انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم في 3 مدن يمنية

شملت الاعتداء وتغيير أسماء المدارس وفرض قيود مشددة

تلميذات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم في 3 مدن يمنية

تلميذات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر تربوية يمنية في صنعاء بقيام الميليشيات الحوثية بارتكاب انتهاكات جديدة بحق قطاع التعليم ومنتسبيه في العاصمة المختطفة صنعاء، ومحافظتي إب والجوف، شملت الاعتداءات، وتغيير أسماء المدارس، وفرض القيود المشددة، فيما وثق تقرير محلي حديث تجنيد الميليشيات لأكثر من 45 طفلاً أغلبهم من طلبة المدارس خلال فبراير الماضي.
أفادت مصادر تربوية يمنية في صنعاء بقيام الميليشيات الحوثية بارتكاب انتهاكات جديدة بحق قطاع التعليم ومنتسبيه في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتي إب والجوف، شملت الاعتداءات، وتغيير أسماء المدارس، وفرض القيود المشددة، فيما وثق تقرير محلي حديث تجنيد الميليشيات لأكثر من 45 طفلاً أغلبهم من طلبة المدارس خلال فبراير (شباط) الماضي.
وبالتزامن مع صدور تحذيرات نقابية من أن التعليم بات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أداة للتعبئة ونشر الطائفية ورافداً للحرب وجبهات القتال، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات قامت قبل أيام بتغيير اسم مدرسة «الشهيد عبد العزيز عبد الغني» في مديرية بني الحارث شمال العاصمة إلى اسم مؤسس الجماعة حسين الحوثي. ووصف تربويون في صنعاء ذلك بأنه «ينم عن حقد دفين تكنه الميليشيات الانقلابية ضد كافة الرموز والقيادات الوطنية، وقالوا إن ذلك يأتي استكمالاً لمشاريع انقلابية استهدفت على مدى سنوات ماضية، ولا تزال، أسماء المعالم والرموز الوطنية ضمن مخطط لتجريف كل ما له علاقة بالهوية اليمنية، واستبدال أخرى ذات صبغة طائفية بها.
وعلى الصعيد نفسه، واستمراراً للاستهداف الحوثي للتعليم ومنتسبيه، أفادت مصادر تربوية في محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء) بقيام مشرف حوثي بالاعتداء على معلم يدعى محمد عبد القادر، يعمل بتدريس مادة اللغة الإنجليزية في مدرسة قتيبة بن مسلم بمنطقة بني مليك التابعة لإحدى المديريات الواقعة غرب إب. وأوضحت المصادر أن اعتداء المشرف الحوثي على المعلم تم داخل أحد الفصول الدراسية عندما كان يراقب الطلبة في امتحان آخر السنة، وأن جريمة التعدي وقعت على خلفية سحب المعلم ورقة الاختبار من نجل المشرف بعد اكتشافه أنه كان يغش في قاعة الامتحان، حيث قام الطالب بتقديم شكوى لوالده، الذي بدوره أقدم مع مرافقيه على اقتحام المدرسة ومباشرته مع نجله الاعتداء على المعلم.
وبينما أثارت الحادثة موجة غضب واستنكار في أوساط الطلاب والتربويين وأولياء أمور، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الممارسات تضاف إلى سجل الجماعة الحافل بممارسات الاعتداء والقمع والانتهاك والفساد بحق العاملين بذلك القطاع في مناطق سيطرتها. وتواصلاً للانتهاكات الحوثية بحق مؤسسات التعليم بغية حرفها عن مسارها، أقدمت عناصر تابعة للميليشيات قبل أيام على إلغاء حفل تخرج طالبات مدرسة عائشة في مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، شمال شرقي العاصمة صنعاء.
ونقلت تقارير محلية عن بعض الطالبات، قولهن: «إن الميليشيات ألغت إقامة الحفل مستخدمة كل وسائل القوة والضغط، بعد أيام من الإعداد والتجهيز لإقامته، حيث أفدن بأن المنع كان بسبب اسم المدرسة (عائشة)، إضافة إلى فشل الانقلابيين بتحويل فقرات الحفل إلى منبر للتحريض على العنف والقتل والتعبئة الفكرية ونشر الطائفية. وتحججت الجماعة الحوثية بأن جبهات القتال أولى بالتكاليف التي تنفق على حفلات التخرج، بالإضافة إلى مواصلة تجريمها ما تسميه الاختلاط بين الطلاب والطالبات وأولياء الأمور في أثناء تنظيم حفلات التخرج المدرسية».
واعتادت المدارس اليمنية قبيل صدور قرارات المنع والتعسف الحوثية تنظيم احتفالات تكريمية للمتفوقين من الطلاب والطالبات كل عام بمشاركة أولياء الأمور الذين يتاح لهم الاحتفال بأبنائهم المتفوقين، حيث تقام بعض هذه الاحتفالات إما في قاعات المناسبات أو داخل مقرات المدارس. وشهدت عدداً من المحافظات اليمنية تحت سيطرة الجماعة الحوثية في أوقات سابقة إلغاء عدد كبير من حفلات الزفاف وفعاليات التكريم والتخرج، مع اعتقال عشرات المدنيين، بينهم طلاب ومعلمون، وفق ما وثقته مصادر حقوقية.
وكانت تقارير عدة قد اتهمت في أوقات سابقة الجماعة بمواصلة ارتكابها جرائم أغلبها جسيمة بحق قطاع التعليم ومنتسبيه في عموم مناطق سطوتها. جاء ذلك مع تحذيرات جديدة أطلقتها الأمم المتحدة من تعرض مستقبل أكثر من 8 ملايين طفل يمني للخطر، نتيجة استمرار الصراع في البلاد. وذكرت منظمة «يونيسف» في بيان حديث أن الصراع عاق حصول 8.1 مليون طفل في اليمن على ‎التعليم، ما يعرض مستقبلهم للخطر، مؤكدة أن التعليم هو حق ‎لكل طفل، وأولوية للمنظمة.
وفي سياق ذلك، رصدت منظمة «ميون لحقوق الإنسان»، قيام الميليشيات بتجنيد أكثر من 40 طفلاً دون سن 15 عاماً في مناطق سيطرتها، خلال الشهر الماضي. وأدانت المنظمة في بيان حديث إصرار الجماعة الحوثية على مواصلة تجنيد أطفال دون السن القانونية، قائلة: «إن فرقها وثقت تجنيد الميليشيات 45 طفلاً دون سن 15 عاماً في فبراير الماضي». وأوضح البيان أن الجماعة الانقلابية أجبرت الأطفال على الخضوع لبرنامج تدريبي في أحد المعسكرات شمال غربي محافظة صنعاء.
ووفقاً للبيان، فقد عمدت الجماعة إلى تنظيم ما تسميها «دورة ثقافية» لمدة أسبوع لهؤلاء الأطفال، ثم ألحقتهم بدورة قتالية مباشرة في المعسكر استمرت 15 يوماً، قبل أن تقوم بتوزيعهم مرافقين لقيادات عسكرية ميدانية تابعين لها. وندد البيان بمواصلة الميليشيات تجنيد الأطفال خلافاً لالتزاماتها القانونية وخطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) 2022 لإنهاء التجنيد والانتهاكات الأخرى بحق الأطفال. ودعا المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم أمام «الصلف الحوثي» في استمرار تجنيد الأطفال، وضرب الميليشيات عرض الحائط بالتحذيرات الأممية والدولية التي تشدد على ضرورة منع وإنهاء التجنيد والانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.