الصدر يدعو إلى مظاهرات أمام «المنطقة الخضراء» والعبادي يرفض التهديدات

معصوم يدعو الجميع إلى التوحد والاتفاق لاجتياز المرحلة الصعبة

الصدر يدعو إلى مظاهرات أمام «المنطقة الخضراء» والعبادي يرفض التهديدات
TT

الصدر يدعو إلى مظاهرات أمام «المنطقة الخضراء» والعبادي يرفض التهديدات

الصدر يدعو إلى مظاهرات أمام «المنطقة الخضراء» والعبادي يرفض التهديدات

في تصعيد غير مسبوق، جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعوته أمس، إلى أهالي العاصمة العراقية بغداد إلى تظاهرات حاشدة الجمعة المقبل أمام بوابات المنطقة الخضراء.وجاءت الدعوة في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي رفضه للغة التهديد، وهو ما جعل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ينضم إليه في الدعوة إلى الهدوء والتمسك بالدستور.
وكشف الصدر في بيان له أمس أنه «بعد أن لمست منكم في ساحة التحرير طاعة وتنظيما وارتفاعا للحس الوطني الموحد، ها أنا أستنهضكم مرة أخرى وكلي ثقة بكم وبحبكم لوطنكم لمظاهرة حاشدة مخصوصة بأهالي بغداد من كل مناطقها»، مبينًا أن «هذه المرة لن تكون في ساحة التحرير، بل في مكان أقرب (للمنطقة الحمراء) أعني الخضراء، ولتكن على أبوابها في جمعتكم المباركة هذه وفي وقت تحدده اللجنة المشرفة على التظاهرة».
وقال الصدر: «أهيب بكم أن تعكسوا نفس الصورة التي كانت منارا للفخر والشرف أولا وفي ساحة التحرير، وأتمنى أن لا تكون هذه التظاهرة مخصصة بجهة دون أخرى فالشعب أجمع محب للإصلاح وباغض للفساد»، مشددًا: «على أن تكون كل المظاهرات في بغداد والمحافظات في نفس الوقت والساعة كي تصل الرسالة واضحة للجميع». وفي هذا السياق أكد الناطق باسم التيار الصدري جواد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح بالنسبة لمقتدى الصدر أن ليس هناك تراجع فيما يسعى إليه رغم أن مسعاه بالتغيير تم فهمه بشكل خاطئ من قبل كثير من الأطراف السياسية، لعل في مقدمتها رئيس الوزراء العبادي نفسه الذي فهم ما دعا إليه الصدر في ساحة التحرير بأنه تهديد. بينما هو لا ينتمي إلى التهديد بقدر ما ينتمي إلى الضغوط المنتجة التي هي في النهاية لصالح عملية الإصلاح والتغيير التي دعا إليها العبادي نفسه».
وأضاف الجبوري أن «الشعب العراقي الذي بات يلبي مثل هذه الدعوات ويخرج بكل هذه الحشود إنما يعطي رسالة إيجابية للطبقة السياسية بأن صوت الشعب هو الأعلى وأنه لم يعد أمامه سوى البحث عن حلول للتغيير الحقيقي».
وأوضح الجبوري أن «ما يهمنا في الواقع هو الإصلاح وقد ثبت عمليًا أن الطبقة السياسية لن تذهب إلى طريق الإصلاح دون ضغوط حقيقية من قبل الجماهير». مؤكدًا أن «الخوف على المنطقة الخضراء لا مبرر له، لا سيما أن رئيس الوزراء نفسه هو من أعلن فتحها أمام المواطنين، بالإضافة إلى أن وصايا الصدر للمتظاهرين هي السلمية حتى وإن غضبوا فإنهم لن يفعلوا أكثر من أن يسمعوا صوتهم»، متسغربًا أن «ينظر إلى الأمر وكأنه اقتحام للخضراء بقدر ما هو ضغط جدي باتجاه الإصلاح».
ووصف الجبوري خروج هذه الحشود الداعية للتغيير بأنها «عبارة عن ربيع عراقي يجب استثماره من قبل الطبقة السياسية وفي المقدمة منها العبادي نفسه الذي لا يزال هو نقطة الارتكاز والذي يحظى بإجماع الكل وهو ما يتطلب دعمه، وهو ما نقوم به نحن من خلال تحطيم ديكتاتورية الكتل السياسية التي تعرقل مشروعه للإصلاح».
من جهته، دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم الجميع إلى «التوحد والاتفاق لاجتياز المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد».
وقال معصوم في كلمة له على هامش افتتاح معمل إطارات الديوانية أمس إن «المجتمع العراقي مهدد بالخطر الداعشي والخطر الاقتصادي»، داعيًا جميع العراقيين، إلى «التوحد والاتفاق لاجتياز المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد». وأضاف معصوم أن «هناك حراكًا سياسيًا، وكل طرف يعبر عن رأيه، ولكن التعبير عن الرأي يجب أن لا يؤدي إلى استخدام اليد»، مبينًا أن «الجميع رأى أيام حكم رئيس النظام السابق صدام حسين الذي استخدم كل أساليب القوة وبالتالي راح ضحية أفكاره وتطرفه وانتهك كل شيء». وتابع رئيس الجمهورية، أن «هناك تظاهرات وهي مرحّبٌ بها إذا كانت وفق سياقات القانون وهناك كتابات في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هناك بعض المبادئ الأخلاقية التي يجب الالتزام بها كأن لا يكون هناك تشهير كاذب بشخص»، مشددًا على ضرورة «رعاية الدستور العراقي الذي هو يجمعنا».
كما عد معصوم أن «أي خطوة من شأنها أن تُجمد أو تُلغي الدستور فإنها تعني العودة لاستخدام القوة» في العراق، وتابع معصوم: «نحن أخذنا درسًا وضيعنا بعض السنوات السابقة وعلينا الاستفادة من السنوات الآتية وأن نعمل بالإيجاب لتقوية مجتمعنا فليس هناك فرق بين الأديان والمذاهب والقوميات»، داعيًا إلى «عدم ربط المشكلات السياسية بالمسائل الدينية ولا القومية ولا المذهبية».
في سياق متصل، كشف مستشار الرئيس العراقي شروان الوائلي لـ«الشرق الأوسط» أن «معصوم سيستضيف غدًا اجتماعا لرؤساء الكتل السياسية بعد الاجتماع الذي ستعقده قبله بساعات الرئاسات الثلاث من أجل توحيد الرؤى الخاصة بالإصلاحات والأوضاع الأمنية والاقتصادية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.