«السعر مقابل الالتزام».. معادلة سوق النفط الجديدة

«مجموعة الدوحة» تراقب.. و30 دولارًا نقطة الدعم

ثمة اتفاق غير معلن ليظل مستوى الأسعار عند 30 دولارا (رويترز)
ثمة اتفاق غير معلن ليظل مستوى الأسعار عند 30 دولارا (رويترز)
TT

«السعر مقابل الالتزام».. معادلة سوق النفط الجديدة

ثمة اتفاق غير معلن ليظل مستوى الأسعار عند 30 دولارا (رويترز)
ثمة اتفاق غير معلن ليظل مستوى الأسعار عند 30 دولارا (رويترز)

مثّل مستوى 30 دولارا (نقطة الدعم القوية) لأسعار النفط، بداية نشطة جدًا لتحرك بعض الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» وخارجها، للحيلولة دون مزيد من الهبوط، لمستويات تمثل خطورة بالغة لكثير من الدول حول العالم، الأمر الذي حافظ على موجة صعود لفترة، وإن كانت قصيرة، إلا أن ثبات مستويات الأسعار عند تلك النقطة، تبدو مطمئنة لاستكمال باقي التحركات كخطوة تالية، لاتفاق تجميد مستويات الإنتاج عند مستويات يناير (كانون الثاني).
وثمة اتفاق غير معلن أو متفق عليه بين الدول الأعضاء في «أوبك»، وخارجها أيضًا، ليظل مستوى الأسعار عند 30 دولارا (أقل أو أكثر 5 دولارات) مناسبًا لمرحلة المناقشات الجادة والاتفاقات التي تراعي مصالح وأطر السياسات العامة للجميع، في حين تمثل بعض الدول عائقًا أمام أي حل يبدو في الأفق القريب لأسواق النفط.
ويظهر ذلك من خلال تصريحات بعض المسؤولين في أسواق النفط، التي تسارع بطمأنة السوق فور كل نزول في الأسعار تحت مستوى الـ30 دولارا، على أن يعقبها تصريحات تأتي في الاتجاه المعاكس تمامًا، ليفقد النفط ما حققه من مكاسب، وتتبنى روسيا الاستراتيجية الأولى، نظرًا للضرر العنيف الذي يلاحق اقتصادها، في حين تميل إيران لتبني الاستراتيجية المعاكسة، رغم أن اقتصادها يمر بأسوأ مما تمر به موسكو.
واتفقت السعودية أكبر منتج في منظمة «أوبك»، وروسيا وقطر وفنزويلا، الأسبوع الماضي، على تجميد الإنتاج عند مستويات يناير (كانون الثاني) شريطة أن ينضم المنتجون الآخرون إلى الاتفاق.
وتوقع بنك أوف أميركا ميريل لينش، أن يؤدي تجميد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مستوى إنتاجها، بالإضافة إلى أسعار التجزئة المعقولة لوقود البنزين، إلى ارتفاع سعر النفط إلى 47 دولارًا للبرميل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.
ورغم تراجع برنت للأسبوع الثالث على التوالي نحو 4 في المائة في إغلاق جلسة يوم الجمعة، مع استمرار تخمة الإمدادات في السوق، وزيادة قياسية للمخزونات الأميركية، إلا أن خام القياس العالمي مزيج برنت الذي هبط في العقود الآجلة 27 .1 دولار أو بنسبة 7 .3 بالمائة أغلق عند التسوية عند 01 .33 دولار للبرميل. وتراجع سعر الخام الأميركي 13 .1 دولار أو بنسبة 3 .7 بالمائة أيضًا عند التسوية ليغلق عند 64 .29 دولار للبرميل.
.
وقال وزير النفط الفنزويلي ايولوخيو ديل بينو الجمعة، إن السعودية وقطر وفنزويلا ستراقب سوق النفط حتى شهر يونيو في أعقاب اتفاق تجميد الإنتاج واحتمال اتخاذ تدابير إضافية لإنقاذ الأسعار. بينما أوضح رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو أمس إن بلاده بصدد إرسال مقترحات جديدة لزعماء دول في «أوبك» وخارجها من أجل تحقيق استقرار السوق، دون أن يذكر مزيدًا من التفاصيل.
وقال أليكسي تكسلر النائب الأول لوزير الطاقة الروسي، إنه سيكون من السهل مراقبة أي اتفاق لتجميد مستويات إنتاج النفط، نظرًا لأن السوق تتسم بالشفافية. وأضاف في تصريحات للصحافيين على هامش منتدى اقتصادي في كراسنويارسك في سيبيريا: «سيكون من السهل كشف أي خداع». وفيما يبدو أنه عودة لنقطة الصفر، قال نائب وزير الطاقة الروسي أناتولي يانوفسكي، أمس (السبت)، إن جميع الاتفاقات بين القوى النفطية في العالم على تجميد إنتاج النفط «طوعية»، وإنه لا يمكنه تصور آلية للسيطرة على تجميد الإنتاج، وهو عكس تصريحات شريكه في العمل نفسه.
وبين هذا وذاك، قال نائب وزير النفط الإيراني أمس (السبت) أيضًا، إن بلاده تهدف إلى زيادة إنتاجها النفطي 700 ألف برميل يوميًا في المستقبل القريب.
بينما قال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي يوم الخميس، بعد اجتماع عقد في طهران، إن المحادثات ستستمر بين «أوبك» والمنتجين من خارجها لإيجاد سبل لإعادة أسعار النفط إلى مستوياتها «الطبيعية».
* شركات الطاقة الأميركية:
في غضون ذلك، خفضت شركات الطاقة الأميركية عدد منصات النفط العاملة للأسبوع التاسع على التوالي هذا الأسبوع، ليهبط العدد لأدنى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2009 مع استمرار الشركات في خفض الإنفاق بسبب انهيار أسعار الخام.
وقالت شركة «بيكر هيوز» للخدمات النفطية يوم الجمعة، إن شركات الحفر أوقفت 26 منصة عن العمل في الأسبوع الذي ينتهي في 19 من فبراير (شباط) لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 413.
وبلغ عدد المنصات في الأسبوع المقابل من العام الماضي 1536 منصة عاملة. وأوقفت الشركات 963 منصة إجمالاً عن العمل في 2015، وهو أكبر خفض سنوي في العدد منذ 1988 على الأقل. ويبدو إنتاج النفط الصخري في أميركا قد وصل إلى نقطة الانكماش بدلاً من التوقف عن الزيادة.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها للإنتاج (على المدى القصير) في نهاية 2016 من 7 .9 مليون برميل يوميًا في يوليو (تموز) 2014 إلى 5 .8 مليون برميل يوميًا فقط في فبراير 2015. ومن المتوقع أن تؤدي الأسعار المنخفضة إلى شطب 800 ألف برميل يوميًا إضافية من السوق بحلول نهاية هذا العام. ويبلغ فائض المعروض من النفط حاليًا 8 .1 مليون برميل يوميًا في الأسواق العالمية.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.