«الشرق الأوسط» على الحدود التركية السورية ترصد معاناة آلاف العالقين

تركيا لم تفتح الحدود.. وعدد قليل من الجرحى تم إدخاله لتلقي العلاج

نازحون سوريون هاربون من أهوال القصف الروسي في حلب ينتظرون قرب منطقة باب السلامة على الحدود السورية التركية (إ.ب.أ)
نازحون سوريون هاربون من أهوال القصف الروسي في حلب ينتظرون قرب منطقة باب السلامة على الحدود السورية التركية (إ.ب.أ)
TT

«الشرق الأوسط» على الحدود التركية السورية ترصد معاناة آلاف العالقين

نازحون سوريون هاربون من أهوال القصف الروسي في حلب ينتظرون قرب منطقة باب السلامة على الحدود السورية التركية (إ.ب.أ)
نازحون سوريون هاربون من أهوال القصف الروسي في حلب ينتظرون قرب منطقة باب السلامة على الحدود السورية التركية (إ.ب.أ)

وصل عدد (قليل) من الجرحى السوريين، أمس، إلى تركيا، معظمهم كان من المعارضة المسلحة، وبينهم أيضا نساء وأطفال، تم إجلاؤهم من الأراضي السورية عبر سيارات الإسعاف التركية إلى المستشفى الحكومي في ولاية كيليس جنوب تركيا، وعلى مقربة من الحدود السورية.
في المستشفى، يتلقى الجرحى العلاج، فيما يشعرون بقلق بالغ إزاء أوضاع عائلاتهم وذويهم، العالقين على معبر أونجو بينار الحدودي.
أحد المصابين، وهو من مدينة الباب بحلب، وأصيب في ساقه اليسرى، إثر سقوط برميل متفجر بالقرب من الجبهة التي كان يقاتل عليها مع رفاقه، وشاب آخر في العشرينات من العمر فقد عينه بشظية صاروخ سقط على مقربة منه، وإلى جانبهما، شاب آخر فقد كلتا عينيه.
يقول أحد الجرحى، طالبا عدم ذكر اسمه، ويبلغ من العمر ٢٥ عاما، إن «روسيا لا تضرب مواقع تنظيم داعش، وحتى مواقع المعارضة المسلحة لا تستهدف بالوتيرة التي تستهدف بها المناطق المدنية»، مضيفا أن «الطيران الروسي قتل المئات وشرد الآلاف، ولا يزال يشن هجومه العنيف والوحشي ضد المدنيين».
ولم يخفِ الشاب المصاب نيته بالعودة إلى سوريا، للقتال مجددا ضد قوات النظام السوري و«الميليشيات» الموالية له، مؤكدا في حديثه، لـ«الشرق الأوسط» أن «سيعود إلى حلب بمجرد تماثله للشفاء».
جريح آخر، قال إن «المقاتلين في حلب بحاجة إلى السلاح المضاد للطائرات، والذخيرة التي بدأت تنفد بعد قطع طريق الإمداد، وهم بحاجة ماسة إلى الطعام أيضا».
وعلى سرير آخر، يشعر بألم بالغ موسى، الشاب الذي كان يقاتل إلى صفوف «فيلق الشام»، أحد الفصائل السورية المسلحة المعارضة، موسى فقد إحدى عينيه بشظية أصابته أثناء المعارك الأخيرة في ريف حلب الشمالي.
وقال موسى، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع صعبة جدا في الداخل، كنت جالسا على الجبهة، وسقطت بقربي قذيفة هاون، أصابت عيني إحدى شظاياها»، وبسبب الألم الذي يعانيه اعتذر موسى عن عدم استكمال الحوار معنا.
مدني مصاب في عينيه أيضا، لكنه أفضل حظا من موسى، لأنه لم يفقدها، ويخضع للعلاج في مستشفى ولاية كيليس التركية، قال إن «الطيران الروسي لا يفارق الأجواء. أنا من مدينة تل رفعت، من هرب من البلدة هرب، ومن قتل قتل، والبقية عالقون بين البلدة والحدود الموصدة»، مطالبا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بـ«فتح الحدود أو إيقاف الطيران الروسي»، مضيفا: «لو توقف الطيران لن تعود هناك مشكلة في سوريا».
ويروي الرجل الأربعيني، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت جالسا أنا وأطفالي أمام المنزل في تل رفعت بريف حلب الشمالي، وفجأة انهمرت علينا الصواريخ، أصبت في عيني، وهربت مع زوجتي وأطفالي وأنا أنزف إلى المعبر الحدودي، حيث كنت أتوقع أن أجد الأبواب مفتوحة، لكنهم لم يسمحوا لنا بالدخول»، مضيفا: «بعد ذلك جاءت سيارة إسعاف، أخذتني وعدد من الجرحى إلى الداخل، ولا تزال زوجتي وأطفالي على المعبر، أريد عائلتي».
ودخلت شاحنات مساعدات وعربات إسعاف إلى سوريا قادمة من تركيا الأحد الماضي لتوصيل الطعام والإمدادات إلى عشرات الآلاف من الأشخاص الفارين من الهجوم الذي تشنه الحكومة السورية في حلب، وذلك في الوقت الذي استهدفت فيه غارات جوية قرى بينها اثنتان قريبتان من الطريق المؤدي من المدينة إلى الحدود التركية.
ولا يزال يعيش نحو 350 ألف شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب (أكبر المدن السورية قبل الحرب) وحولها، ويقول عمال الإغاثة إنها يمكن أن تسقط قريبا في أيدي القوات الحكومية.
ووفرت تركيا المأوى للمدنيين الذين يفرون من سوريا طوال الحرب، لكنها تتعرض لضغط متزايد من الولايات المتحدة لتأمين الحدود بشكل أكثر إحكاما، وأيضا من أوروبا لوقف تدفق اللاجئين.
وتستضيف تركيا ما يربو على 2.5 مليون سوري وهو أكبر عدد من اللاجئين في العالم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.