انطلاق حملة {حقك علينا يا وطن} في الخرطوم

مئات المتطوعين يشاركون في تنظيف العاصمة السودانية

جانب من حملة {حقك علينا يا وطن} ({الشرق الأوسط})
جانب من حملة {حقك علينا يا وطن} ({الشرق الأوسط})
TT

انطلاق حملة {حقك علينا يا وطن} في الخرطوم

جانب من حملة {حقك علينا يا وطن} ({الشرق الأوسط})
جانب من حملة {حقك علينا يا وطن} ({الشرق الأوسط})

شارك المئات من السودانيين في حملة نظافة الخرطوم اليوم، حيث أطلق ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي حملة لنظافة المدينة التي ذكرت تقارير عالمية أنها أقذر عاصمة على مستوى العالم.
وتعاني الخرطوم من ظاهرة تكدس النفايات وعجز الجهات المسؤولة عن القيام بتنظيفها بالشكل الذي يليق بعاصمة البلاد. شوارع الخرطوم الداخلية بين الأحياء عبارة عن مكبات نفايات تنتشر على جانبي الطريق اختار القائمون على حملة نظافة الخرطوم التي انطلقت أمس ميدان جاكسون لقربه من وسط العاصمة الخرطوم ولأنه موقف مواصلات مزدحم ومنطقة تمثل كل السودانيين.
الحملة لا تشمل النظافة فقط، بل تمتد إلى التشجير والاهتمام بالأرصفة والحوائط وإزالة الملصقات.
شارك عدد من الأطفال مع أسرهم في مبادرة نظافة الخرطوم وهم يرددون لا للأوساخ.
وقد أكد معاوية عثمان مدير الإعلام في حملة نظافة الخرطوم على سرعة استجابة منظمات المجتمع المدني والمواطنين العاديين بالإضافة إلى الحكومة الخدمية بعد الإعلانات التي قمنا بنشرها في «واتسآب» و«فيسبوك» تلقينا اتصالا من أربع منظمات هي إخلاص النوايا الخيرية وشباب النجدة وشباب الأزهري ومبادرة أولاد شارع الحوادث أيضا كان هناك استجابة من شركات الاتصالات العاملة في السودان زين إم تي إن وموظفي سوداني.
وأضاف: «نتوقع ازدياد أعداد المشاركين في الأيام القادمة». وأوضح «أن نظافة ميدان جاكسون (وسط الخرطوم) هي نقطة البداية لنظافة كل أحياء العاصمة السودانية بعدها نخطط لعمل مؤتمر نظافة السودان الذي سيحضره عدد من ممثلي السفارات وكوادر ناشطة هدفنا من ذلك إرسال رسالة تثقيفية لكل أفراد الشعب السوداني من أجل المحافظة على عاصمتنا نظيفة صحية وأن يصبح السلوك الشخصي مبنيا على ثقافة الاهتمام بمظهر المدينة التي يسكنون فيها».
وعن الدور الذي لعبته الحكومة الخدمية قال: «إنه تم توفير سيارات ووجبات فطور وغداء للمتطوعين أما الأفراد فقدموا أشياء عينية مثل الأكياس والكمامات والمكانس وشتلات لزراعاتها بين الممرات. أما شركات الاتصالات فكانت الأكثر تميزا بحضور مديري المسؤولية الاجتماعية وموظفي الشركة».
وقد علق علاء الدين الشيخ مدير المسؤولية الاجتماعية في إم تي إن على الحملة واصفا إياها بالجميلة وأنهم شاركوا بالدعم المادي وبالرسائل القصيرة وبالحضور الشخصي وتحدث علاء الدين على أهمية مساندة الجهات المختصة لمثل هذه المبادرات بقفل المواقف أثناء عملية النظافة والمحافظة على ما تم من جهد ويستطرد قائلا: إن ما يميز هذه الحملة أنها بمشاركة أطراف مختلفة تشمل ربات بيوت أطفالا، شباب جامعات، وشركات والهدف في النهاية الوطن.
وذكر طارق بشير حسان أحد المشاركين في حملة حقك علينا يا وطن لنظافة الخرطوم من خلال منظمة النوايا الخيرية أننا من أوائل من أعجب بفكرة نظافة الخرطوم التي تبناها الأخ معاوية عثمان وقام بالجهد اللازم وكنا اتصلنا به من أجل المشاركة والتنسيق «فقمنا بتقسيم ميدان جاكسون إلى أربعة قطاعات وخمس خطوات هي الكنس وإزالة الأوساخ الترابية ثم الطلاء والتشجير وإزالة الملصقات».
وسط إعجاب المارة من المواطنين نشطت كوادر من الفنانين وطلاب كلية الفنون الجميلة في إعادة الحياة لإسمنت كبري الحرية برسومات تعبر عن قدرة الإنسان على قهر المستحيل وكانت هذه مساهمتهم في حملة نظافة الخرطوم.
سعد محمد أبكر الذي يدرس بكلية الخدمات الاجتماعية والعمل الطوعي يقول: إن المبادرة لاقت استحسان كل الشعب السوداني لذلك حضرت بنفسي للمشاركة مع مجموعة مبادرة حقك علينا يا وطن.
تساءل بعض المتطوعين عن دور المجلس الأعلى للبيئة والمحلية في نظافة عاصمتهم لكن برغم الإحباط أحبوا المشاركة مع الفئات المختلفة للشعب السوداني.
يبقى أن نذكر أن المتطوعين كانوا يعملون في درجات حرارة عالية حيث امتدت فترة عملهم من الساعة العاشرة صباحا وحتى الخامسة عصرا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».