مجلس الأنبار يطلق صندوقًا لإعادة الإعمار بعد التحرير من «داعش»

العمليات العسكرية في الرمادي تشتد لتحريرها من المتطرفين

مجلس الأنبار يطلق صندوقًا لإعادة الإعمار بعد التحرير من «داعش»
TT

مجلس الأنبار يطلق صندوقًا لإعادة الإعمار بعد التحرير من «داعش»

مجلس الأنبار يطلق صندوقًا لإعادة الإعمار بعد التحرير من «داعش»

بينما تتواصل العمليات العسكرية للقوات الأمنية العراقية لتحرير مناطق شرق مدينة الرمادي، والتهيؤ من بعد ذلك لتحرير مدن الفلوجة وهيت شرق الرمادي وغربها، تقف حكومة الأنبار أمام التحدي الأكبر المتمثل في إعادة إعمار البنى التحتية لمدينة الرمادي والمناطق التي دمرتها العمليات العسكرية، وتلك التي تسبب بخرابها تنظيم داعش، في ظل عجز واضح في ميزانية الدولة وأزمة اقتصادية خانقة يمر بها العراق.
وشرعت حكومة الأنبار المحلية بإنشاء صندوق تبرعات لدعم الأنبار وإعادة إعمار مناطقها المدمرة وفتحت قنوات الاتصال بالدول المانحة والمنظمات الدولية من أجل المساعدة، وبدأت حكومة الأنبار المحلية في التركيز على إمكانية الاستفادة من المنافذ الحدودية الثلاثة التي تربط العراق عن طريق محافظة الأنبار بثلاث دول عربية هي السعودية وسوريا والأردن وتنشيط الحركة التجارية عبر المنافذ الثلاثة، وأعلن مجلس محافظة الأنبار عن خسارة تقدر بنحو مليار دولار سنويًا جراء عدم الاستفادة من واردات محافظة الأنبار بسبب إغلاق المنافذ الحدودية وتعطيل القطاع الزراعي بشكل تام، فيما عزا الأسباب إلى سيطرة تنظيم داعش على أغلب مدن المحافظة وهجرة الفلاحين، وعدم تأمين الطرق من العمليات الإرهابية التي شهدتها المحافظة أخيرًا فيما يتعلق بالحركة التجارية عبر المنافذ الحدودية.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار جاسم محمد العسل في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار غلق المنافذ الحدودية الثلاث وبالأخص منفذ طريبيل بين العراق والأردن، تسبب في خسارة محافظة الأنبار لواردات تقدر بنحو 300 مليار دينار سنويًا من منفذ طريبيل فقط! بسبب إغلاقه وعدم تأمين الطريق الرابط بين مدن الأنبار والمنفذ جراء العمليات الإرهابية لتنظيم داعش».
وأضاف العسل أن «منفذ طريبيل بين العراق والأردن، ومنفذ الوليد بين العراق وسوريا، ومنفذ عرعر بين العراق والسعودية، توقفت فيها الحركة التجارية وسير الشاحنات التي تنقل البضائع والسلع من البلدان الثلاث إلى العراق خلال الفترة الماضية بسبب سيطرة تنظيم داعش على بعض المناطق التي يمر بها الطريق البري لسير الشاحنات، وإن عملية تطهير قضاء الرطبة والقائم غرب الأنبار من أهم أولويات المعركة ضد تنظيم داعش، كون تلك المناطق حدودية مهمة بين ثلاث دول مجاورة للعراق، هي السعودية والأردن وسوريا».
وفي سياق متصل، أكدت لجنة الزراعة في مجلس محافظة الأنبار، أن خسارة محافظة الأنبار في القطاع الزراعي وصلت لأكثر من 6 مليارات دولار بعد هجرة الفلاحين عن من أراضيهم، وارتفاع نسبة التصحر إلى درجات كبيرة بسبب سيطرة تنظيم داعش على غالبية مدن الأنبار.
وقال رئيس لجنة الزراعة في مجلس المحافظة فرحان محمد في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «خسارة المحافظة في القطاع الزراعي بلغت أكثر من 6 مليارات دولار سنويًا مع ارتفاع كبير ومخيف في نسبة التصحر وملوحة التربة جراء العمليات الإرهابية وسيطرة تنظيم داعش على مدن الأنبار مع هجرة أعداد كبيرة من الفلاحين وتركهم أراضيهم الزراعية». وأضاف محمد أن «التنظيم الإرهابي وبعد سيطرته على عدد من مدن الأنبار وخصوصًا المناطق الغربية في مدن القائم وهيت وراوه ومناطق محيطة بالرمادي وأغلب تلك المناطق زراعية وريفية، وكانت تعتمد على زراعية المحاصيل مثل الحنطة والشعير والخضراوات الأساسية»، مشيرا إلى أن «تلك المناطق دمرت بالكامل من قبل التنظيم الإرهابي، وأن نسبة الدمار في القطاع الزراعي في مدن الأنبار وصلت إلى تسب كبيرة جدًا، وخصوصا بعد نهب المرشات والأسمدة الزراعية من الدوائر والمخازن الحكومية فضلا عن ارتفاع نسبة التصحر وارتفاع الملوحة في التربة نتيجة بور مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بعد نزوح فلاحيها، جراء سيطرة المسلحين على مناطقهم».
يذكر أن أغلب مدن محافظة الأنبار تم السيطرة عليها من قبل عناصر تنظيم داعش فيما بدأت القوات الأمنية معارك تطهير واسعة استعادت من خلالها مناطق كثيرة من الرمادي بعد معارك عنيفة مع تحرير مناطق أخرى في محيط الفلوجة، مما أسفر عن مقتل المئات من عناصر التنظيم المتطرف.
وميدانيًا، بدأت قوات «جهاز مكافحة الإرهاب» والجيش العراقي عملية عسكرية واسعة لتحرير آخر معاقل تنظيم داعش، شرق الرمادي غرب العراق.
وقال مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار إن «القوات الأمنية العراقية انطلقت من منطقة السجارية التي تم تحريرها أخيرًا شرق الرمادي، باتجاه منطقة حصيبة الشرقية وجويبة لتحريرها من سيطرة التنظيم الإرهابي بعد حصار للمنطقة استمر عدة أيام».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «العملية العسكرية انطلقت، لتحرير المنطقتين اللتين تعدان من أخطر معاقل وأوكار تنظيم داعش في شرق الرمادي». وأشار المصدر إلى أن «طيران التحالف الدولي قام بشن الكثير من الطلعات الجوية تمكن من خلالها قصف أهداف مهمة لتنظيم داعش أبرزها تدمير مواضع الدفاع ضد الطائرات ومنصات الصواريخ، في منطقة حصيبة الشرقية».
من جانب آخر، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، عن صد هجوم لتنظيم داعش على مقر أمني شمال مدينة الرمادي، مشيرًا إلى تدمير ثلاث عجلات مفخخة يقودها انتحاريون ومقتل العشرات من عناصر التنظيم.وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القطعات المسلحة في قيادة الفرقة العاشرة وقيادة عمليات الأنبار تمكنت من صد هجوم مسلح على مقر الفرقة في منطقة الثرثار شمال الرمادي».
وأضاف المحلاوي أن «قوات الفرقة تمكنت من تفجير عجلتين مفخختين يقودهما انتحاريان، فيما دمرت طائرات التحالف الدولي عجلة ثالثة، وأعقب ذلك اشتباكات بين عناصر التنظيم وقطعات الفرقة، مما أسفر عن مقتل العشرات من عناصر التنظيم».
وأشار المحلاوي إلى أن «الطيران الحربي قام بتوجيه ضربة جوية استهدفت ما يسمى المحكمة الشرعية لتنظيم داعش في منطقة البوبالي بجزيرة الخالدية شرق الرمادي، وأسفرت الضربة عن مقتل المدعو أبو أحمد السامرائي، ابن شقيق أبو بكر البغدادي مع ثمانية من مرافقيه، فضلا عن القائد العسكري لمنطقة البو بالي المدعو عادل البيلاوي».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.