جهدي الشخصي قدمني للجمهور وليس الجمال

الفنانة السورية ترى أن الجرأة ليست باللباس أو الإثارة فقط

رنا شميس
رنا شميس
TT

جهدي الشخصي قدمني للجمهور وليس الجمال

رنا شميس
رنا شميس

تُلقّب بـ«جوكر الدراما» و«فراشة الدراما» لما تتمتع به من حضور لافت وأنيق وراقٍ وممتع كالفراشة في المسلسلات السورية كما أنها تؤدي مختلف الأدوار وبحرفية عالية كالجوكر؟! إنها الفنانة السورية رنا شميس التي تصور حاليًا دورًا جديدًا مركّبًا وصعبًا في المسلسل الاجتماعي المعاصر «لست جارية» مع المخرج ناجي طعمة كما تصوّر دورها في المسلسل الكوميدي الناقد «بقعة ضوء» بجزئه الجديد مع المخرج سيف شيخ نجيب، وفي حوار معها تتحدث رنا شميس لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «في مسلسل (لست جارية) أجسّد شخصية فتاة مريضة نفسيًا بسبب العلاقة السيئة بين والدها ووالدتها، ولذلك تنتقم بإقامة علاقات مع الشباب، ولكن دون خدش للحياء، كما أصور حاليًا دوري في الجزء الجديد من السلسلة الكوميدية (بقعة ضوء)، وأقرأ حاليًا نصًا جديدًا لم أعط موافقتي النهائية عليه بعد».
وحول مشاركاتها الجديدة لها في دراما البيئة الشامية تقول رنا: «لم يعرض علي المشاركة في أي مسلسل شامي في هذا الموسم، وأرى أنه لا شيء جديد في مواضيع المسلسلات الشامية، وبرأيي حتى تتطور يجب أن تتحرر من التكرار ومن قولبة المرأة في نمط واحد وتحديد علاقتها بالمجتمع، كذلك يجب أن يكون هناك وثائق تاريخية تعتمد عليها وليس صعبًا تحقيق هذا الشيء من خلال حبكة درامية معتمدة على التوثيق بدلاً من الاعتماد على الخيال».
وعن الجرأة الزائدة التي قدمتها بعض المسلسلات السورية في الموسم الماضي من خلال عدد من المشاهد، تقول رنا: «أنا مع تسمية الأشياء بأسمائها، فالمقصود هنا مسلسل (صرخة روح)، الذي أدى لإشكالية تتعلق بهذا الموضوع وهو نوع من أنواع الجرأة، وما وصل إليه هذا المسلسل كان نتيجة طبيعية فعندما نتحدث عن شيء إشكالي في مجتمع شرقي وهو (الخيانة الزوجية) فمن الطبيعي أن تكون نتيجته مثيرة للجدل، ونحن شعب لا نعترف بالخيانة سواء خيانة فكرية أو زوجية».. وتستغرب رنا حصر كلمة «جرأة باللباس أو الإثارة»، وتقول: «هذا عيب، فموضوع الجرأة تكون مرتبطة بالأخلاق، وعندما تلفظ كلمة (جرأة) يذهب السامع أو المتحدث بالاتجاه السوقي لهذه الكلمة، بينما كلمة جرأة أكبر بكثير من أن يُحْكَى عن لباس أو وضعيات معينة أو جلسة ما، فالجرأة مثلاً أن يُطْرَح ويُحْكَى عن تاريخ شخصية ما والجرأة الأكبر أن نتحدث عن مواضيع إشكالية أو عيوب بيئتنا، وطرح جانب من جوانبها بحيث تثير نقاشًا حولها».
وتتابع رنا: «من سوء حظي أنني لا أشاهد المسلسلات أثناء عرضها على الشاشة حيث أكون في تصوير مسلسل ما أثناء عرضها ولكن بالتأكيد أنا أحاول متابعة ما صورته، وأنتقد دوري إذا كان هناك أي نقص فيه فلا أجامل نفسي مطلقًا».
ولرنا مشاركات كثيرة في مجال الكوميديا حيث ترى أن ما يقال عن استسهال في الكوميديا وعن وجود مفهومين إما تهريج أو كوميديا الموقف.. هذان لا يشبهان بعضهما مطلقًا، وتوضح رنا: «فالتهريج نوع خاص لوحده، هناك عدد من المفاهيم الخاطئة لدى الناس حيث يفهم البعض بشكل خاطئ المبالغة في الكوميديا، فهو يطلق عليه (الفارس)، وهو نوع من أنواع الكوميديا ويمكن لمن يشاهده أو يرغب بتقديم كوميديا أن لا يفهم هذا النوع كم هو حساس وصعب وقد يفهمه البعض على أنه استسهال فيقع بالمطب؟! وبرأيي الكوميديا فن جميل جدًا ولا يليق لأي كان سواء أن يكتبه أو أي شخص يخرجه أو أي شخص يستطيع التمثيل فيه، فهو قرار يتحمل مسؤوليته، لأن المشاهد ببساطة يقلب لمحطة أخرى إذا لم ينسجم المسلسل الكوميدي مع تفكيره وعقله».
وحول انتشار ظاهرة اعتماد بعض المنتجين والمخرجين على ممثلات شابات يمتلكن الجمال فقط دون الموهبة، تقول رنا: «وجود الصبايا الجميلات في الدراما ليس عيبًا، بالعكس أنا مع وجود وجوه جميلة على الشاشة، فالشكل هو أحد أساسيات مهنة التمثيل، وإذا قررت أي فتاة دخول هذا المجال، وليس لديها خلفية مسبقة سواء بالدراسة أو بمشاركات مسرحية فيمكن أن تصبح ممثلة مع الوقت، فمهنتنا تراكمية. ومن يريد الاستمرار يستطيع أن يفرض نفسه بقوة، ولكن إذا كان الشكل جميلاً ودون روح، فالمشاهد سينفر منه، وبالتالي إذا سار الممثل بشكل صحيح فسيستمر ويصمد، أما غير ذلك فسيسقط، ففي مهنتنا لا توجد مجاملة حيث الأمور واضحة كالشمس».
وبسؤالها: «هل خدمك جمالك؟!». تضحك رنا: «لو خدمني كنت وصلت بسرعة أكبر، ما خدمني جهدي الشخصي وتعبي على نفسي، فأنا حتى الآن لا أتأثر بشخصية محددة وسعيدة بالألقاب التي تُطلَق علي وصاروا لقبين وهما: (جوكر الدراما) و(فراشة الدراما)! وهذا نتيجة لعملي وجهدي، وبرأيي أنّ أي شخصية تعتمد على الشكل والستايل سيُعْمَل لها شيء خاص في هذا الاتجاه».
ولا مانع لدى رنا أن تكون مقدّمة برنامج تلفزيوني فالتقديم كما تقول عمل جميل وفي حال عُرِض عليها تفضل أن يكون برنامجًا قريبًا من عقل المتابع، أي برنامج منوع يحقق الفائدة والمنفعة الفكرية للمشاهدين وليس برنامجًا للتسلية فقط.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».