صندوق النقد يغير قواعد استدامة الدين لقروض الإنقاذ الكبيرة

قال إنه سيسمح بديون أكبر للدول التي لا تتمتع «باحتمالية عالية» لاستدامة القرض

مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تتحدث في اجتماع بمقر صندوق النقد الدولي في واشنطن أمس (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تتحدث في اجتماع بمقر صندوق النقد الدولي في واشنطن أمس (رويترز)
TT

صندوق النقد يغير قواعد استدامة الدين لقروض الإنقاذ الكبيرة

مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تتحدث في اجتماع بمقر صندوق النقد الدولي في واشنطن أمس (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد تتحدث في اجتماع بمقر صندوق النقد الدولي في واشنطن أمس (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي، أمس (الجمعة)، إنه يبقي الباب مفتوحًا أمام قروض الإنقاذ المالي الكبيرة للدول المشكوك في قدرتها على السداد، لكنه عدل قواعده لمنح مثل هذه القروض.
وأنهى صندوق النقد، الأسبوع الماضي، استثناء ائتمانيًا يرجع إلى عام 2010 سمح بتقديم قروض إنقاذ كبيرة لليونان وآيرلندا والبرتغال وساعد على تخفيف أزمة ديون سيادية في أوروبا.
وفي بيان صحافي يفصل التغيرات التي ستطرأ على قواعده للإقراض، قال صندوق النقد إنه سيسمح بقروض أكبر للدول التي لا تتمتع «باحتمالية عالية» لاستدامة الدين، إذا كانت تلك الدول قادرة أيضا على الحفاظ على الائتمانات التي حصلت عليها من القطاع الخاص بشروط تسمح بتحسن تدريجي لوضعها المالي.
وقال مسؤولون بالصندوق إن فعل ذلك قد يتطلب إعادة هيكلة الديون القائمة من خلال تمديد مواعيد الاستحقاق أو شروط أخرى، لكن العملية ستكون أقل من إعادة هيكلة كاملة تخفض مدفوعات الفائدة أو أصل الدين.
والهدف هو مساعدة الدولة المدينة على الوقوف على أقدامها بسرعة مع غرس الثقة في برنامج القرض. فإذا عمدت دولة إلى تسديد مستحقات الدائنين من القطاع الخاص بأموال صندوق النقد، فإنه سيكون هناك حافز أقل لأن تطبق الإصلاحات اللازمة لتحسين تركيبة ديونها.
وتسمح التعديلات لصندوق النقد بمواصلة معالجة أزمات الديون مثل تلك التي ألمت باليونان في 2010 والتي يقع فيها دين البلد في المساحة بين تصنيفات الصندوق السابقة المتمثلة في عدم استدامة الدين بشكل واضح، وكونه ينطوي على «احتمالات مرتفعة» للسداد.
وفي 2010 استحدث صندوق النقد الدولي «استثناء نظاميا» سمح له بإعطاء قرض لليونان بقيمة 30 مليار يورو ضمن خطة إنقاذ مالي أوسع بقيمة 110 مليارات يورو شملت أيضا الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي.
وكان الإعفاء يهدف جزئيا إلى الحيلولة دون اتساع أزمة الدين كما كان سابقة جرى الاستناد إليها لاحقا لإعطاء قروض لآيرلندا والبرتغال واستخدم عشرات المرات منذ ذلك الحين.
وطالب الجمهوريون في الكونغرس الأميركي ببذل جهود لإلغاء هذا الاستثناء قبل أن يدعموا، في ديسمبر (كانون الأول)، تشريعا لتطبيق إصلاح طال تأجيله لنظام حصص الصندوق يعطي قوة تصويتية أكبر للأسواق الناشئة بما في ذلك الصين والبرازيل.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.