جاهدة وهبة.. أنا ضد «الفاست فوود» الغنائي في العالم العربي

آخر أعمال الفنانة اللبنانية «شهد.. أراجيح الكبار» قصائد ملحنة لشعراء الزمن الجميل

المغنية اللبنانية جاهدة وهبة
المغنية اللبنانية جاهدة وهبة
TT

جاهدة وهبة.. أنا ضد «الفاست فوود» الغنائي في العالم العربي

المغنية اللبنانية جاهدة وهبة
المغنية اللبنانية جاهدة وهبة

جاهدة وهبة، المغنية اللبنانية التي زارت دبي مؤخرًا، تسبح ضد تيار الأنغام العربية السائدة، وتحاول الانتقال بالغناء العربي إلى منابعه الأولى، حيث تشتبك الثقافة باللحن، والقصيدة بالغناء، والنغم بالوعي. قامت مؤخرًا بإحياء حفلة غنائية في ندوة الثقافة والعلوم في دبي على خلفية لوحات الرسامة الإماراتية د. نجاة مكي. ألبومها الأخير الصادر حديثًا هو ما أطلقت عليه «شَهد.. أراجيح الكبار» ويتضمن غناء قصائد شعراء عرب وأجانب كبار أمثال: «نجمة الصباح» لطلال حيدر، و«يطير الحمام» لمحمود درويش، و«سوناتة حب رقم 8» لبابلو نيرودا، و«لك العطر» لأدونيس، و«حلم» لولادة بنت المستكفي، و«النوم يداعب عيون حبيبتي» لأحمد رامي، و«وصال» لفروغ فرخزاد، و«بالليل» لأنسي الحاج، و«إهداء» للمغنية نفسها. أهدت هذا الألبوم إلى روح أمها بقولها: «كل ما عشته وأنا أعدّ هذا الألبوم.. كل اللحظات التي سأعيشها وأنا أغنيه.. وكل النغمات التي سأذرفها وأنا أعيش».
تحيي هذه الأيام أمسية «خوابي النغم» في ندوة الثقافة والعلوم في دبي.
وفي حوار للفنانة جاهدة وهبة مع «الشرق الأوسط»، وبعد سؤالها عن الأسباب وراء هبوط الغناء العربي وابتعاده عن هموم الناس الحقيقية، أجابت: «في الحقيقة، حاولت التماهي مع نفسي وكل ما درسته في حياتي الأكاديمية والمهنية، وكل ما سمعته واكتشفته من الكنوز الطربية في معهد الموسيقى وقراءاتي الكثيرة من الشعر العربي والمترجم. قد تكونت عندي هذه الذائقة، أحاول أن أتماهى مع نفسي وخياراتي، وربما في ظل الإسفاف الكبير الذي تحدثت عنه، يتكون عندي موقف من هذا الغناء». وأضافت: «حاولت في كل مسيرتي الفنية ألا أقدم التنازلات، وأدخر فقط في بنك الأصالة والأدب الجميل والغناء الجميل وحتى عندما قدمت أغنياتي الخاصة، استندت إلى قصائد تحاكي إنسانية الإنسان وإشكاليات وجوده». واستطردت بقولها: «وحاولت أن آخذ هذه المواضيع وأقربها إلى أذن المتلقي، ومن خلال التأليف الموسيقى والجملة اللحنية أقرب النصوص لآذان الشباب على الأخص الموسيقية من التي تتسلل إلى قلوبهم. ومن خلال التوزيع الموسيقي، أحاول تقريب ألحاني من الأذن الموسيقية العصرية في التوزيع».
وحول إمكانية تلحين وغناء جميع النصوص الشعرية، تقول وهبة: «النص هو الذي يفرض نفسه وليس اسم الشاعر». وتقول: «عُرضت عليّ الكثير من القصائد لشعراء لهم قيمتهم وأهميتهم، لكن ما يقرر الاختيار هو إحساسي بالقصيدة التي أغنيها».
ويذكر أن هناك شعراء كتبوا للفنانة جاهدة وهبة خصيصًا مثل الشاعرين طلال حيدر، ولميعة عباس عمارة، وحتى الروائية أحلام مستغانمي التي غنت لها بعض النصوص.
مما لا شك فيه، إن غناء قصائد عميقة في المعنى والأداء يحمّل الفنانة مصاعب جمّة، لأن هؤلاء الشعراء لهم حمولة فكرية لا تتلاءم مع ذائقة الجمهور العادي الذي لم يعتد هذا النوع من الغناء، الذي يسعى إلى تغيير ذائقتهم، فما هو رأيك؟ «نعم أجد صعوبة كبيرة لأن أغلب الفنانين ينخرطون في ما يُسمى بالغناء الاستهلاكي الذي يندرج في قائمة العرض والطلب والتجارة. لا يزال هذا همي ولا أزال أقدم ما أحب أسميه الموسيقى العالمة، والغناء العالم، التي تنير في مكان، مثل الأدب والشعر أو أي منظومة أدبية تحاول أن ترسي ولو بأدوات ضئيلة ثقافة مستديمة، التي هي في رأيي تحمي هذا المجتمع من أمراض كثيرة. إنها الموسيقى التي تنير وتعلّم. في الحقيقة، كما أسلفت لك، إنني لا بد من التماهي مع نفسي، ومع كل ما درست، وخبرت، ومع هذا المخزون الثقافي الكبير، وهذا الموروث في عصر نحتاج فيه، على صعيد الأمة العربية، إلى أن نغرف منه، لأنه في هذه الحالة الضبابية التي نعيشها، وهذه الاضطرابات، يلزمنا الكثير من الشعر ومن الأدب ومن الجمال حتى نستمر، ويكون عيشنا أفضل».
وحول الحال في المجال الغنائي في العالم العربي، اليوم، تقول وهبة: «الفنان الذي اختار أن يقدم أغاني هابطة، وهي ما أطلق عليه «الفاست فوود» الغنائي، الذي يجنح إلى الاتجار بالموسيقى، لن يخطر على باله نص مهم لشاعر أو قصيدة مكتوبة على بحر العشق الجميل». وتستطرد وهبة شارحة: «من الصعب الجمع بين هذين العالمين، لكن هناك فكرة تخطر على بالي دائمًا؛ حبذا لو تقوم هذه المؤسسات الكبيرة التي تعنى بالثقافة، والتي لها علاقة بالسلطات، أن تجمع بين القامات الكبيرة في الغناء، كما كانت تفعل في الماضي. كان ذلك يتم في بيئة سياسية صحية، جمعت أعمال المبدعين وظلت تعيش معنا إلى زماننا هذا. لكن للأسف الشديد، نعيش الآن في ظل بيئات سياسية غير صحية، ومؤسسات لم تعد الثقافة من أولوياتها».
وعن مسيرتها الفنية، خصوصا خلال التغيرات السياسية التي باتت تشهدها المنطقة حاليًا، قالت وهبة إنه «من خلال مسيرتي الفنية، أسعى إلى تقديم الغناء على طبق من الثقافة. أعتقد أن الثقافة هي التي تحمينا، عندما تصل إلى الجمهور، ترسل له إشعاعات من أدب وثقافة وشعر. أنت تساهم ولو بشكل ضئيل، في تكوين ثقافة هي التي ستحميه في ظل الاضطرابات الكبيرة، وتجعله يفاضل بين الصالح والطالح. إذا ما حاولنا تأسيس ثقافة مستدامة، هي التي تحمي الناس في ظل العنف والاضطرابات، وتجعلهم يبتعدون عن الجهل والتعصب والعنصرية». وتضيف مؤكدة: «لست بحاجة لأن أغني لموضوع آنٍ أو ثورة فورية. أعتقد أن ما أقدمه يصب في خانة الغناء العالم الذي يهدف إلى الارتقاء بالمجتمع الذي يتخلص من مشكلاته مع مرور الزمن».
وأخيرًا، وعن الصعوبات التي تعاني منها وهبة في تمرير أغانيها في الفضائيات والإذاعات، تقول: «هناك صعوبة كبيرة، لأنني أقدم غناء يختلف عما تقدمه الفضائيات والإذاعات العربية، لكننا نربي الأمل على طريقة سعد الله ونوس ومحمود درويش، حيث بإمكاننا أن نوصل هذا الصوت إلى أبعد مكان». وتختم مضيفة: «أشعر بالسعادة يومًا بعد يوم، لأن الشباب بات يتلقف هذا الغناء، ويزاد فيه عدد العناصر الشابة في الحفلات التي نحييها عبر العالم العربي والعالم الغربي والزمن كفيل بأن يغربل النتاجات الفنية. ومشروعي الأهم هو أن يصل ألبومي وأغنياتي الجديدة إلى أكبر عدد ممكن من الناس والمستمعين».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».