لندن تستضيف أول مهرجان للفوانيس السحرية في «عام القرد» الصيني

متنزه تشيسوك هاوس يتلألأ بآلاف المصابيح والكشافات احتفالاً برأس السنة القمرية

  58 ألف مصباح وأكثر من 50 كشافا يدوي الصنع تضيء المتنزه احتفالا برأس السنة القمرية (جيمس حنا)
58 ألف مصباح وأكثر من 50 كشافا يدوي الصنع تضيء المتنزه احتفالا برأس السنة القمرية (جيمس حنا)
TT

لندن تستضيف أول مهرجان للفوانيس السحرية في «عام القرد» الصيني

  58 ألف مصباح وأكثر من 50 كشافا يدوي الصنع تضيء المتنزه احتفالا برأس السنة القمرية (جيمس حنا)
58 ألف مصباح وأكثر من 50 كشافا يدوي الصنع تضيء المتنزه احتفالا برأس السنة القمرية (جيمس حنا)

لأول مرة خارج منطقة شرق آسيا، تستضيف العاصمة البريطانية لندن أول مهرجان للفوانيس السحرية احتفالا برأس السنة القمرية (رأس السنة الصينية) وذلك بمنطقة غرب لندن بحي برلنتون لين خلال الفترة من 3 فبراير (شباط) إلى 6 مارس (آذار).
وخلال تلك الفترة ستتلألأ المساحات الخضراء بمتنزه تشيسوك هاوس غاردنز بالأضواء المبهرة وسيستمتع مرتادو المهرجان بالموسيقى، والثقافة والأدب في إطار احتفالات المهرجان الذي سيملأ المتنزه بنحو 58.000 مصباح وأكثر من 50 كشافا يدوي الصنع.
يسلط مهرجان المصابيح الضوء على ثقافة تمتد لنحو 2000 عام تعتبر حدثا ثقافيا ضخما في الصين حيث تجتمع العائلات للاحتفال بحلول العام القمري الجديد. تصادف بداية العام الصيني عادة شهر فبراير أو مارس حسب التقويم الجورجي، ويصادف اليوم الخامس عشر من الشهر الأول من التقويم القمري الصيني ويحل بعد مهرجان الربيع مباشرة.
وفي عام 206، خلال فترة حكم الإمبراطور الغربي هان، اكتسب المهرجان أهمية كبيرة وأصبح موعدا لتجمع السكان، وترى فيه الأطفال يسيرون ضمن مجموعات في الشوارع حاملين المصابيح التقليدية. وتطور التقليد حتى أصبحت تلك المصابيح تعلق في الأماكن الرسمية وفي الشوارع.
ويصادف عام 2016 عام القرد، حيث يحل القرد في الترتيب الثاني عشر بين حيوانات الأبراج الصينية. ويرتبط كل عام ببرج يحمل اسم حيوان وفق تقويم من اثنتي عشرة سنة، وتتصف مواليد برج القرد بالذكاء والفطنة والشخصية الجذابة. تتسبب الطباع الشخصية مثل الإزعاج، والفضول والمهارة في جعل مواليد هذا البرج يبدون مشاغبين، يعتبر القردة أسيادا في النكات العملية لأنهم يحبون اللعب أغلب الوقت.
ومن أبرز عروض المهرجان الذي يمتد لخمسة أسابيع عرض التنين الذي يبلغ طوله 66 مترا بعرض البحيرة. كما يحوي المكان نموذجا مقلدا من «معبد الجنة» بالعاصمة الصينية بكين الذي يبلغ ارتفاعه 10 أمتار، ونموذج من البورسلين للقصر الإمبراطوري بارتفاع ثمانية أمتار، إضافة إلى خمسين مصباحا ضخما صناعة يدوية على امتداد طرقات النور بالمتنزه.
وتعود فكرة المهرجان إلى المخرجين المبدعين ويلي ديفيد لي، وإيان زيانغ، وصرح الأخير بأن «لندن اختيرت كأول مدينة تستضيف مهرجان الضوء المبهر على مدار 29 يوما نظرا لمكانتها كمركز عالمي متعدد الثقافات في العالم الغربي»، كما أفادت تقارير صحافية بريطانية الأسبوع المنصرم. وأضاف زيانع بقوله: «اخترنا مكانا متميزا لهذا الحدث المتميز لتكون تجربة ثقافية فريدة يصادف موعدها اليوم الخامس عشر من الشهر الأول للتقويم الشمسي القمري، واليوم الأخير لاحتفالات العام القمري».
وتحتفل لندن في العام 2016 بـ«سنة القرد» الصينية بنافورة مضيئة تحاكي أحداث الخرافة الصينية الشهيرة «القرد الملك» وسط المتنزه.
وفي أماكن أخرى بالمتنزه المكشوف الذي يستضيف الزوار في مغامرة ثقافية تستمر نحو 75 دقيقة، سيمكن للزائرين اكتشاف مملكة الحيوانات المتوهجة لنماذج بالحجم الطبيعي تحاكي طيور الماء، وحمير الوحش، والأفيال وضعت بين الأشجار.
وفي الغابة المسحورة يشاهد الزوار مصباح «شجرة الحياة» تضيء النباتات العملاقة ونبات عش الغراب والأزهار بينما زهرة اللوتس العملاقة تتدلى لتفتح وتغلق وسط الماء.
كما ستسنح للزائر فرصة تجربة تذوق منتجات عدة مطابخ عالمية وارتشاف المشروبات الساخنة في سوق الطعام، إضافة إلى أماكن بيع الهدايا كي يتذكر ذلك اليوم.
سيجري أيضا الاحتفال بمهرجان لقاء الشرق والغرب بتعليق لافتات على الحافلات وعلى أكشاك الهاتف.
يذكر أنه اليوم أصبحت مهرجانات المصابيح أضخم من أي وقت سابق وتشتمل على عروض باهظة التكاليف، حيث تتحرك فيها العروض وتمتلئ بالإنارة وأصبحت تشتمل على وسائل عرض حديثة تبهر الجماهير.
ويفتتح المهرجان السحري أبوابه على مدى خمسة أسابيع من الساعة الخامسة مساء حتى العاشرة والنصف، بالإضافة إلى احتفالات العام الصيني الجديد المقررة في 8 حتى 9 فبراير.
وتباع التذاكر على الموقع الإلكتروني للفعالية للبالغين بسعر 16 جنيها إسترلينيا والأطفال من 6 – 16 سنة بسعر 10 جنيهات إسترلينية، وللعائلات بسعر 45 جنيها إسترلينيا. وللمجموعات أكثر من عشرة أفراد بسعر 14 جنيها إسترلينيا في حال الشراء مقدما، و16 جنيها إسترلينيا في حال الشراء عند باب المهرجان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».