عاصفة ثلجية تاريخية تضرب الولايات المتحدة وتؤثر على حياة 85 مليون نسمة

مقتل 16 شخصًا وإلغاء أكثر من 4400 رحلة.. وإعلان حالة الطوارئ في 11 ولاية

رجل يتزلج أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
رجل يتزلج أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
TT

عاصفة ثلجية تاريخية تضرب الولايات المتحدة وتؤثر على حياة 85 مليون نسمة

رجل يتزلج أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
رجل يتزلج أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

قررت سلطات نيويورك رفع حظر التنقل الذي فرضته في وقت سابق على حركة السيارات بعد انخفاض حدة العاصفة الثلجية الهائلة التي ضربت المناطق الشرقية من الولايات المتحدة وأدت إلى إغلاق نيويورك وواشنطن.
إلا أن شبكة المترو لا تزال متوقفة عن العمل في واشنطن، ومن المتوقع أن يتواصل الاضطراب في حركة السفر جوا لعدة أيام.
وبدأ أميركيون محاولات الخروج من بيوتهم باستخدام الجواريف لإزاحة الثلوج وسط مخاوف بعد موت 6 أشخاص أثناء قيامهم بذلك، إذ وصل ارتفاع الثلوج في بعض المناطق إلى 103 سنتيمترات.
وكانت العاصفة قد ضربت المنطقة الأشد اكتظاظا في الولايات المتحدة مما أثر على 85 مليون نسمة، ووقعت 16 قتيلا على الأقل وشلت الحركة في الكثير من المدن الكبرى ومنها نيويورك، بدأت أمس (الأحد) عمليات إزالة الثلوج. وألغيت أكثر من 4400 رحلة وأغلقت مطارات نيويورك وفيلادلفيا وواشنطن وبالتيمور. كما علقت شبكة النقل العام نشاطاتها خلال عطلة نهاية الأسبوع في العاصمة الفيدرالية وحظر التنقل في مدينة نيويورك الأكثر كثافة سكانية في الولايات المتحدة.
وقتل 16 شخصا على الأقل بسبب سوء الأحوال الجوية بحسب مسؤولين محليين معظمهم في حوادث سير.
وأدت كمية تساقط الثلوج إلى انقطاع التيار الكهربائي في بلد نادرا ما تكون فيه الإمدادات الكهربائية تحت الأرض وتأثر أكثر من 200 ألف شخص بالأعطال.
وكانت العاصفة التي أطلقت عليها صحيفة «واشنطن بوست» اسم «سنوزيلا» متوقعة ما حمل السكان على التهافت إلى المحال التجارية للتبضع.
وفي كونتية لودون في فيرجينيا تساقط متر من الثلوج خلال بضع ساعات وفقا لمركز الأرصاد الجوية المحلي.
وفي واشنطن حيث تساقط مساء السبت 56 سنتيمتر من الثلوج علقت حركة الحافلات والمترو خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وفي نيويورك تساقطت الثلوج على حديقة سنترال بارك وبلغت سماكتها 64 سنتيمتر في مستوى لم يشهد له مثيل إلا مرتين منذ 1869. وعلقت حركة الحافلات والمترو والقطارات، وألغيت عروض برودواي وأقفلت المتاحف والمحال التجارية أبوابها وأعيد برمجة النشاطات الرياضية.
وبعد هدوء العاصفة ليلا يتوقع أن ترفع السلطات حظر التجول في نيويورك اعتبارا من الساعة 7:00 (12:00 ت.غ) ويعاد فتح شوارع المدينة والمحاور الرئيسية في لونغ إيلاند ونيوجيرسي.
وقال حاكم ولاية نيويورك آندرو كوومو الذي أعلن حالة الطوارئ «لا أحد يرغب في شل حركة النقل والتجارة. لكن هذه العاصفة كانت عنيفة جدا».
ويفترض أن تعمل خدمة النظافة في نيويورك طوال الليل لرفع الثلوج على المحاور الرئيسية في المدينة، حيث طمرت الكثير من السيارات.
كما علقت حركة النقل في واشنطن طيلة عطلة نهاية الأسبوع وتأثرت في فيلادلفيا ونيوجيرسي.
وعلق الآلاف من سائقي السيارات لساعات على الطرقات خصوصا في كنتاكي التي شهدت ليل الجمعة/ السبت ازدحاما خانقا على طول 60 كلم على الطريق السريع 75.
في نيوجيرسي وضع الحاكم كريس كريستي جانبا حملته للانتخابات التمهيدية الجمهورية للإشراف على عمليات الإغاثة. فقد تأثرت ولايته بقوة بالعاصفة التي تسببت بفيضانات في عدة مناطق ساحلية جنوبية.
وفي كل المنطقة ألغيت معظم الرحلات، لكن يتوقع أن تستأنف تدريجيا أمس (الأحد) مع رحلات مقررة ظهرا من وإلى نيويورك.
وبحسب تقديرات مسؤولين أميركيين قد تكون العاصمة تسببت بأضرار تزيد قيمتها على مليار دولار. وطوال نهار السبت طلب المسؤولون من المواطنين ملازمة منازلهم.
ووحده الباندا العملاق تيان تيان في حديقة الحيوانات في واشنطن لم يحترم هذه التوصية، والتقطت صور له وهو يتدحرج بفرح على الثلج.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».