العبادي يشكل لجنة لإعادة إعمار الرمادي بعد تحريرها من «داعش»

العبادي يشكل لجنة لإعادة إعمار الرمادي بعد تحريرها من «داعش»
TT
20

العبادي يشكل لجنة لإعادة إعمار الرمادي بعد تحريرها من «داعش»

العبادي يشكل لجنة لإعادة إعمار الرمادي بعد تحريرها من «داعش»

انطلقت حملة إعادة إعمار مدينة الرمادي العراقية بعد اكتمال عمليات تحريرها بعد عشرة أشهر من سيطرة تنظيم داعش عليها.
وأصدر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، أمراً بتشكيل لجنة عليا لتأهيل المدينة وإعادة سكانها إليها برئاسة رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف هميم، وتضم نائبين له هما وزير الكهرباء قاسم الفهداوي ومحافظ الأنبار صهيب الراوي. ومارست اللجنة مهامها فوراً بتوجيه الجهد الهندسي والبلدي والخدمي للعمل في الرمادي وتأهيل بعض الجسور لأجل إدامة التواصل بين الرمادي وضواحيها الخارجية.
وتشمل خطة الحملة رفع الألغام والعبوات التي زرعها تنظيم "داعش" في البنايات الحكومية والمنازل قبل طرده منها، فضلاً عن إعادة تأهيل البنى الارتكازية وإعادة توفير خدمات الماء والكهرباء والخدمات البلدية الضرورية لإعادة النازحين إلى بيوتهم.
وكان تنظيم "داعش" تمكن من بسط سيطرته على الرمادي مركز محافظة الأنبار (110 كلم غرب بغداد)، في 13 مايو (أيار) من العام الماضي 2015، فيما اعتبرت نكسة كبيرة لقوات الجيش والشرطة في العراق.
وقال الهميم "باشرت اللجنة أعمالها بتشكيل فرق عمل ميدانية متخصصة لإنجاز ما يمكن تحقيقه من أعمال خدمية وإعادة الوضع للصورة شبه الطبيعية وإعادة النازحين لمنازلهم في أسرع وقت ممكن، وسيكرس الوقف السني كل إمكاناته المادية وجهود العاملين فيه لأجل تهيئة المدينة لاستقبال أبنائها".
وأضاف الهميم "وضعنا خطة عمل سريعة، وستكون الرمادي خلال أيام ليست بعيدة جاهزة لإعادة النازحين إلى منازلهم"، مشيراً إلى أن من أبرز المشاكل التي تعنى بها اللجنة مشكلة انقطاع الكهرباء والماء والجسور المؤدية للرمادي. وأعرب عن ثقته في أنه "بتضافر جهود الوقف السني ووزارة الكهرباء ومحافظة الانبار سنتغلب على المعضلات"، مشيراً إلى أن أبناء الأنبار من الأثرياء تبرعوا بآلياتهم وسياراتهم للمساعدة في توفير ما يتطلبه العمل لتأهيل المدينة.
وأعلن الهميم انطلاق الحملة التطوعية الشعبية لتنظيف الأنبار وإعادة إعمارها، وحث القيادات الإدارية والجماهيرية والشباب إلى الالتحاق بهذه الحملة وبأسرع وقت. وقال: "نجحنا في ضرب الإرهاب الذي دمر مدننا، ولا بد من التكاتف للنجاح في إعادة إعمار المدينة وإعادة النازحين إليها".
واتهم الهميم "جهات سياسية" بالأنبار بأنها لا ترغب في إعمار الرمادي وإعادة النازحين إليها، قائلاً: "بعض الجهات السياسية تحاول تأخير إعادة النازحين إلى ديارهم، ولكننا لن نسمح لهم وسنعمل بخلاف ما يفعلون لأن عودة أهلنا هي همنا الوحيد".
ولم تتحدث أي مصادر مطلعة على عمل اللجنة عن رصد الحكومة العراقية لأية مبالغ مالية لإعمار الرمادي.



الحوثيون يصدمون المجتمع اليمني بمنع تعليم اللغة الإنجليزية

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء لتشييع ضحايا غارات أميركية (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء لتشييع ضحايا غارات أميركية (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون يصدمون المجتمع اليمني بمنع تعليم اللغة الإنجليزية

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء لتشييع ضحايا غارات أميركية (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء لتشييع ضحايا غارات أميركية (إ.ب.أ)

بينما يواصل مسؤولون يمنيون ونشطاء وخبراء تحذير أولياء الأمور في مناطق سيطرة الحوثيين من إلحاق أبنائهم بالمعسكرات الصيفية للتدريب على القتال، صُدم المجتمع بقرار الجماعة منع تعليم اللغة الإنجليزية في الصفوف الدراسية الأولى.

ونصّ التعميم الذي وزعته الجماعة على مكاتب التربية والتعليم في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة على وقف تعليم مادة اللغة الإنجليزية في الصفوف من الأول إلى الثالث الأساسي بجميع المدارس الحكومية والخاصة، ابتداءً من العام الدراسي المقبل، وأمر بتكثيف تعليم اللغة العربية والتفسير الحوثي للقرآن الكريم حصراً.

القرار، وهو الأول من نوعه في تاريخ البلاد، كان محل رفض وتنديد من قبل مستويات اجتماعية وتوجهات مختلفة، بمن فيهم نشطاء مؤيدون للحوثيين.

ورفض «مرصد ألف لحماية التعليم» هذا القرار ورأى فيه انتكاسة خطيرة في مسار تطوير التعليم، ووصفه بأنه تراجع خطير عن مكتسبات التعليم، وانحراف عن المعايير التربوية الحديثة التي تعتمد على التأسيس المبكر للغات، باعتبارها من الركائز الأساسية لبناء شخصية الطالب وتمكينه من أدوات المستقبل.

صورة ضوئية لتعميم الحوثيين بمنع تعليم الإنجليزية
صورة ضوئية لتعميم الحوثيين بمنع تعليم الإنجليزية

وأكد المرصد، في بيانه، أن اللغة الإنجليزية لم تعد مادة ترفيهية أو اختيارية، بل أصبحت أداة أساسية للتواصل والمعرفة والانفتاح على العلوم الحديثة، خاصة في سياق عالمي متسارع يعتمد بشكل متزايد على التعليم متعدد اللغات في مراحله الأولى.

وأضاف أن حرمان أطفال اليمن من هذا الحق يمثل «تمييزاً تربوياً وجريمة» في حق جيل كامل يُفترض أن يكون أكثر استعداداً للمستقبل وأقدر على المنافسة والاندماج.

وحذر المرصد، الذي يُعنى بمراقبة تطور العملية التعليمية وحماية حقوق الطلاب، من أن الخطوة التي اتخذها الحوثيون ستعمّق من عزلة النظام التعليمي في مناطق سيطرتهم، وتزيد من الفجوة بينه وبين المعايير الإقليمية والدولية، ما سيؤدي إلى آثار بعيدة المدى على جودة التعليم ومخرجاته وفرص الطلاب في التعليم العالي وسوق العمل.

وطالب بمراجعة هذا القرار فوراً، ونبّه إلى ضرورة إشراك المختصين والخبراء في أي عملية تطوير أو تعديل للمناهج الدراسية، بعيداً عن الأجندات الآيديولوجية والسياسية التي تُقحم في مسار التعليم وتضر بمستقبل الأجيال.

استهداف ممنهج

انتقد عبده بشر، وهو عضو مجلس النواب في صنعاء، قرار الحوثيين، وخاطب وزير التعليم الحوثي وقال إنه ليس من حقه إلغاء تعليم اللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات. وأكد أن مستوى التعليم متدنٍّ، ولكن ليس بسبب تعلم اللغة الإنجليزية، وإنما بسبب الاستهداف الممنهج من قبل الجماعة للعلم والمعلم، وقطع المرتبات، وعدم قدرة ولي الأمر على توفير لقمة العيش لأبنائه، وبسبب العبث والاستهتار وتسييس التعليم.

الموقف ذاته سجله الناشط نايف عوض، الذي يعيش في مناطق سيطرة الحوثيين، وقال إن السكان هناك، منذ سبع سنوات، ينتظرون متى تجد الجماعة حلاً لمشكلة انقطاع مرتبات المدرسين، وإنهم يناشدونها توفير المنهج المدرسي، وإلغاء الرسوم المفروضة على الطلاب، ويطالبون بتوضيحات عن صندوق المعلم وأين مصير الجبايات التي تُؤخذ باسمه، ولم يطلبوا من الوزارة إلغاء تعليم اللغة الإنجليزية كما جاء في مبررات القرار.

الحوثيون قطعوا مرتبات المعلمين وكثفوا من تجنيد طلاب المدارس (إعلام محلي)
الحوثيون قطعوا مرتبات المعلمين وكثفوا من تجنيد طلاب المدارس (إعلام محلي)

من جهته وصف القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» زيد الذاري القرار بالمتخلّف، وقال إن مبرراته فارغة، وإنه يعكس طبيعة العقلية الجامدة التي تعيشها الجماعة وتنحصر في إطارها بعيداً عن بقية اليمنيين وحاضرهم ومستقبلهم.

أما المحامية والناشطة الحقوقية المعروفة هدى الصراري فنبهت بدورها إلى أن مجموعة التوجيهات التي أصدرتها الجماعة الحوثية ستؤثر بشكل مباشر على العملية التعليمية ومحتوى المناهج الدراسية في مناطق سيطرة الانقلاب، وخصوصاً في المراحل الأساسية المبكرة، من خلال تقويض التعليم الحديث والشامل، واستبعاد مواد كالعلوم والرياضيات والإنجليزية، وهو ما يعني حرمان الأطفال من المهارات الأساسية في التفكير النقدي والمنطقي، والقدرة على مواكبة العصر.

عزل الطلبة

وفق ما أكدته هدى الصراري، فإن القرار الحوثي سيؤدي إلى عزل طلاب تلك المناطق من اليمن عن العالم، ويضعف فرصهم في التعليم الجامعي والعمل مستقبلاً.

وانتقدت الصراري «تسييس التعليم وتطييفه»، وقالت إن حصر الدراسة على المواد في اللغة العربية والقرآن الكريم «يعكس توجهاً آيديولوجياً هدفه غسل أدمغة الأطفال وتوجيه التعليم لخدمة أجندة مذهبية وطائفية». وحذّرت من تدمير البنية المعرفية للأجيال القادمة؛ لأن الخطوة ستخلق أجيالاً غير قادرة على الإبداع أو التنافس أو الانفتاح على العلوم والمعارف، وفق تعبيرها.

ويشارك الصراري في هذا الموقف كثير من الناشطين الذين رأوا في القرار خطراً وجودياً على التعليم، واتهموا الحوثيين بالسعي من خلاله إلى فرض آيديولوجيا خاصة على المناهج، وتفريغ التعليم من محتواه العلمي والإنساني لصالح التعبئة الدينية والمذهبية. وهذا في تقديرهم تهديد لمستقبل البلاد العلمي والثقافي والاجتماعي.

انقلابيو اليمن حولوا المدارس إلى معسكرات للتعبئة الطائفية (إعلام محلي)
انقلابيو اليمن حولوا المدارس إلى معسكرات للتعبئة الطائفية (إعلام محلي)

وفي السياق نفسه، بينت الأستاذة في جامعة زيوريخ، إلهام مانع، أن القرار الصادر عن سلطة الحوثيين هدفه إعادة هيكلة المناهج الدراسية للصفوف من الأول إلى الثالث، ويعكس جهداً أوسع نطاقاً من قبل الحوثيين لإعادة تشكيل النظام التعليمي بما يتماشى مع نظرتهم الدينية والسياسية للعالم.

وأكدت مانع أن الخطوة الحوثية ترسخ مناهج التربية الإسلامية للتركيز على حفظ القرآن والأحاديث النبوية والمضمون الفقهي وفق مذهب الحوثيين، ومواجهة ما سُمي بـ«التأثير الثقافي الأجنبي».

وأشارت الأكاديمية اليمنية إلى أن القرار طلب من جميع الكوادر التعليمية الالتزام بالقرار «وبنبرة آيديولوجية» واضحة تعكس محاولة الحوثيين إعادة تشكيل التعليم بما يتماشى مع معتقداتهم.