وزير حقوق الإنسان اليمني: تشكيل الفرق المستقلة يعكس حيادية القوات والتزامها بالأعراف الدولية

الأصبحي لـ «الشرق الأوسط»: الخطوة تعمل على التصدي لأي تضليل وادعاء كاذب

عز الدين الأصبحي
عز الدين الأصبحي
TT

وزير حقوق الإنسان اليمني: تشكيل الفرق المستقلة يعكس حيادية القوات والتزامها بالأعراف الدولية

عز الدين الأصبحي
عز الدين الأصبحي

غداة تشكيل قوات التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، فريقًا مستقلاً عالي المستوى لتقييم الحوادث وإجراءات التحقق والخروج بتقرير واضح وموضوعي، اعتبر عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان في اليمن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الخطوة تأتي في مسارها الصحيح، مفيدًا بأنها تؤكد وجود التزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، وقواعد قانون الحرب، موضحًا أن ذلك يأتي التزاما من التحالف بأنه يدير عملية دعم الشرعية في اليمن ملتزمًا بالقانون الدولي والإنساني.
وبيّن وزير حقوق الإنسان اليمني، أن التحقيقات في أي أخطاء قد تحدث، أمر يوجبه القانون وقواعد الحرب المختلفة، مؤكدًا أن الخطوة التي قامت بها قوات التحالف تأكيد على التزامها بالقواعد والقوانين الدولية، والالتزام الأخلاقي بغض النظر عن الأمور المختلفة، مشيرًا إلى أن الحرب التي تخوضها الشرعية في اليمن بدعم من التحالف تأتي ترسيخًا للقانون وإعادة مؤسسات الدولة اليمنية وليست اعتداء كما يروّج له من قبل القوى الانقلابية، إضافة إلى أن الحرب تأتي ضمن احترام معايير القانون الدولي الإنساني، وهي رد فعل على ممارسة الميليشيات المتمردة على الشرعية في اليمن، التي تعمل على قتل المدنيين واستهداف النساء والأطفال.
وأشار عز الدين الأصبحي إلى أن الخطوة تأتي للتصدي لأي تضليل وادعاء كاذب يروج لوجود تعمد في قصف المدنيين واستهداف المنشآت المدنية، موضحًا أن ذلك الفريق المستقل يعزز من جهود اللجنة الوطنية في اليمن، كاشفًا عن تعزيز التنسيق فيما بين اللجنة الوطنية المستقلة اليمنية للتحقيق في أي ادعاءات واللجان وفرق التحقيق التي أنشأتها قوات التحالف، مؤكدًا أن مستويات التعاون ستكون في أعلاها، وتصحيح أي أخطاء قد تحدث، وكشف الحقائق للرأي العام.
يأتي ذلك فيما أظهر تقرير أعدته عشر منظمات ومؤسسات إنسانية يمنية، أن ما يقوم به مسلحو جماعة الحوثي من حصار للمدنيين والنساء والأطفال يعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة، وانتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وأنها جرائم لا تسقط بالتقادم، وتعرض مرتكبيها للمساءلة القانونية أمام المحاكم المحلية والدولية.
وأكدت المنظمات والمراكز في محافظة تعز في تقريرها الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن المحافظة تعاني من حصار مطبق فرضته القوى الانقلابية عليها منذ ما يزيد على عشرة أشهر، وأن الحصار يجري في نقاط تفتيش موزعة على المنافذ الرئيسية للمدينة كافة، موضحة أن أبناء تعز يعانون من نقص شديد في المواد الغذائية وأدوية طبية وشح في مياه الشرب النقية ومادة الغاز المنزلي، وطالبت القوى الانقلابية برفع الحصار عن مدينة تعز، وفتح الطريق أمام المواد الإغاثية والتموينية، كما طالبت الحكومة الشرعية اليمنية بتحّمل مسؤولياتها الأخلاقية حول ما يجري لأكثر من 1.5 مليون مواطن يتعرضون لإبادة وانتهاكات ضد الإنسانية في مدينة تعز، وبذل الجهود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.
وحمّلت المنظمات الإنسانية في تعز المجتمع الدولي وبالأخص مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان وكالات الأمم المتحدة كافة، مسؤولياتها تجاه ما يجري للمدنيين في مدينة تعز، من حصار وإبادة، والضغط على جماعة الحوثي وقوات المخلوع صالح، لرفع الحصار عن مدينة تعز، مع الدعوة للمنظمات الوطنية واللجان المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، ودعوة المنظمات الدولية وجميع القوى العاملة بمجال حقوق الإنسان للزيارة العاجلة لمدينة تعز للاطلاع على معاناة المدنيين وهو ما حدث فعلاً، إلا أن الحكومة الشرعية اليمنية أبدت أسفها حيال التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة، وأكدت أنها عوّمت الحقيقة ولم تشر إلى من يفرض الحصار على تعز.
وكانت قوات التحالف العربي قد أعلنت مساء أول من أمس، تشكيل فريق مستقل عالي المستوى في مجال الأسلحة والقانون الدولي الإنساني لتقييم الحوادث وإجراءات التحقق وآلية الاستهداف المتبعة وتطويرها، والخروج بتقرير «واضح وكامل وموضوعي» لكل حالة على حدة.
وأكد العميد ركن أحمد عسيري؛ المتحدث باسم قوات التحالف المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي، في حينه، خلال مؤتمر صحافي في الرياض مساء أمس، أن عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل لدعم الشرعية في اليمن تتمتع بدرجة عالية من الاحترافية، مضيًفا أن «ما يحدث من أخطاء في بعض الاستهدافات العسكرية إن وجدت، فإنه أمر طبيعي، لأن هنالك عوامل مناخية، وأخرى فنية، وبشرية، تؤثر في الاستهدافات العسكرية إن وجدت، كما أن هناك عوامل مناخية، وأخرى فنية، وبشرية تؤثر في العمليات».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.