الأكراد يفشلون في إحكام الحصار على أحياء المعارضة في حلب

المعارضة رفعت السواتر الترابية لحجب القناصة عن العابرين في خط الكاستيلو

أطفال بريف حلب الشمالي يحملون علب بسكويت قرب ركام الأبنية المدمرة بسبب غارات الطيران ليبيعوها للمارة (رويترز)
أطفال بريف حلب الشمالي يحملون علب بسكويت قرب ركام الأبنية المدمرة بسبب غارات الطيران ليبيعوها للمارة (رويترز)
TT

الأكراد يفشلون في إحكام الحصار على أحياء المعارضة في حلب

أطفال بريف حلب الشمالي يحملون علب بسكويت قرب ركام الأبنية المدمرة بسبب غارات الطيران ليبيعوها للمارة (رويترز)
أطفال بريف حلب الشمالي يحملون علب بسكويت قرب ركام الأبنية المدمرة بسبب غارات الطيران ليبيعوها للمارة (رويترز)

فشلت هجمات المقاتلين الأكراد في مدينة حلب أمس، في إقفال الشريان الحيوي الوحيد لقوات المعارضة السورية إلى مدينة حلب، وذلك حين تصدت قوات المعارضة لمحاولة إقفال طريق الكاستيلو برصاص القنص، عبر إنشاء سواتر ترابية مرتفعة، تبقى الطريق مفتوحة من أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، إلى ريف المحافظة الشمالي والغربي.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة السورية وقوات «وحدات حماية الشعب الكردية» المعروفة باسم «بي واي دي» على أطراف مدينة حلب، بعد تسلل عدد من مقاتليها إلى تلة مطلة على طريق الإمداد الوحيد للمعارضة في المدينة.
وقال القيادي المعارض في المدينة ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط» إن المقاتلين الأكراد «تقدموا باتجاه مبان مرتفعة في منطقة الشيخ مقصود الخاضعة لسيطرتهم، ما أتاح لهم استهداف طريق الكاستيلو برصاص القنص»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «سرعان ما تدخلت، وأنشأت سواتر ترابية بعد تحديد مواقع القناصين، بغرض تأمين الطريق الذي يتيح للمدنيين العبور إلى خارج الأحياء المحاصرة وإدخال المواد الإغاثية».
وطريق الكاستيلو، يمتد من أطراف بستان الباشا في مدينة حلب، وحي الصناعة فيها، ويصل تلك الأحياء بالريف الشمالي للمدينة، وتحديدًا في كفر حمرا. ولا يمتد الطريق على أكثر من مائة متر، لكنه بات أمس تحت مرمى قناصة القوات الكردية، علما بأن المساحات قبل الكاستيلو وبعدها، تعتبر آمنة بالنسبة لقوات المعارضة.
ويمر السكان المدنيون وقوات المعارضة عبر طريق الكاستيلو من أحياء مدينة حلب باتجاه منطقة كفر حمرا في ريفها الشمالي، ثم إلى مزارع الملاح، وصولاً إلى منطقة عندان في الريف الشمالي، وهي الطريق الوحيدة المتاحة لهم للوصول إلى ريف حلب الغربي، ومنه إلى معبر باب الهوى على الحدود التركية، عبر محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وبات هذا الطريق الوحيد الآمن، بعد سيطرة النظام والقوات الكردية على أجزاء واسعة من الريف الشمالي لمحافظة حلب، ما صعب الوصول إلى معبر باب السلامة قرب أعزاز.
ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر في المعارضة السورية، قولها إن مقاتلين أكراد «تمكنوا من رصد طريق كاستيلو، المنفذ الوحيد المتبقي للمعارضة باتجاه إدلب، وقطعت الطريق الواصل بين المدينة وريفها الشمالي»، موضحة أن الطيران الروسي «يساندهم في محاولة قطع طريق كاستيلو، حيث قصفت الطائرات حيي الهلك والسكن الشبابي، اللذين تسيطر عليهما المعارضة».
ونفى النجار أن يكون المقاتلون الأكراد قد دخلوا إلى الكاستيلو، قائلا إنهم «سيطروا ناريًا عبر القناصة لوقت قصير قبل أن تندلع الاشتباكات وترتفع السواتر الترابية لإعادة فتح الطريق»، مشيرًا إلى أن «هناك خوفًا من العبور عبره، لكن ما يحصل أن كثيرين يخاطرون ويتنقلون عبر الطريق لأجل إدخال المواد الإغاثية». وأضاف: «بات هؤلاء يهددون بإكمال الحصار على أحياء المعارضة في مدينة حلب، بعدما بات لديهم أجندة سياسية تدفعهم للتوسع خارج الشيخ مقصود (شمال غربي حلب)».
وأضاف النجار: «طالما ادعت قوات سوريا الديمقراطية أنها ملتزمة بالهدنة، لكن الوقائع أثبتت أن هذه القوات تستهدف طريقًا إنسانيًا»، متسائلاً: «ألا يعتبر ذلك خرقًا للهدنة؟ وألا يستوجب ذلك قصفًا من قوات التحالف والقوات الروسية التي تزعم أنها تراقب الهدنة لمواقع وحدات الشعب الكردي؟». وقال إن الهدنة «تبدو أنها عملية إخضاع وإجبار للفصائل لعدم استخدام السلاح، ولا ينطبق ذلك على النظام والميليشيات المتعاونة معه والمقاتلين الأكراد».
ونقلت «الأناضول» عن مصادر معارضة تأكيدها أن «ما يحدث خرق جديد، يضاف إلى عشرات الخروقات المرتكبة من قبل المنظمة والطيران الروسي لاتفاق (وقف الأعمال العدائية) الذي بدأ سريانه السبت الماضي».
وفي المقابل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بارتفاع عدد القتلى الذين قضوا جراء قصف الفصائل الإسلامية والمقاتلة لمناطق في حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي بمدينة حلب، إلى ثلاثة أشخاص، مشيرًا إلى أن العدد مرشح للارتفاع لوجود عشرات الجرحى بعضهم في حالات خطرة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.