بلجيكا تعتقل مهاجرين إيرانيين في طريقهم إلى بريطانيا

{الشرق الأوسط} رصدت رحلة الهرب من جحيم طهران إلى أوروبا

مواطن بلجيكي يوزع الطعام على مهاجرين غير شرعيين في ميناء زيبروج، أمس («الشرق الأوسط»)
مواطن بلجيكي يوزع الطعام على مهاجرين غير شرعيين في ميناء زيبروج، أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا تعتقل مهاجرين إيرانيين في طريقهم إلى بريطانيا

مواطن بلجيكي يوزع الطعام على مهاجرين غير شرعيين في ميناء زيبروج، أمس («الشرق الأوسط»)
مواطن بلجيكي يوزع الطعام على مهاجرين غير شرعيين في ميناء زيبروج، أمس («الشرق الأوسط»)

اعتقلت الشرطة البلجيكية أول من أمس نحو 21 مهاجرا إيرانيا فروا من جحيم طهران إلى أوروبا، إلا أن ذلك لم يشفع لهم أمام قوانين الهجرة الأوروبية الصارمة على الرغم من افتراشهم الأرض إلى جانب إحدى الكنائس في مدينة زيبروغ غرب بلجيكا.
وعلى الرغم من برودة الطقس وسقوط الأمطار في ميناء زيبروغ وبالتحديد بالقرب من كنيسة «ستيلا ماري»، فإن مخيما للمهاجرين نصب هناك، إلا أن الشرطة لم تمهلهم كثيرا لتسلمهم إلى دائرة الأجانب.
وكانت الدعوة التي أطلقتها السلطات أثارت جدلا، بعدما طالبت المواطنين بعدم تقديم الأغذية لهم، حتى لا يكون ذلك حافزا لقدوم أعداد أخرى من معسكر كاليه الفرنسي القريب من حدود بلجيكا، ممن يرغبون في الهجرة غير الشرعية إلى بريطانيا، عبر زيبروغ.
من جانبها، أطلقت «أبرشية بروج» بيانا أمس نددت فيه بطريقة تعامل الشرطة مع المهاجرين. وقال القس كريس ديبورتر إنه «من وجهة نظر إنسانية ومسيحية، نشعر أنه من غير المقبول أن نرفض تقديم المساعدة الطبية والغذائية للناس. وليس من المقبول أيضا أن تنتهي المتعلقات الشخصية الخاصة بالمهاجرين في القمامة». وأعلنت الأبرشية أنها ستستمر في دعم فريق عمل كنيسة «ستيلا ماري».
ووفقا للشرطة، فإن الجهاز المسؤول عن جمع النفايات لم يأخذ المتعلقات الشخصية الخاصة بالمهاجرين. وقال فيليب تانكيري من شرطة بروج: «لقد مر كل شيء كالمعتاد. وسمحنا لهؤلاء الأشخاص بأخذ أشيائهم الخاصة إلى مخفر الشرطة، وهو ما تم. بينما تم جمع النفايات كالأفرشة القديمة».
«الشرق الأوسط» توجهت إلى المكان نفسه لرصد الوضع على أرض الواقع. بعدما أثار حاكم منطقة فلاندرا الغربية كارل ديكالوي، جدلا في بلجيكا، عقب إطلاقه دعوة إلى الامتناع عن إطعام اللاجئين الذين غادروا بالعشرات مخيمي كاليه ودانكرك على الحدود القريبة من فرنسا، واتجهوا إلى مينا ء زيبروغ، وهو أحد المنافذ الرئيسية لمن يريد الوصول إلى بريطانيا بشكل غير شرعي، سواء عبر شاحنات النقل الكبيرة أو المراكب التجارية.
وبالقرب من إحدى الكنائس (ستيلا ماري)، وجدت أعداد من المهاجرين غير الشرعيين، اعتادوا منذ أيام النوم في الشارع وفي ظل طقس سيئ للغاية، في انتظار الفرصة للعبور إلى بريطانيا، ورصدت «الشرق الأوسط» المهاجرين وغالبيتهم في نوم عميق، وافترش البعض منهم الأرض بجوار جدار الكنيسة ليحميهم من البرد، والأغطية عبارة عن أكياس من البلاستيك الكبيرة حتى لا تتسرب المياه إلى الأغطية، ومع الحركة القريبة منهم، استيقظ البعض، وقاموا بإيقاظ الآخرين، الذين لجأوا إلى إحدى محطات الحافلات، قبالة الكنيسة للنوم فيها، هربا من الأمطار، وحاولنا التحدث مع البعض منهم، وكانوا يرفضون التصوير أو الإدلاء بتصريحات، وكانت المفاجأة أنهم جميعا جاءوا من إيران، ولا يتحدثون العربية، ويرفضون أن ينكشف أمرهم أو يتعرف عليهم أحد عبر الصور أو معرفة أسمائهم.
وتحدث أحدهم لـ«الشرق الأوسط» عن الظروف الصعبة التي يعانون منها، خصوصا ما تقوم به السلطات المحلية بتوجيه الأهالي بعدم تقديم أي مساعدات أو أغذية لهم. وأضاف الإيراني: «منذ ثلاثة أسابيع تقريبا ونحن هنا في بلجيكا، ونعاني من ظروف صعبة للغاية، ومنها البرد والمطر، ولا أحد يتحرك لمساعدتنا، ونحن في أشد الحاجة إلى هذه المساعدة. لقد حضرنا إلى بلجيكا هربا من المشكلات التي كنا نعاني منها في إيران، ونحن جميعا إيرانيون، والكل يعلم المشكلات الموجودة هناك حاليا».
واعترف بأنهم يأملون في نجاح محاولتهم للوصول إلى بريطانيا بشكل غير شرعي عبر التسلل إلى داخل إحدى المراكب التجارية أو شاحنات السفر الكبيرة، التي تتوجه إلى السواحل البريطانية من ميناء زيبروغ. وفجأة وصلت سيارة تحمل مواد غذائية ومشروبات، وعرفنا من صاحب السيارة، ويدعى روني في الخمسين من عمره، أنه اعتاد خلال الأيام الماضية، الحضور في الصباح لتقديم وجبة الإفطار لهؤلاء الأشخاص، وفي المساء يأتي بوجبة ساخنة للغداء. وبدأ الإيرانيون يتجمعون حول السيارة للحصول على وجبات ومشروب ساخن للتغلب على الشعور بالبرد، فيما حضرت أيضا سيدة تحمل ملابس عبارة عن سترات واقية من المطر باللون الأصفر، وعلى الفور كان الجميع يرتدي هذه السترات.
وكان البعض منهم في حالة إعياء شديدة، خصوصا بعد عمليات كر وفر مع رجال الشرطة، وأصيب البعض منهم بإصابات مختلفة، وتعاطف معهم سكان المنازل المجاورة، واتصلوا بالإسعاف الذي حضر ونقل شخصين؛ أحدهما يعاني من شرخ في اليد اليمنى، والآخر يعاني من حالة إعياء شديدة.
وعن لجوء هؤلاء الأشخاص إلى ميناء زيبروغ لمحاولة الهروب بشكل غير شرعي وهو أمر لا يعجب البعض من سكان المدينة، قال أحدهم: «إنه أمر سلبي بطبيعة الحال، ولكن على المسؤولين سواء في بلجيكا أو على الصعيد الأوروبي إيجاد حلول لهذا الأمر، وفي الوقت نفسه يجب ألا ننسى أن هؤلاء يواجهون ظروفا صعبة، ولا بد من مساعدتهم»، وقال البلجيكي المقيم بالقرب من مكان وجود الإيرانيين، إن «حاكم غرب فلاندرا وجه نداء للسكان بعدم تقديم الطعام لهم، وهذا حفز البعض على التحرك بشكل فردي لمساعدة هؤلاء، ولكن علمنا من التلفزيون أنه بعد وقت قصير تراجع المسؤول الحكومي عن تصريحاته بعد أن تلقى توبيخا من قيادات الحزب المسيحي الذي ينتمي إليه».
وحسب كثير من السكان ومن الناشطين في مجال المساعدات الإنسانية، فإن معاناة هؤلاء تفاقمت بفعل الظروف المناخية السيئة ولا يخفف من حدة المعاناة سوى المساعدات الإنسانية التي يقدمها سكان المنازل المجاورة.
وقالت سيدة بلجيكية في العقد السادس من العمر وتعيش بالقرب من المكان: «أعلم أنهم من المهاجرين غير الشرعيين، ولكن في النهاية هم بشر يستحقون المساعدة، ولهذا لا أتواني عن تقديم ما أستطيع أن أقدمه لهم لمساعدتهم في هذه الظروف الصعبة». وتوجهنا إلى مكتب حاكم غرب فلاندرا كارل ديكالوي في وسط مدينة زيبروغ، ورفضت مديرة المكتب التعليق على الأمر، وقالت: «ليس لدي أي تعليمات بالإدلاء بأي تصريحات، واعتذرت لعدم وجود المسؤول ديكالوي في المبنى لارتباطه بمواعيد في أماكن أخرى». وكان كارل ديكالوي ممثل الدولة الفيدرالية في المقاطعة الساحلية قد قال:«لا تغذوا اللاجئين وإلا سيأتي آخرون».
في سياق ذلك، وجه الحاكم نداءه خصوصا إلى سكان زيبروغ الذين قدموا مواد غذائية إلى مهاجرين في عطلة نهاية الأسبوع. والدعوة التي شبهتها وسائل الإعلام البلجيكية بـ«منع إطعام البط وطيور النورس»، أدت إلى مفعول عكسي؛ إذ قام متطوعون بتوزيع وجبات ساخنة على نحو 35 مهاجرا، كما ذكرت الصحف البلجيكية. وتساءل روني بلومي أحد سكان زيبروغ في تصريحات نقلتها الصحف: «ألم يعد العمل الخيري مهما لحاكم ترشح على أنه مسيحي ديمقراطي؟». أما منظمة «أطباء بلا حدود»، فقالت: «إذا لم نساعدهم، فإننا ندفعهم إلى انتهاك القانون وإلى أيدي المهربين». لكن رجلا آخر من سكان الحي قال إن الحاكم «محق، من الأفضل إعادتهم إلى بروكسل، وإلا سنشهد كاليه ثانية في زيبروغ».
ويشعر الحاكم بالقلق مثل غيره من المسؤولين حيال العدد المتزايد للمهاجرين الذين غادروا مخيمي كاليه ودانكرك في شمال فرنسا ليحاولوا الانتقال إلى بريطانيا من زيبروغ حيث إجراءات المراقبة أقل صرامة. وذكرت وسائل الإعلام البلجيكية أنهم بضع عشرات ينامون في العراء أمام كنيسة في البلدة أو في محيط منطقة المرفأ.



بولندا تتعهّد منح المسؤولين الإسرائيليين «حرية» الوصول إلى «أوشفيتز»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

بولندا تتعهّد منح المسؤولين الإسرائيليين «حرية» الوصول إلى «أوشفيتز»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قالت الحكومة البولندية، الخميس، إنها ستمنح المسؤولين الإسرائيليين الراغبين في حضور الذكرى السنوية الثمانين لتحرير أوشفيتز - بيركيناو «حرية الوصول» إلى المعسكر النازي السابق، وذلك رغم مذكرة توقيف صادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وجاء في قرار وقّعه رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن بولندا «ستمنح وصولاً حراً وآمناً إلى هذه الاحتفالات والمشاركة فيها لأرفع ممثلي دولة إسرائيل».

كان مساعد كبير للرئيس البولندي قال، الخميس، إن الرئيس طلب من الحكومة ضمان ألا يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخوف من أن يعتقل بموجب مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية إذا اختار أن يحضر مراسم إحياء الذكرى الثمانين لتحرير المعتقلين من معسكر (أوشفيتز) النازي، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر (تشرين الثاني) مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، والقيادي بـ«حركة حماس» إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.

وأفادت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء، بأن الرئيس البولندي أندريه دودا بعث برسالة إلى رئيس الوزراء دونالد توسك يطالبه فيها بأن تضمن بولندا تمكن نتنياهو من حضور مراسم إحياء ذكرى أوشفيتز في 27 يناير (كانون الثاني) «دون عوائق»؛ نظراً لطبيعة الحدث الاستثنائية.

وأكدت مديرة مكتب دودا لوكالة الأنباء البولندية الرسمية (باب)، الخميس، أن الرئيس بعث بهذه الرسالة.

وقالت: «في رأي الرئيس، هناك مسألة واحدة... تحديداً لأن الأمر يتعلق بمعسكر أوشفيتز، يجب أن تتاح فرصة المشاركة في هذا الحدث الاستثنائي لكل شخص من إسرائيل، وكل ممثل لسلطات ذلك البلد».

ورداً على سؤال من قناة «تي في بي إنفو» الإخبارية المملوكة للدولة عما إذا كان نتنياهو يستطيع الاعتماد على ضمان من بولندا بعدم اعتقاله، قال نائب رئيس الوزراء كشيشتوف جافكوفسكي: «هذا الأمر ليس مطروحاً، لأن السيد نتنياهو لن يأتي إلى أوروبا».

وأحجم متحدث باسم نتنياهو عن التعليق. ولم يقل نتنياهو ما إذا كان سيشارك في الحدث. وكان قد حضر فعاليات سابقة في أوشفيتز.

ولقي أكثر من 1.1 مليون شخص، معظمهم من اليهود، حتفهم في غرف غاز أو بسبب الجوع والبرد والمرض في معسكر أوشفيتز، الذي أنشأته ألمانيا النازية في بولندا المحتلة خلال الحرب العالمية الثانية.

ويعتقد أن النازيين قتلوا أكثر من ثلاثة ملايين من أصل 3.2 مليون يهودي في بولندا بما يمثل نحو نصف عدد اليهود الذين قُتلوا في المحرقة (الهولوكوست).