وأعلى سرعة رياح سجلت على مطار البطين في العاصمة الإماراتية حتى الساعة 11:30 صباح أمس وبلغت 126 كيلومترا في الساعة.
إلى ذلك، أعلن مطار أبوظبي الدولي عودة سير الرحلات بصورة طبيعية، بعد أن أعلن تعليق رحلاته حتى إشعار آخر نظرا لسوء الأحوال الجوية، وذلك حفاظا على سلامة المسافرين وعملا بلوائح وقوانين الطيران المدني.
وتم إغلاق معرض أبوظبي للطيران 2016 أمس، كما تم وقوع بعض الأضرار المادية في موقع المعرض في مطار البطين للطيران الخاص، وقالت مطارات أبوظبي منظمة المعرض إنه سيتم تأكيد سير فعاليات المعرض اليوم بشكل لاحق.
وقال الدكتور ناصر سرحان أستاذ الأرصاد الجوية المساعد بكلية الملك فيصل الجوية والباحث في شؤون الأرصاد والبيئة إن مع دخول فصل الربيع هناك مؤثرات من كتل مناخية من القادمة من المناطق الآسيوية ومنطقة حوض البحر المتوسط ينتج عنها مثل هذه الأجواء، مشيرًا إلى أن هذه تحدث اضطرابات في مناخ المنطقة، تنتج عنها الأمطار. وأضاف: « التأثيرات المناخية في الوقت الحالي تكون سحبا رعدية ممطرة، تحمل كمية كبيرة من المياه، إضافة إلى ظاهرة الرعد والبرق التي من الممكن أن تؤثر على حركة الطيران، خصوصا أن هذا النوع تكون فيه حبات المطر كبيرة وتسقط لفترات قصيرة، وهي التي تستمر حتى بداية مايو (أيار)، وتعتبر ظواهر مفاجئة ويصعب توقع وجودها إلا قبل تكونها بساعتين أو ثلاث ساعات».
ولفت أستاذ الأرصاد الجوية المساعد بكلية الملك فيصل الجوية والباحث في شؤون الأرصاد والبيئة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه السحب تتكون بسرعة وتستمر لمدة نصف يوم أو ربع يوم، وتكون تأثيراتها كبيرة، مشيرًا إلى أن كمية الأمطار التي تم الإعلان عنها تعتبر كبيرة جدًا، موضحًا أن هذه الأنظمة المفاجئة تنشأ بسرعة وتتحرك.
في الوقت ذاته أصدر مجلس أبوظبي للتعليم قرارا بتعليق الدوام لطلاب المدارس والهيئة التعليمية والإدارية بالمدارس الحكومية والخاصة يوم أمس بسبب الأحوال الجوية التي تشهدها، وذلك حفاظا على سلامة الطلاب والعاملين بالمدارس. وقال الدكتور علي النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم أن قرار المجلس يرجع إلى تأثيرات المنخفض الجوي الذي تتعرض له البلاد حاليا، وحفاظا على سلامة الطلاب.
من جهتها أكدت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث أنها تتابع الحالة الجوية التي تتعرض لها معظم مناطق البلاد منذ يوم أول من أمس عن طريق التنسيق مع الجهات المعنية في مثل هذه الأحداث، والتي من ضمنها وزارة الداخلية والمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».