القوات العراقية تنزع سلاح عشائر البصرة قرب حقلين نفطيين مهمين

مسؤول أمني: اعتقلنا أكثر من ألف مطلوب بتهم جنائية وإرهابية

نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في البصرة (أ.ف.ب)
نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في البصرة (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تنزع سلاح عشائر البصرة قرب حقلين نفطيين مهمين

نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في البصرة (أ.ف.ب)
نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في البصرة (أ.ف.ب)

أرسلت الحكومة العراقية فرقة عسكرية مدرعة وقوة ضاربة من الشرطة إلى مدينة البصرة الجنوبية لنزع سلاح السكان وسط نزاع شديد بين عشائر شيعية متنافسة. وتتولى القوات مهمة إعادة الهدوء إلى المناطق الريفية إلى الشمال من المدينة باتجاه حقلي غرب القرنة ومجنون النفطيين.
وقال قائد قيادة عمليات البصرة اللواء الركن سمير عبد الكريم جاسم «هذه العمليات هدفها الرئيسي نزع الأسلحة المتوسطة والثقيلة وإلقاء القبض على المطلوبين وفق الجرائم سواء كانت إرهابية أو سواء كانت جرائم جنائية. هذه العملية بدأنا بها بشمال البصرة بسبب أكثر النزاعات العشائرية التي تكثر في شمال البصرة واستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة يكون في شمال البصرة».
ونقلت وكالة «رويترز» عن جاسم أن هذه العمليات بدأت لأول مرة في أواخر ديسمبر (كانون الأول) بواسطة قوات من البصرة قبل دعمها بفرقة مدرعة من الجيش وقوة ضاربة من الشرطة أرسلتها بغداد في منتصف يناير (كانون الثاني) بعد زيارة قام بها إلى المدينة رئيس الوزراء حيدر العبادي. وأضاف جاسم أن قوات الأمن اعتقلت حتى الآن أكثر من 1000 شخص بتهم جنائية وتهم إرهابية وضبطت مدافع رشاشة وقذائف هاون وقذائف صاروخية (آر بي جي) وبنادق هجومية ومخابئ ذخيرة كبيرة.
واندلاع القتال العشائري والرد العسكري هما علامة على تزايد المشكلات التي يمكن أن تواجه شركات النفط الأجنبية على الرغم من أنها تعمل بعيدا عن مناطق الصراع مع تنظيم داعش. وأرغمت النزاعات العشائرية بغداد على تحويل موارد أمنية حساسة من الخطوط الأمامية مع المتشددين في الشمال والغرب إلى الجنوب، حيث تمثل حقول النفط أكثر من 85 في المائة من إنتاج الدولة.
وقال جاسم: «قسونا على العشائر التي قاتلت في الفترة الأخيرة وتابعناها بشكل مستمر للغاية حتى نوصل صورة للعشائر الأخرى بأن المجرم يلاحق سواء كان بالريف أو بالمدينة سواء كان بالصحراء سواء كان بالهور».
وعقد رئيس الوزراء حيدر العبادي الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في البصرة يوم 12 يناير، حيث دعا قوات الأمن إلى «الضرب بقبضة من حديد» على أيدي «العصابات التي تعبث بأمن البصرة».
ولاستعادة الهدوء إلى المناطق المضطربة قال جاسم إنه تم نزع سلاح العشائر حتى من الأسلحة الخفيفة على الرغم من أنه وفقا للقانون يُسمح للعراقيين بالاحتفاظ بالمسدسات أو بنادق الكلاشنيكوف الهجومية في منازلهم وأعمالهم.
وقال جاسم: «العشائر التي لا تستجيب للقانون ولا ترضخ للقانون نصادر حتى الأسلحة الخفيفة منها ففعلا بدأنا ببعض العشائر وصادرنا الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة». وتشكل شحنات النفط الخام من الجنوب كل مبيعات النفط للحكومة المركزية العراقية، حيث تواصل حكومة إقليم كردستان منذ منتصف 2015 إجراء مبيعات مستقلة في خلاف متصاعد حول حقوق صادرات النفط ومدفوعات الموازنة.
وقال نائب مدير عام شركة نفط الجنوب التي تديرها الدولة، صلاح مهدي، إن صادرات العراق من المنطقة الجنوبية لم تتأثر بالاشتباكات العشائرية. وأضاف: «الوضع الأمني بشكل عام هو وضع جيد والنزاع العشائري الموجود حاليا تأثيره غير مباشر والدليل لدينا زيادة في إنتاج النفط.. لدينا زيادة في التصدير وأيضًا لدينا وضع أمني جيد في كافة حقولنا النفطية». واعتبر أن التعزيزات الأمنية الأخيرة ستبعث رسائل اطمئنان إضافية إلى شركات النفط.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم